(1)
أن تتعرض قرى الجزيرة بين الفينة والأخرى لهجمات وعمليات تسمم ونهب واختطاف وحصار وتصفيات جسدية للمواطنين من قبل قوات حميدتي المتمردة فذاك أمرٌ لم يكن غريباً ولا مستبعداً لسببين: الأول أن هذه العصابات المتمردة درجت على استهداف المواطنين وارتكاب كل الانتهاكات وجرائم الحرب والجرائم الإنسانية بحق المدنيين العُزَّل ، والثاني أن جميع المناطق التي طالتها الانتهاكات والجرائم البشعة هي مناطق تقع تحت سيطرت هذه العصابات ولاتتواجد فيها مظاهر للجيش، ولذلك ليس بمستغرب أن يعيش سكان قرى الجزيرة تحت جحيم الانتهاكات والفظائع وبراثن الوحشية التي نشاهدها ونسمع عنها بشكل يومي إلى أن يجعل الله لهؤلاء المقهورين مخرجاً ويأتيهم بالفرج القريب.
(2)
لكن أن يعيش ذات المآسي المواطنون في المناطق المحررة الواقعة تحت سيطرة الجيش فذاك ماهو غريب حقاً، ولسان الحال يقول للحكومة : (لقد أُوذينا من قبل أن تأتونا ومن بعد ما جئتونا)..فبعد تحرير مدينة الدندر والسوكي وسنجة لايزال مواطنو قرى غرب الدندر يتعرضون للنهب والقتل والتهجير من قبل الفلول المهزومة من قوات حميدتي..في منتصف الأسبوع الماضي هاجمت عصابات الدعم السريع قرى غرب الدندر مثل كسيد ،نجم الدين ،خميسة ، وود بابو وقتلت ونهبت وغادرت وبدأ السكان موجة نزوح جديدة …
وبالأمس استشهد إثنين من أبناء أبو هشيم هما عبد الله يسن من جهاز الامن، والثاني سنهوري حسن تابع للشرطة وذلك في مناوشات بين المستنفرين من أبناء المنطقة وتلك العصابات الذين ينتشرون الآن يزرعون الفزع والرعب بين الآمنين..وكأن المنطقة لم تتحرر من أذاهم.
(3)
الحدثان أعلاه يشيران إلى أن ما يحدث في منطقة غرب الدندر من اشتباكات عسكرية وقتل ونهب وتهجير، يشيران إلى أن الميليشيا لاتزال تشكل خطراً على استقرار المنطقة وأن التهاون مع هذه الأحداث سيدفع ثمنه المواطن وحده لاشريك له في الهَمْ والغم والموت والنهب، وفي النهاية سيضطر الجميع إلى الحلول التي تبدو عصية حين يبلغ الأمر منتهاه..قبَّح الله التهاون والغفلة فإنهما مجلبة كل الشرور والندم حيث لاينفع الندم.
(4)
وبحسب قراءتي المتواضعة للأحداث إذا استمر التهاون والغفلة واللامبالاة فإن سنجة والسوكي والدندر ستسقط مرة أخرى ذلك لأن قوات حميدتي الآن تتجمع في الدالي والمزموم وتواصل غاراتها عبر حواضنها إلى قرى غرب الدندر وخاصة (ضهرة خميسة)..
وسوف نستشعر الخطر أكثر إذا علمنا أن مستشار الإمارات للشئون الأفريقية طه الحسين (مستشار البشير السابق ) الآن يقوم بأخطر جولة أفريقية من ضمن أهدافها تأمين خطوط إمداد جديدة لقوات حميدتي عن طريق ثلاث دول هي إثيوبيا وتشاد والجنوب، حسبما ترددت أنباء متواترة ومتطابقة…
وسوف نستشعر الخطر بصورة أكبر إذا علمنا أن كميات مهولة من قوات حميدتي تتجمع أيضا في الرنك والدالي والمزموم تنتظر الإمداد وما تسفر عنه جولة طه الافريقية، وما ادراك ما طه المقرب جداً من حميدتي.
(6)
سؤال غير بريء سأطرحه للقائد العام ومساعديه هل تنظرون إلا أن تأتيكم جحافل التتار وتهجم على الدندر سنجة والسوكي مرة اخرى بعد أن يأتيها المدد والتعزيزات من دولة الجنوب واثيوبيا وتشاد إذا نجحت جولة طه التي يرافقه فيها شيوخ الإمارات؟
…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.