الكتاب

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: البصيرة أم حمد

خاص صوت السودان

(1)

على الرغم من فظاعة الأحداث التي عايشناها لحظةً بلحظةٍ، بكل وحشيتها وتفاصيلها المؤلمة، وفجيعتنا في مَن كنّا نظنهم إخوةً في الدين والوطن فإذا هم أفاعي تنفث سموم الحقد والغل بكل قسوةٍ ووحشيةٍ، إبادةً جماعيةً واغتصاباً لإخواتهم السودانيات وإذلالاً للشيوخ من ذوي اللحى الكثيفةٍ البيضاء، وقتلاً للأطفال الرضع ونهباً للاموال وتهجيراً من الديار وتشتيتاً لشمل الأسر…

على الرغم من هذا الدرس القاسي والتجربة المريرة نجد أن السياسيين، لم يتعلموا شيئاً من هذا الدرس وليسوا على استعداد لتعلُّم شيئاً مما كان..حتى الذين كنّأ نظنهم عقلاء فاجأونا برسالة مفتوحة مفادها:إننا معشر السياسيين السودانيين لم نتعلم شيئاً من درس الحرب ولن نتعلم، مازلنا في غيِّنا سادرون.. أو هكذا أوحت إلينا الوزيرة السابقة والقيادية في حزب المؤتمر الوطني..

(2)

 قبل بضعة أيام طالعتُ تصريحاً للوزيرة في نظام الإنقاذ السابق سناء حمد والتي كنتُ أظنها أكثرُ حكمةً واتزاناً، حاولت سناء من خلال التصريح تبرير أفظع خطأ رتكبه حزبها “الوطني” الحاكم، وهي تشير إلى أن تكوين الميليشيات أمر عادي جداً ولاينبغي أن يحاسب حزبها والحركة الإسلامية على تكوين ميليشيا الدعم السريع والتمكين لها ،وذلك بقولها:(إن الحزب والحركة لا يُحاسبان على قرار تكوين المليشيا وتمكينها، ولايتحملان اي مسؤولية في ذلك) وتضيف: (أن تكوين الميليشيا أمر عادي في تاريخ الدولة السودانية، الانجليز استعانوا بميليشيا قبلية إبان فترة حكمهم للسودان لحسم عدد من الثورات، وفي عهد الصادق المهدي تم تكوين قوات المراحيل واخذت ترتيب اقرب لوضع الدولة..فقط

المقلق كان احضار الدعم السريع من دارفور للعاصمة الخرطوم وهو قرار يُسال عنه الجيش)..هكذا قالتها الوزيرة السابقة دون أن يطرف لها جفن.. فهل فكرتي ياسناء قبل أن يصدر منكِ هذا؟ وهل تمعنتي آخر كلامك: (المقلق كان هو احضار الدعم السريع من دارفور للعاصمة الخرطوم)..وهناك في دارفور ماذا كانت تفعل هذه الميليشيا هل (شالت الناس على كفوف الراحة) أم فعلت مافعلته الآن في بقية أقاليم السودان؟!!..

وإذا كان هذا هو منطق العقلاء المتوازنين أو من كنا نظنهم كذلك، فكيف هو منطق المتنطعين والصقور والمهوسين والذين لايروق لهم العيش والكسب إلا في ظل الكوارث والحروب والكرب العظيم.

(3)

تبرير سناء حمد لكارثة تكوين الدعم السريع أشبه بتبرير الشخص الذي يرتكب الموبقات في نهار رمضان وهو يعلم بقبح خطيئته ولم يستطع الدفاع عن نفسه ولم يجد إلا أن يقول: (فلان ماعمل كِدا، وفلان ما عمل كِدا، وفلانة أيضاً، بس بقت علي أنا)..

هكذا بدت الوزيرة في استحلال هذا الجُرم وتبريره بأن الإنجليز فعلوها، وناس الصادق فعلوها..الخ) فهل مايرتكبه الآخرون من أخطاء يصبح لنا مبررا لاقتراف ذات الخطأ.؟ فهل هذه السُّنة السيئة أصبحت تقليداً وأمراً عادياً لكون الانجليز جاءوا بها، واقتفى أثرهم في ذلك الصادق المهدي..

لعل السيدة سناء قرأت الكم الهائل من المقالات والمقابلات التلفزيونية والصحافية التي أكثرت من النقد لحكومة المهدي لكونها اول حكومة وطنية كونت قوات قبلية أو ما يسمى بالمراحيل..لم اجد كاتباً أو مسؤولا يبرر خطوة حزب الأمة في تكوين ميليشيا بل عند الجميع كان ذلك عملاً غير صالح ومستهجن فمتى كان ذلك العمل الممقوت مبرراً لصناعتكم التي جلبت الموت والدمار والعار والشنَّار..

(4)

لو كنتُ مكان الوزيرة السابقة سناء لاعترفتُ بهذا الخطأ الاستراتيجي القاتل، ولاعتذرت لكل بيت سوداني دخلته ميليشيا النظام السابق عوضاً عن تبرير أكبر خطيئة في تأريخ السودان …

أعود وأقول هكذا هو منهج التفكير البائس عند النخب السياسية، وهكذا هم بلا استثناء يغرقون في مستنقعات “الميكافيلية” الآسنة وعندما أقول بلا استثناء فإني أعني ما أقول ، ولأني أعلم أيضاً أن هناك من الأخطاء والخطايا الجسام ارتكبتها قوى الحرية والتغيير واسهمت في هذه الأوضاع ، وليس هناك ما يشير إلى أنها تعلمت شيئاً من أخطائها..

فأنتم عندنا سواء مشتركون في الجرم والأخطاء، متشابهون في افعالكم واقوالكم و”حركاتكم”، هل قلتُ حركاتكم؟ الحمد لله لم أنسَ أحداً…اللهم هدا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك عي الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى