الكتاب

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: في ذكرى الطيب مصطفى…رحمك الله يا أبا عبدالله

خاص - صوت السودان

كنتُ والله على ما أقول شهيد أنوي الكتابة عن الراحل الطيب مصطفى وهو على قيد الحياة لأدفع عنه بعض الإتهامات التي يطلقها بعض خصومه وشانئوه بغير علم وهم لايعرفون عن أخلاقه وتعامله ورقة قلبه وكثير من صفاته التي لايعرفها إلا من عاشره وتعامل معه عن قرب ، ولعل الأساتذة صلاح عووضة ، ومحمد عبد الماجد ، وعمر الجزلي، والمسلمي الكباشي قد ذكروا منها في أوقات سابقة ،ولكن لابأس أن نذكر بعضها ولتكن شهادةً مني لله رب العالمين طالما ملأ بعض الغوغائيين الأسافير بمنشورات شامتة تنم عن خلق ذميم وسلوك فاسد، وهؤلاء لايعرفون هذا الرجل إلا بمقدار التأثير الذي يقع تحت وطأته ضحايا الشائعات الأسفيرية، وبشيء من السطحية…عملتُ مع عدد من الناشرين ـ باستثناء الراحل الأستاذ محمد أحمد كرارـ فلم أجد أصدق من الطيب مصطفى مقالاً، ولا أوفى منه ذمة، ولا أنبل منه عهداً ، فإذا تكلم صدق، وإذا وعد أوفى، لايداهن ولايماري ولايراوغ ، عزيز النفس موفور الكرامة ، غيور على دينه وعقيدته ،فقيه عالم بأمور دينه ، صبور على الأذى، صلب العود لاينكسر لنائبات الدهر ، ذو عزيمة لاتلين ولايخشى في الحق لومة لائم، فهو شديد الوطأة على من يعتقد أنهم محادّون لله ورسوله، لين العريكة مع من سواهم …

بسبب معارضته الشرسة لنظام “الإنقاذ” ووقوفه في مواجهة قرارات رفع الدعم عن المحروقات وخروجه مع المتظاهرين ، اُخرج مرغماً من “الإنتباهة” واُجبر على الإستقالة من رئاسة مجلس إدارتها في 2013 ثم اُوقف من الكتابة فيها … ثم اُكره على مغادرتها نهائياً وأسس صحيفة الصيحة التي تشرفتُ برئاسة تحريرها ، والتي كانت سيفاً مسلطاً على فساد “الإنقاذ”، وبعد 45 يوماً من الصدور لم يحتمل جهاز أمن البشير ماتنشره الصحيفة عن الفساد فأغلقها وأقف صدورها، وتم فتح بلاغات بأثر رجعي بنيابة أمن الدولة في مواجهة جميع صحفييها، وتم اعتقال رئيس تحريرها ، وبعد اربعة أشهر من الإيقاف ، تم السماح لها بالصدور ليوم واحد فقط ليتم إيقافها مرةً أخرى لتعود بعد أشهر تحت رقابة جهاز الأمن من داخل مكاتب الصحيفة وهي الرقابة الإستثنائية التي استمرت لثمانية أشهر،وعلاوة عن ذلك تم إيقاف الإعلانات الحكومية عن الصحيفة ثم المصادرات المستمرة من المطبعة بعد عملية الطباعة بغرض الإستنزاف وإفلاسها، ونتيجة لكل ذلك عانى الطيب مصطفى من أزمات مالية خانقة للغاية مما اضطره لرهن منزل أولاده لأحد البنوك، ثم قام ببيع سيارته الخاصة وسيارات أبنائه ،وعانى من الديون والعجز المالي أشد ماتكون المعاناة لأنه كان يصرف مرتبات الصحافيين أثناء توقف الصحيفة، كل تلك الضغوط كانت محاولات لكسره وإخضاعه لبيت الطاعة لكنه استعصى ومضى في معارضته ومكافحته للفساد عبر صحيفته التي كانت ترتجف لها أوصال نظام البشير

عندما ضاق الحال بالطيب مصطفى وكاد أن يفقد منزل أولاده المرهون كانت الوساطات من الأهل تأتي إليه صباح مساء ليذهب معهم للبشير بمنزله ويشرب معه “شاي المغرب” لإنهاء تلك الخصومة وفك اسر “الصيحة“، فكان رده لهم : (أنا لن أحني رأسي إلا لله رب العالمين)، كنا ولازلنا نختلف مع الطيب سياسياً وفي حدة الكتابة ونحترم هذا الإختلاف ، وكان يهاجمنا في مقالاته ونرد عليه ، ولم يفقدنا كل ذلك الإحترام لبعضنا… اللهم تغمده برحمتك يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ووسع مراقده وتجاوز عن جميع سيئاته، واحشره مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً…

ملحوظة: (نُشر هذا المقال بتاريخ 18مايو 2021)…

اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى