الكتاب

يسلم ابراهيم حسن: تآمر جماعة “تقدّم” وفشل الإعلاميين والمثقفين في كشف الانتهاكات على الشعب السوداني

خاص صوت السودان

بلا رتوش

بقلم يسلم ابراهيم حسن

أصبحت السودان اليوم في مواجهة أزمات مركبة، من الصراعات إلى الأزمات الاقتصادية والإنسانية المتفاقمة، في ظل غياب حكومة فعّالة و داخلية تهدد استقراره. خلال هذه الظروف، واجه الشعب السوداني نقصاً حاداً في الدور الذي من المفترض أن يلعبه الإعلاميون والمثقفون، والذين كان من الممكن أن يشكلوا صوتاً صادحاً يعكس ما يعانيه الناس من انتهاكات متكررة. هذا الغياب الإعلامي ترك الساحة مفتوحة لجماعات متآمرة كـ”تقدّم” لتنشر أجنداتها الضارة وتبث سمومها، ما يزيد من تعقيد الأوضاع وخطورة المشهد.

فشل الإعلاميين والمثقفين في توثيق ونقل الانتهاكات

أحد الجوانب الأكثر وضوحاً في هذه الأزمة هو ضعف دور الإعلاميين والمثقفين في نقل الواقع السوداني وكشف الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب. ويمكن تقسيم هذا الفشل إلى عدة أسباب رئيسية:

1- ضعف التوثيق الإعلامي للانتهاكات

رغم الأحداث المأساوية التي مر بها الشعب السوداني، فشل العديد من الإعلاميين في توثيق الجرائم والانتهاكات بشكل شامل ومنهجي. في ظل الصراعات، يُعتبر التوثيق وسيلةً أساسية لكشف الانتهاكات وضمان المحاسبة، لكن الإعلاميين السودانيين لم يتمكنوا من لعب هذا الدور. يعود ذلك أحيانًا إلى قلة التدريب والإمكانيات، وأحيانًا إلى الخوف من المخاطر، مما جعل الشعب يواجه مصيره دون دعم إعلامي كافٍ.

2- تسييس الإعلام وانحيازه لأجندات محددة

العديد من وسائل الإعلام السودانية تتبع جهات سياسية أو أجندات معينة، مما يقيد قدرتها على التغطية الشفافة للحقائق. هذه الانحيازات جعلت من الصعب على المواطن والمجتمع الدولي تكوين صورة واضحة حول ما يحدث فعلاً في السودان، وجعلت وسائل الإعلام تبدو وكأنها معزولة عن معاناة الشعب.

3- التأخر في استخدام التقنيات الحديثة

رغم الانتشار الواسع للتكنولوجيا، لم يتمكن الإعلام السوداني من الاستفادة الكاملة من الأدوات الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي لتوثيق الانتهاكات ونشرها على نطاق واسع. ضعف البنية التقنية وغياب التمويل اللازم عرقل هذه الجهود، وجعل صوت السودان ضعيفًا على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

4- غياب الإعلام المستقل وضعف المبادرات المجتمعية

مع ازدياد الضغوط على الإعلاميين المستقلين، أصبحت وسائل الإعلام غير قادرة على تقديم محتوى موثوق ونقل الحقيقة. كذلك، تفتقر السودان إلى مبادرات إعلامية مجتمعية قوية تمكّن المواطنين من توثيق معاناتهم ونقلها. هذا النقص سمح لجماعات مثل *تقدّم* بالتسلل واستغلال الفراغ الإعلامي لصالحها.

5- تشتيت الرأي العام وغياب التحليلات العميقة

يفتقر الإعلاميون والمثقفون السودانيون إلى تقديم قراءة تحليلية واضحة للأحداث، مما يجعل الرأي العام في حالة ضياع وارتباك. هذا الفراغ أدى إلى اتساع فجوة الثقة بين الشعب ووسائل الإعلام، ما فتح الباب لجماعات مثل *تقدّم* لنشر خطابها الهدام.

دور جماعة “تقدّم” في التآمر على السودان وخيانته

في هذا السياق الحرج، استغلت جماعة *تقدّم* غياب الدور الفعّال للإعلاميين والمثقفين وانخرطت في مؤامرات تهدف إلى تحقيق مصالحها الخاصة على حساب أمن السودان وسيادته. برز تآمر *تقدّم* وخيانتها للوطن من خلال عدة ممارسات مشبوهة أضرت بالبلاد بشكل مباشر:

1- التحالف مع جهات خارجية

تعمل *تقدّم* على بناء تحالفات سرية مع أطراف خارجية، حيث تسعى هذه الجهات لتحقيق أجنداتها الضيقة من خلال التدخل في الشأن السوداني، متجاهلةً ما قد يسببه ذلك من آثار سلبية على استقرار البلاد. هذا التآمر الخارجي يقوض السيادة الوطنية، ويعكس رغبة الجماعة في التضحية بمصالح الشعب لتحقيق مكاسب سياسية.

2- الترويج لأجندات هدامة عبر وسائل الإعلام

عبر استغلال الفراغ الإعلامي، تنشر جماعة *تقدّم* خطابًا يشوّه الحقيقة ويمس بثقة الشعب في مؤسساته. حيث تقوم الجماعة بخلق انقسام بين الشعب وقيادته، مما يزيد من التوترات الداخلية ويقوض الروح الوطنية، محولةً وسائل الإعلام إلى أداة لبث التفرقة وتأجيج الفتن.

3- إضعاف القوات المسلحة والمؤسسات الأمنية

تسعى *تقدّم* إلى إضعاف الجيش والأجهزة الأمنية، عبر نشر الشائعات والهجوم الإعلامي، لجعلها عرضة للاستهداف من قبل الجماعات المسلحة. هذا التآمر يستهدف بشكل مباشر قدرة السودان على حماية نفسه، ويمهّد الطريق لحدوث المزيد من الانتهاكات دون ردع.

4- خيانة المبادئ الوطنية عبر التحريض الداخلي

لا تكتفي *تقدّم* بنشر الفتن، بل تستغل منصاتها الإعلامية للتحريض ضد الشخصيات الوطنية التي تسعى لتحقيق الاستقرار، عبر حملات تشويه تهدف لإضعاف الوطنيين ومنعهم من توحيد صفوف الشعب. تتجاهل الجماعة بذلك المبادئ الوطنية، حيث تضع مصالحها وأجنداتها الخاصة فوق أمن السودان واستقراره.

فشل القيادة في تشكيل حكومة وإدارته للدبلوماسية الخارجية

من العوامل التي أسهمت في تعقيد الوضع في السودان هو عدم قدرة القيادة على تشكيل حكومة فاعلة تدير الأوضاع الحالية. هذا الفراغ الحكومي لم يؤدِّ فقط إلى ضعف داخلي، بل أضعف كذلك قدرة السودان على التحرك دبلوماسيًا، ما زاد من عزلته الدولية وأفقده حلفاءه وداعميه:

تراجع الدعم الدولي: غياب حكومة مركزية جعل الدول والمنظمات الدولية تتردد في تقديم الدعم الضروري، ما زاد من تعقيد الأزمات الإنسانية والاقتصادية.

ضعف التمثيل الدبلوماسي وفقدان الثقة الدولية: جعل عدم وجود حكومة تمثل البلاد في المحافل الدولية السودان يبدو هشاً وغير مستقر، مما أثّر سلبًا على مواقفه في قضايا إقليمية حساسة.

صعوبة التنسيق مع المنظمات الإنسانية: تفاقم الأزمات الإنسانية بسبب غياب حكومة قادرة على التنسيق مع المنظمات الدولية، مما جعل من الصعب وصول المساعدات لمستحقيها.

كيف يمكن التصدي لهذه التحديات؟

التحديات التي تواجه السودان اليوم تتطلب تحركًا جماعيًا يشمل جميع الأطراف الحريصة على مصلحة الوطن، من الإعلاميين والمثقفين، إلى المؤسسات الوطنية والقوى الشعبية. التصدي لجماعة *تقدّم* وجماعات أخرى تهدد السودان يكون عبر:

تعزيز الإعلام الوطني: دعم إعلام محايد ومستقل لكشف التآمر والانتهاكات وتوعية الشعب بمخاطر الجماعات المتآمرة.

دعم المؤسسات الوطنية: ضمان تحصين الجيش والأجهزة الأمنية ضد محاولات التلاعب من الداخل والخارج.

محاسبة المتورطين في التآمر: بدء إجراءات قانونية وطنية لمحاسبة كل من يتورط في تهديد أمن السودان واستقراره والتوثيق الان لكل جرائمهم حتي ولو كان الحساب لاحقا لكن يجب ان يكون حساب رادع.

توحيد الصف الوطني: عبر تفعيل دور المثقفين والإعلاميين الملتزمين بالدفاع عن سيادة السودان وحقوق الشعب.

إن أزمات السودان الحالية ليست مجرد تحديات سياسية، بل تهديدات وجودية تتطلب الوعي والعمل الجاد، وإحياء دور الإعلاميين والمثقفين كصوت للشعب والحق، لتوجيه الرأي العام وتوحيد الصفوف في مواجهة أي أجندات خبيثة تهدد سيادة وأمن البلاد.

لكن كما قال لي احد القياديين الوطنيين نحن في مرحلة تسطير تاريخ جديد للسودان وجغرافيا جديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى