(1)
لامراء أن التأريخ الحديث سيسجل أغرب حرب في صفحاته السوداء…حربٌ حدثت بالسودان في 15ابريل 2023..حربٌ أقل ما تُوصف به أنها حرب تافهة قذرة… حربٌ على الشعب والأخلاق..
حرب غريبة في منطقها وأهدافها..غريبة في طبيعتها التي لاتشبه طبائع الحروب وقواعدها واعرافها…غريبة في العقيدة القتالية لمحاربيها…وفي إنضباط المقاتلين فيها..غريبة في كل شيء.
راعيها وممولها أكبر مستبد وقاهر لشعبه يتنفس الديكتاتورية ومع ذلك يموِّل ويرعى حرباً يُزعمُ أن هدفها الأساسي هو توطين الديمقراطية في السودان..!!.ألم أقل أنها غريبة في منطقها وأهدافها..
واللاعب الخفي فيها معروف فهو يمسك بكل خيوط اللعب ويخطط بدقة متناهية ويخفي نفسه داخل أكمام الجلابية العربية الناصعة “الضيقة”، ولايظهر منه إلا بصماته الخبيثة التي يعرفها كل العالم..كل الذي يفعله يُحرك رقعة (الشطرنج المحلية) بأصبع عربية يراها الناس رأي العين… ألم أقل أنها حرب غريبة في كل شيء..
(2)
حربٌ غريبةٌ في أهدافها ومنطقها لأن الذي يخوضها يحاول إقناعك بأنه يحارب من أجل الديمقراطية والحرية وسيادة القانون وبناء مؤسسات الدولة المدنية، ولإثبات ذلك يخرجك من بيتك قسراً لتعيش مرارات التشريد، وأوجاع النزوح وآلام الملاجيء، وإن لم تستجب فتشهَّد على روحك إن استطعت قبل أن تستقر الرصاصة في قلبك أو رأسك..ألم أقل أنها غريبة في منطقها وأهدافها.. إنها ديمقراطية “الشفشفة“…
شفشفة حُلي النساء من أساور وحلقان والأواني المنزلية والعاب الاطفال والذكريات العزيزة والتأريخ.
الأبواق المشروخة تحاول هي الأخرى إقناعك بأن هذه الحرب من أجل ان تعيش عزيزا موفور الكرامة في دولة القانون ، ثم تشرع في تبرير القتل والنهب والاغتصاب بحجج موغلة في السذاجة..
ومن غرائبها ان يتسور منزلك (لصوص) حقراء
ينهبون أعز ما عندك، وينتهكون أغلى ما تُراق في سبيله الدماء وتُقدم لأجله الأرواح رخيصةً، أو يهينون كرامتك وكله ذلك أجل تثبيت أركان الديمقراطية في أركان بيتك اولاً…ألم اقل أنها حرب غريبة المنطق والأهداف.
(3)
وغريبةٌ أيضاً في طبيعتها..فللحروب نبل وقيم وقواعد وأخلاق هذه طبائع الحروب.. ففي غمرتها تُصان أعراض الخصوم، تحمى نساؤهم واطفالهم وضعيفهم من العجزة والمسنين ولايجهز فيها على جريح ولايقتل فيها أسير..
أما هذه التي نحن بصدد الحديث عنها تتم فيها مداهمة القرى الآمنة التي لايوجد فيها أثر لسلاح أو مقاتلين وتُترك فيها مواجهة الجيوش،لذلك اكثر ضحاياها الذين دفعوا الثمن الغالي هم المدنيون العزل والأطفال والنساء والمسنون…مداهمات وهجوم مباغت ومجازر بشعة للمدنيين ثم (شفشفة) نضيفة لم تترك حتى ملعقة الشاى وإبريق (الجِمار)..ألم أقل أنها حرب تافهة قذرة غريبة في كل شيء..
(4)
وغريبة أيضاً في تقاطعاتها السياسية والإجتماعية
…الحواضن السياسية الظاهرة والمستترة فيها عوضاً عن لعب الدور السياسي الحكيم الوطني الإيجابي تلعب دور نافخ الكير…كير في الفتنة العنصرية، وكير في النزاعات القبلية، وثالث في إحماء الصراع السياسي الذي يغذي الحرب.. الحرب التي باتت حرباً ضد المواطن والوطن..تنهب المواطن وتقتله وتدمر البنيات التحتية ومؤسسات الدولة العامة وتحطمها…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.