الكتاب

أحمد يوسف التاي يكتب: السيناريو الأسوأ (2-2)

نبض للوطن

(1)
الوضع الحالي بمعطياته الراهنة يمضي في إتجاهين… الأول: إستمرار الحرب وإطالة أمدها بدعم من الخارج، كلٌ يدعم حسب أهدافه وغاياته سواءً أكانت حميدة أو خبيثة..
الثاني: إيقاف الحرب عن طريق صفقة “تسوية سياسية” أو انتصار طرف على الآخر.. وفي كلا الحالين سيكون الدور المؤثر للخارج وحده حرباً أو سلماً بما يحقق أهدافه ومصالحه…

وهنا يبرز التحدي : هل قيادات البلاد تمتك الإرادة الوطنية والسياسة بقدرٍ يحصنها من تأثيرات نفوذ الخارج وفرض أجندته؟.

(2)
أولاً استمرار الحرب وإطالة أمدها بدعم وإمداد عسكري من الخارج: هذا السيناريو تترتب عليه عدة نتائج أبرزها:
《 أ 》تحول البلاد إلى ساحةٍ لصراع الأجندات الدولية، ومضمارٍ لسباق المخابرات العالمية، على نحو يخصم الكثير من السيادة الوطنية.

《ب》سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، وتصاعد وتيرة الإنتهاكات وجرائم الحرب وتدمير البنيات التحتية.
《ج》ويترتب على النقطة عاليه التبرير المنطقي للتدخل الدولي السافر في شئون البلاد سواءً أكان عسكرياً تحت البند السابع أو سياسياً.

《د》تحوُّل الحرب إلى حرب أهلية وقد كانت آخر مؤشرات ذلك تهديدات حميدتي باستهداف بعض القبائل والحواضن الإجتماعية، وبالمقابل هناك قبائل محددة تشكل حواضن للدعم السريع لاشك أنها ستكون هي الأخرى هدفاً في حال استطال أمد الحرب التي تغذيها الأحقاد والكراهية.
《 و》توالد وتناسل الانتهازيين وتجار الأزمات وسماسرة الحروب الذين يعشقون العيش تحت غبار المعارك وهم ابعد الناس عنها.

《ز》تسهيل عملية تفكيك الدولة السودانية وجيشها وسرقة مواردها…

النقاط الست أعلاه تمثل نتائج طبيعية لسيناريو إستمرار الحرب وإطالة أمدها عن طريق تدفق إمدادات الأسلحة من الخارج..

(3)
ثانياً إيقاف الحرب سواءً عن طريق الحسم العسكري أو التفاوض..

وهذا السيناريو أيضاً ينطوي على نتائج لاتقل خطورة عن سابقاتها وذلك على التالي:

《1》بعد نهاية الحرب ستبرز كل القوة العسكرية التي شاركت في الحرب على أنها صاحبة النفوذ وتحاول فرض سيطرتها وأجندتها وإبعاد الآخرين بحجة أنها القوة التي ابليت بلاءً حسنا في الميدان..

《2》 سيعود الصراع على أشده بين اليمين الذي يعتبر نفسه صاحب الفضل في التصدي لمشروع الدعم السريع ومواجهته عسكرياً، واليسار الذي ينظر لمشاركة الاسلاميين في الحرب على أنها محاولة لاستعادة السلطة، وعليه سيكون الصراع بين الطرفين مصحوباً بهذه الهواجس التي ستجعله أشد وطأة وأعقد مما كان.

《3 》سترتفع حدة الإستقطاب والاصطفاف السياسي وتصعد لغة التخوين والاتهام بالعمالة والارتزاق كسلاح لإبعاد الخصوم ووسيلة للإقصاء .

《4》ستبرز بعد الحرب قوى سياسية هشة خائرة سهلة الاختراق متنافرة تعكس بؤس السياسة، على نحو يغري العسكر باستلام السلطة تحت لافتات ديمقراطية صورية.
《5》المرارات التي نتجت عن الانتهاكات وجرائم الحرب من جانب عناصر الدعم السريع ستجعل التعايش مع هذه العناصر وحواضنها أمر تعتريه الكثير من الصعاب، مما يضفي تعقيداً جديدا للأزمة

(4)
كل ماذكر من النتائج المترتبة على السيناريوهين يشكل تحد كبير أمام الإرادة الوطنية وعقلاء السودان للتفطن لهذه الألغام بغرض تجاوزها بحكمة وبأقل الخسائر ويبدو الأمر ممكناً جداً إذا كان استقرار الوطن وشعبه هو الهم الوطني لا الرغبات الشخصة والنزوات الذاتية والمصالح الحزبية…اللهم هدا قسمي فيما أملك.

نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى