الحرب التي اندلعت قبل عام وشهرين وثمانية عشر يوماً لا زالت جمرتها متقدة ونارها مشتعلة بل تزداد إشتعالاً وتعقيداً كل يوم بكل أسف ولم يمر السودان بمثلها في تاريخه الطويل الممتد منذ الأزل ولا مثيل لها في كل الحروب التي شهدها العالم في تاريخه الطارف والتليد وما حدث فيها يدرك تفاصيله حتي الأطفال الصغار ولا يحتاج لإعادة واجترار .
ولا داعي لدفن الرؤوس في الرمال وخداع النفس والكذب عليها وكل المؤشرات وقرائن الأحوال في الخارج والداخل والأحداث المؤسفة المحزنة الأخيرة تؤكد أنها بصورتها وطريقتها هذه ستصبح حرباً مفتوحة والقوى الأجنبية المعادية للسودان تريد ذلك والمجتمع الدولي يتفرج ولا يحرك ساكناً والدولة الكبيرة ومن يدورون في فلكها لا تهمهم الفظائع والمآسى الانسانية التي تحدث في السودان ولا يهمهم إذا غرق هذا الوطن أو إحترق وكل الذي يهمهم هو إعادة عقارب الساعة والزمان للوراء والعودة لتطبيق ما كانوا يسعون لفرضه قبل إندلاع الحرب بتكوين حكومة ضعيفة تكون ذيلاً ذليلاً تابعاً لهم للسيطرة علي موارد السودان الضخمة وثرواته الهائلة بعد إختراق سيادته و سلب إرادته وكرامته الوطنية .
والوضع في السودان معقد للغاية وقد تكالب عليه الأعداء كما تكالبت الظباء على خراش …. والذين يضعون أيديهم في المياه الباردة ويعيشون في أمن وأمان ورغد من العيش بعيداً عن الحرب ولهيبها ليسوا مثل الذين يضعون أيديهم في المياه الساخنة ويطأون على الجمر ويعانون من الحرب وفظائعها ولابد من التفكير في إيجاد مخرج من هذا الوضع المأساوى .
والضرورات تبيح المحظورات وتبيح عند الضرورة القصوى أكل لحم الخنزير للنجاة من الهلاك والموت
والبعض هنا ينتفض عندما يسمع كلمة مفاوضات كأن عقرباً قد لسعته ولكن لابد مما ليس منه بد والمفاوضات لا تعني أن يكون المفاوضون علي درجة من الضعة والضعف والانكسار النفسي وتقتضي الأصالة والعزة الوطنية أن يكون المفاوضون علي درجة من القوة والصلابة والقدرة على الابانة ووضوح الرؤية دون أن يكون لأي واحد منهم مطامع شخصية أو حسابات ذاتية ومصالح الوطن العليا ينبغي أن تعلو علي حسابات ومطامع الأفراد .
والمفاوضات ينبغي أن تكون ذات شقين أحدهما شق عسكري قائم بذاته وشق سياسى منفصل عنه تماماً .
ويشارك في المفاوضات العسكرية عسكريون سودانيون مهنيون متقاعدون ووطنيون مخلصون غير مؤدلجين وغير مسيسين وقطعاً انها ستكون مفاوضات شاقة ليست سهله ولكن بالجدية وقوة الإرادة يمكن الوصول لحلول ناجعة ناجزة مع مناشدة الأحرار الخيرين في العالم من الذين لهم حس إنساني رفيع المساهمة في جمع مكون مالي كبير للترحيل وبقية المطلوبات ..الخ
أما الشق السياسى فإن علي الذين يتنابذون بالألقاب ( قحاتة – فلول – بقايا أحزاب ) أن يدركوا أنه ليس من الشهامة والمروءة والنخوة تكالب شريحة صغيرة من كل طرف منهم علي السلطة وكراسيها في هذا الوقت والوطن يئن من المعاناة وعليهم أن يتفرغوا لتنظيم أنفسهم خلال الفترة الأنتقالية القادمة التي نأمل أن يشغل فيها الوظائف الدستورية ويقود مسيرتها الخبراء الوطنيون المخلصون والتكنقراط الذين لن يثيروا قضايا خلافية أو ينشغلوا بمسائل إنصرافية وقطعاً انهم سيتعاملون مع العالم بأفق واسع ونأمل أن يتعامل معهم العالم بجدية ويقيم مع السودان شراكات إقتصادية وتجارية قوية واستثمارات ضخمة عبرمؤسسات الدولة بلا غطرسة وعنجهية إستعمارية .
ولابد من إيقاف هذه الحرب وهذا واجب ديني وأخلاقي وإنساني