(1)
يحكي لنا التأريخ أن مركز دولة الخلافة العباسية في بغداد فقد السيطرة على أطراف الدولة في أواخر العهد العباسي لِمَا أعترى الحُكّام والخلفاء من ضعف ولِمَا أصابهم من وهن وخوار خاصة بعد تسريح أعداد كبيرة من الجيش وإهمال وحدات كثيرة منه وعدم إيلاء أي إهتمام بالجيش القومي للدولة، بل اتجه الخلفاء في آخر عهد الدولة العباسية إلى تشكيل وحدات من المماليك (ميليشيات) لحماية مركز السلطة، وكل والي من الولاة شكل ميليشيا من خاصته والمماليك لحماية سلطته..
(2)
الوزير ابن العلقمي وهو من أقلية غير عربية لعب دوراً كبيراً في إضعاف الجيش وتسريحه بحجة تقليل الصرف، بينما كان ينفذ مؤامرة تبدأ بإضعاف الجيش وتفكيكه، وساعده عليها الحكام (الغافلون)..
(3)
مع استمرار ضعف الدولة وارتخاء قبضتها على الولاة والأمصار وتناقص هيبتها بدأ بعض الولاة في الاستقلال بولاياتهم وتعزيز قدراتهم العسكرية ومراكز نفوذهم شيئا فشيئا بعيداً عن سلطة المركز، ولتغطية النزعة الإستقلالية والتوجه الإنفصالي لديهم كانوا يدعون في خطب الجمعة للخليفة، ويؤكدون في خطاباتهم السياسية أنهم تحت (إمرة) الخليفة وسلطته المركزية وتحت لواء جيش الخلافة، وذلك حتى لا يدخلوا في مواجهات مع الدولة قبل أن تشتد أعوادهم..
شفتو اللعب كيف..
(4)
بعد أن قويت أعواد الولاة في الامصار البعيدة اصبح كل والي يدير سلطته بصورة منفصلة ومستقلة تماما عن مركز الخلافة في بغداد واكتفى الخليفة بالسلطة الإسمية فقط، وبعدها تركوا حتى الدعاء له في خطب الجمعة بالمساجد واصبحوا يدعون لأنفسهم وبس ..والماعاجبو يدي السما طلقة..
(5)
الآن يتراءَى لي ذات السيناريو على واقعنا الحالي، بل أراه يتراقص أمام عينيَّ كلما سمعت تصريحاً أو بياناً لمجموعة مسلحة تقول نحن نعمل تحت (إمرة) القوات المسلحة ربما للتمويه والمخادعة بينما هي تحشد وتتقوى بعيداً عن سلطة المركز وتُمعن في التجنيد والتسليح بأموال الدولة، فلماذا لايكون التجنيد للجيش، فلماذا نكرر سيناريو حميدتي ونحن نتلفح بثوب الغفلة والاسترخاء الأمني، أمَا كان كافياً ما رأيناوعايشنا من آلامٍ وأوجاع ..
لذلك لابد من العمل منذا الآن على إبطال أي سيناريو من هذا القبيل بمزيد من الضبط والتحوُّط وعدم الغفلة..
اخشى أن تستغل المجموعات المسلحة القديمة والحديثة ضعف المركز وتفرض واقعاً جديداً بعد نهاية الحرب..
الأمر ليس بمستبعد (قديماً) قد فعلها ولاة الدولة العباسية وفعلها المماليك وغيرهم، وغيرهم و(حالياً) هنا فعلها “حمايتي” و(مستقبلاً) يمكن أن يفعلها اي (آخر) من الذين هم تحت (إمرة) القوات المسلحة الآن
لذلك خليك صاحي ياجيش…
اللهم هدا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.