الكتاب

أحمد يوسف التاي يكتب: من أرض المحنة من قلب الجزيرة

نبض للوطن

 

(1)
قلتُ بالأمس أن تحرير مدني لم تفصلنا عنه إلا ساعات قلائل،أو ربما اختيار توقيت الإعلان الرسمي..ذلك الحدث الذي ظل ينتظره كلُّ مفجوعٍ وموجوعٍ، وكلُّ طريدٍ شريدٍ تحجرت دموعه في المآقي ولم تزل أسيرة الأجفان..ويترقبه كلُّ وطنيٍّ أصيلٍ ، ذلك لأن ولاية الجزيرة دون غيرها لاقت صنوفاً من الأذى والإذلال والحرمان من الميليشيا المجرمة، فاستسهلتها المجازر واستباحتها الفظائع، واسترخصتها “المساخر”، حتى استُهِين الشرف الرفيع، فهل تحدثني بعد ذلك عن الأموال والممتلكات المنهوبة والدور المستباحة، فماذا بعد الشرف؟؟!!.
الآن كل الشعب السوداني (مدنيُّ) المشاعر والأوجاع والآلام، ذلك لأن مدني هي قلب السودان النابض بالحيوية والجمال والطاقة الإيجابية…ولأن تحرير مدني يعني عملياً نهاية الحرب.
(2)
ذلك لأن أهل الجزيرة دون غيرهم كان استهدافهم أكبر ونازلاتُهم فاجعات، وفواجعُهم نازلات تهد الجبال الرواسي، فما تحمله أهلنا في الجزيرة كان أكبر من طاقة البشر ومالم يكن في الحسبان..
فقد تحملوا أقسى صنوف الغدر والإفقار والإذلال والتهجير والتشريد، والتنكيل.
(3)
ذلك لأنهم كانوا مسالمين لا يعرفون طبائع العنف..ولا الغدر ولا الإجرام..
ذلك بأنهم رضعوا من أرض المحنة حناناً ومحبة ومن سمائها كرماً ونبلاً وترفعاً عن الصغائر فكانت المحنة والطيبة والرحمة والدمعة القريبة سجايا تلكَ فيهم..
(4)
ذلك بأنهم لم يعتدوا على جار ولم يغدروا بمعاهد ولم يقطعوا الطُرق إلا طريقاً واحداً وهو طريق الخرطوم مدني في “رمضان” ليُفطروا الصائمين ب(الرجالة)، وب (الطلاق) المغلظ..
أمثل هؤلاء يُهانون ويضامون وينتهك شرفهم؟ أم يكافأون على النخوة وكريم الأخلاق؟..
لكل ما تقدم فإن تحرير مدني له طعم خاص عند كل السودانيين، لتعود البسمة إلى إلى شفاهٍ اثقلها الحزن، و ليعود قلب الجزيرة النابض بالحنان ليتدفق في شرايين أهلها وحُباً ونقاءاً وصفاءاً.. ولتستعيد الجزيرة مكانها الطبيعي تهدي لكل أهل السودان الخضرة والجمال والقمح والحب دون استثناء كالورد ينفحُ بالشذى حتى أنوف “السارقين”…
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى