الكتاب

أحمد يوسف التاي يكتب: الهلالية..نكبة الأحرار والضمائر

نبض للوطن

 

(1)
مايقارب نصف المليون هم ضحايا إعتداءات قوات حميدتي على المدنيين العُزّل في مدينة الهلالية وحدها..313 حالة وفاة بالرصاص الحي، 112 حالة وفاة بالتسمم الغذائي..وعدد الضحايا يمضي بوتيرة متسارعة وهناك أعداد كثيرة مرشحة للحاق بالضحايا وذلك لتردي الحالة الصحية واستمرار الإصابات ومحاصرة واحتجاز المواطنين داخل (3) مساجد كبيرة، ومنعهم من الخروج للعلاج ومن أراد الخروج ليفدي نفسه ويفك أسره أو يداوي سقمه ، عليه أن دفع مليون جنيه للسماح له بالخروج..كل ذلك وفقاً لآخر إحصائية وأحدث معلومات كشف عنها عميد كلية الصيدلة بجامعة الخرطوم البروفيسور بشير إبراهيم عثمان.
(2)
حالات الإنتقام والفظائع والجرائم الإنسانية التي شهدتها الهلالية لم تحدث في بقعة من بقاع العالم ولم تشهد الحروب نماذجاً للإنتهاكات وجرائم الحرب مثلما حدث في مدينة الهلالية..
فلك أن تتخيل أخي القاريء الكريم أن تصحو أسرة على شلالات الدماء والموت الذي يحاصرها مع أطفالها الزغب الصغار، وأصوات الرصاص التي تدفعهم للإختباء تحت الأسرة والأركان الآمنة ثم يتغشاهم الموت من حيث لايحتسبون، وهم يختبئون منه…يختبئون من الدانة والرصاصة ليأتيهم الموت بالتسمم الغذائي ولم يترك من الأسرة إلا شخصاً أو شخصين في أفضل الأحوال…
ولقد علمتُ أن أسراً كاملة مات كل أفرادها البنين والبنات والأم والأب ، وازواج البنات و وزوجات الأبناء..أسر بكاملها لم يتمكنوا من نظرة الوداع الأخيرة لبعضهم صعدت أرواحهم إلى السماء مقهورةً مظلومةً لم يسمع أنّاتها “عمرُ” ولم يهب لنجدتها “المعتصمُ”.
(3)
ما حدث في الهلالية فصل مختلف عن فصول مأساة السودان الكبرى…شيءٌ مختلف عن تراجيديا الجنينة وفظائع ود النورة والحُرقة ومأساة السريحة والفولة.. إنه تطور جديد يكشف عن غل وأحقاد تراكمية ونوايا مبيتة ماظهر منها فقط هو رأس جبل الجليد.. وماحدث في الهلالية يمكن أن يحدث في أي مكان تدخلها قوات حميدتي..وقد قلتُها من قبل اجتياح مدني ضحية الخيانة الكبرى…
قلتُ ماهو مدون في إرشيفي: ماحدث في الخرطوم يمكن أن يحدث في مدني وسنار والقضارف والدمازين ..فظائع تحركها الاطماعُ وتغذيها الأحقادُ وتمهد لها الطريق الغفلات…غفلات وتهاون يبذل المطارف والحشايا للإجتياح المغولي التتاري حتى لَيؤخذَ الرجلُ حين غرةٍ وسلاحه بيده ويُجرُّ من لحيته كما يُفعلُ القصاب بالخراف ..
(4)
هناك الكثير من الأجراس التي مافُتئت تُقرع ، وهناك العديد من الدروس والعِبر ، وهناك الكثير من النماذج التي تخرج لسانها لتقول للناس أن مايحدث في السودان منذ 15ابريل 2023 وحتى لحظة كتابة هذه الأسطر (الخائبة)…هل قلتُ الخائبة؟ ما لي سواها من حيلةٍ والله، فما عساي أن أفعل..أقول أن ماحدث في بلادنا في ابريل 2023 لهو أمر مختلف من كل الحروب …
مختلف عن الحروب الأهلية، وحرب التمردات..
والحروب القبلية والحروب الإقليمية والدولية… تختلف عنها في أنها حرب بلا أخلاق..
تستهدف كل ماهو جميل في حياتنا.. أرضنا ،أمجادنا، تراثنا ،تأريخنا مستقبلنا، أعراضنا كرامتنا..
ما أقوله ليس تهويشاً أو مجرد وصف لمشهد تطغى عليه المغالاة فدونكم ما حدث بالفعل ووثقته صحافة العالم الحر، وبعض منظمات الأمم المتحدة والتقارير الميدانية من فظائع وانتهاكات يثُقل ذكرها على اللسان وتستعصي على النطق…فماذا بعد هذا إلا وحدة الصف الوطني..
اللهم هدا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى