الكتاب

أحمد يوسف التاي يكتب: الوجه الآخر للحواتة غير الإغاثة

نبض للوطن

 

(1)
كثيراً ما تناهى إلى أسماعنا، وكثيراً ما رأينا بأم أعيننا أن بعض المكلفين بدفع أموال الزكاة يتهربون من دفعها كما يتهربون من دفع الضرائب، ويسلكون طرقاً للإحتيال وينسجون سياجاً من الذرائع والحيل..لكن مالم اسمعه ولم أألفه من قبل، سمعتُه في مدينة الحواتة…سمعتُ رئيس لجنة المكلفين (دافعي الذكاة) الباقر الكبسور وهو أحد أعيان المدينة وتجارها يصرخ في وجه الأمين العام لديوان الزكاة بولاية القضارف بشير محمد عمر يطالبه بإنشاء مكتب للزكاة متخصص في أخذ زكاة عروض التجارة وأكد أن الهدف من ذلك أنهم كتجار ومكلفين بدفع الزكاة يريدون أن يطهروا أموالهم..ويضيف الرجل الزكاة ليست ذرة وسمسم ودخن فقط، عايزين زكاة الاموال والذهب وكل شيء..
وفي تقديري أن “الكبسور” وزملاءه المكلفين وصلوا إلى المنصة التي رأوا من خلالها أن الزكاة شعيرة عظيمة يجب أن تُأدى بصدق وإخلاص وخشوع كما تُأدى الصلاة والصوم والحج وبقية الشعائر الدينية المفروضة..

حينها أدركتُ وأنا أتابع برنامجاً لمكتب زكاة الحواتة مُقام على شرف زيارة أمين عام الديوان بالقضارف بشير محمد عمر، أدركتُ أن الحواتة ساحة للخير والإيثار والتعاون على البر والتقوى وليست في كل الأحوال بساطاً لإثارة جدليات الإغاثة وما أدراك ما الإغاثة وما أدراك ما دعوة المظلوم..

(2)
وكما في الحواتة مكلّفون مختلفون في نظرتهم لهذه الشعيرة العظيمة، وجدنا أيضاً، والحقُ أقول..والحقُ أقول، وجدنا خادماً للمساكين والفقراء وليس مديراً لمكتب زكاة الحواتة.. وأظن أن ذلك أمرٌ يعرفه كل الناس هناك، وهم يحدثونني عن رجل يلقبونه ب(السلطان) إذا سمع أحداً يستغيث في الشارع أو المساجد ويشكو بثه وحزنه للناس سارع إليه السلطان أحمد محمد صالح بهدوء ودون ضوضاء وقبل أن يكمل شكواه ويطلب منه الحضور إلى المكتب ويعالج مشكته، حتى سمعتهم يدعونه بأبي المساكين ولعمري هذا يكفي في حق مدير مكتب زكاة..لذلك كان الرجل مختلف عن نظرائه مثلما اختلف المكلفون في الحواتة عن نظرائهم.. أقول ذلك وأعلم يقيناً أن أغلبية مديري مكاتب الزكاة ليس مرضيٌ عنهم فهم محل نقد متواصل وعدم رضا من المحتاجين..ليت مسؤولو الزكاة جميعاً يدركون أنهم عباد مكلفون بخدمة خلق الله المحتاجين ولهم اجر المناولة والثواب عند الله، فهي فرصة أتيحت لهم ، ووضع اختاره الله لهم ليخدموا عباد الله المعنيين في المصارف، وليس هناك شرف أعظم من ذلك، ولكن أكثرهم لايعقلون..

(3)
ومثلما رأينا نموذجين مختلفين ..دافعي زكاة مختلفين ومدير مختلف، فقد سمعنا ولم نَرَ (عشان نكون دقيقين) سمعنا قصة إيثار الفقراء والمساكين بالحواتة فقد قابلوا توجهات السلطان أحمد صالح القاضية بتخصيص أموال الزكاة بالحواتة لمسح أدمع النازحين المقهورين المطرودين المشردين من ديارهم، قابلوها بكل الرضا..

فعندما خصص مدير مكتب الحواتة إيرادات الزكاة لإيواء النازحين وسد رمقهم ومعالجة مرضاهم، فقد رضي الفقراء والمساكين بالحواتة عن هذا التوجيه وتقبلوه عن طيب خاطر وبصدر رحب واستغنوا فاغناهم الله من فضله…ألم أقل أن الحواتة مختلفة في فهم وتطبيق شعيرة الزكاة، كيف لا وقد بلغ الربط الإيرادي فيها 314%ووعد المكلفون أن يصل الربط ألفاً بالمائة، فهنيئا لكم أيها الأخيار.

(4)
ولهذا لم يكن مستغرباً أن نشهد إنجازات حقيقية وأيدٍ بيضاء تمتد للنازحين بسخاءٍ إيواءً ومأكلاً ومشرباً وكساءً في 23 مركز إيواء لحوالي (250) أسرة نازحة وتوزيع زي مدرسي ل 1000 طالب وتلميذ من الفقراء والمساكين، كما امتدت تلك الأيادي البيضاء إلى دعم إرتكازات القوات المسلحة والمتطوعين بأكثر من 20مليون جنيه…شكراً ديوان الحواتة على كل هذا العمل الطيب..اللهم هدا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:
ضع نفسك عي الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى