الكتاب

السفير الصادق المقلي يكتب: غزة الجريحة… شاهد علي قبر النظام الدولي ( 5– 2)

صوت السودان

 

السابع من أكتوبر الجاري يصادف الذكرى السنوية الأولى للعدوان الإسرائيلي علي غزة..
إذا كانت مذبحة “دير ياسين” عام 1948 م تمثل عنوانا لشلال الدماء.. فقد صارت ” غزة ” اليوم رمزا لشلال جديد ما يزال ينزف!.
وغني عن البيان أن القادة الصهاينة الذين ارتكبوا المجازر بحق الشعب الفلسطيني أو اللبناني يتفاخرون بها، وينالون في الوقت نفسه جوائز قيمة من المجتمع الصهيوني؛ إذ يخرجون من الجيش ليصبحوا قادة سياسيين للأحزاب أو للدولة (مثل بيجين وشارون وبيريز وغيرهم)، ونادرا ما دفع مسؤول إسرائيلي الثمن عن مجزرة ارتكبها ، واليوم فإن ما يقترفه المتطرفون الذين يحكمون إسرائيل الآن من مجازر ما هو إلا محاولة لشق الطريق إلى الاستمرار في حكم الكيان الصهيوني على أشلاء ألاهل في غزة!.
أعلنت وزارة الصحة في غزة اليوم الأحد حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع حيث بلغ عدد القتلى 41870، والمصابين 97166.
كما احدث العدوان الغاشم علي غزة اضرارا بالغة علي اقتصاد القطاع.
؟
– 30 مليار دولار الخسائر الأولية المباشرة نتيجة الحرب على قطاع غزة.كما تحدث تقرير لصندوق النقد الدولي عن تقليص بنسبه 82 في المائة للناتج المحلي مقارنة بالعام الماضي.
– من جهة أخرى أفاد تقرير حكومي فلسطيني، بأن نحو 134 ألف فلسطينيا وعربيا قُتلوا في فلسطين منذ “النكبة” عام 1948، إلى جانب تسجيل نحو مليون حالة اعتقال منذ “نكسة” حزيران 1967…

-سبعة عشر عاما مرت علي حصار غزة.
بدأت إسرائيل بفرض الحصار على قطاع غزة عقب فــوز حركــة حمــاس فــي الانتخابات التشــريعية في يناير/ كانون ثانٍ عـام 2006، ثم شددته بعد سيطرة الحركة عسكريًا على القطاع في يونيو/ حزيران 2007، إذ أعلنــــت قطاع غزة “كيانًا معاديًا” وفرضت عقوبــات إضافيــة مسّت على نحو مباشر بالحقوق الأساسية للسكان، وشمل ذلك فرض قيود مشددة على دخـــول الوقـــود والبضائع وحركـــة الأفراد مـــن وإلـــى القطـــاع. وعلى مر السنين، عملـت السـلطات الإسرائيلية علـى ترسـيخ سياسـة عـزل قطـاع غـزة، مـن خـال فصلـه عـن الأراضي الفلسطينية في الضفـة الغربيـة والقدس الشرقية،.
الاعتداء الإسرائيلي الغاشم علي غزة قوبل باهتمام بالغ من قبل المجتمع الدولي..
فكافة المنظمات الحقوقية الدولية ، الحكوميه و غير الحكومية و الجنائية الدولية ادانة الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة ضد سكان غزة، و قد خلصت كلها الي ان هذه الانتهاكات ترقي الي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية و إبادة جماعية.. بما فى ذلك المحكمة الجنائية الدولية…
…. في 25 مارس 2024، قالت فرانشيسكا البانيزي – مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية – أنَّ هنالك أسباباً منطقية للقول أنَّ إسرائيل ارتكبت العديد من أعمال الإبادة “بحق الفلسطينيين في غزة، لافتة إلى حصول تطهير عرقي. وفي 5 أبريل 2024 دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى محاسبة إسرائيل على احتمال ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة مطالباً جميع الدول بعدم تصدير الأسلحة إلى تل أبيب. وتعليقا على الغارة الإسرائيلية التي قتلت 7 من موظفين منظمة «ورلد سنترال كيتشن» الخيرية بقطاع غزة قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن مهاجمة الأشخاص المشاركين في تقديم المساعدات الإنسانية قد يرقى إلى جريمة حرب
. وفي 7 أبريل 2024 قال فيليب لازاريني مفوض الأونروا إن هذه الحرب خرقت كل الخطوط الحمراء وشهدت قتل أكبر عدد من الأطفال والعاملين في قطاع الصحة والصحفيين وموظفي الإغاثة الإنسانية مشدداً على أن المجاعة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي تفاقم الوضع. وقال الطاهي الإسباني الأميركي خوسيه أندريس رئيس منظمة «وورلد سنترال كيتشن»، إن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة لم تعد تبدو حرباً للدفاع عن إسرائيل ولكنها في الواقع حربا ضد الإنسانية نفسها.
وفي 9 أبريل 2024 قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن استخدام إسرائيل التجويع كسلاح في قطاع غزة يمثل “جريمة حرب”
. وفي 19 يونيو 2024 قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: إن القوات الإسرائيلية ربما انتهكت على نحو متكرر المبادئ الأساسية لقوانين الحرب، وأخفقت في التمييز بين المدنيين والمقاتلين في حملتها العسكرية على قطاع غزة.
في الثاني عشر من يونيو 2024،، ،قالت لجنة تحقيق أممية إن السلطات الإسرائيلية مسؤولة عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع خلال عملياتها وهجماتها العسكرية في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. و هدمها للبنية التحتية..
ان دولة فلسطين منذ احتلالها عام 1948، ظلت كبش فداء لتظام دولي معطوب و معيب منذ دخول ميثاق الامم المتحدة حيز النفاذ عام 1945 علي انقاض الحرب العالمية الثانية..
فقد ظلت إسرائيل منذ ذلك التاريخ تأخذ القانون الدولي بيدها و محصنة من كل ادانات المجتمع الدولي في المحافل الدولية و من المساءلة الجنائية الدولية،. بفعل الحماية التي تتمتع بها من الولايات المتحدة الأمريكية..
إذا كانت مذبحة “دير ياسين” عام 1948 م تمثل عنوانا لشلال الدماء.. فقد صارت ” غزة ” اليوم رمزا لشلال جديد ما يزال ينزف!.
وغني عن البيان أن القادة الصهاينة الذين ارتكبوا المجازر بحق الشعب الفلسطيني أو اللبناني يتفاخرون بها، وينالون في الوقت نفسه جوائز قيمة من المجتمع الصهيوني؛ إذ يخرجون من الجيش ليصبحوا قادة سياسيين للأحزاب أو للدولة (مثل بيجين وشارون وبيريز وغيرهم)، ونادرا ما دفع مسؤول إسرائيلي الثمن عن مجزرة ارتكبها ، واليوم فإن ما يقترفه المتطرفون الذين يحكمون إسرائيل الآن من مجازر ما هو إلا محاولة لشق الطريق إلى الاستمرار في حكم الكيان الصهيوني على أشلاء أهلنا في غزة!.
جرائم الحرب خلال الحرب الفلسطينية الإسرائيلية هي اتهامات وجِّهت لإسرائيل وذلك بسبب ارتكابها لجرائم حرب ضدَّ المدنيين، وقد جاءت هذه الاتهامات من هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية وبتسيلم، وجماعات وخبراء حقوق الإنسان. و كل المنظمات الدولية و المحكمة الجنائية الدولية.. و محكمة العدل الدولية.. لكن كل قرارتها و إداناتها اصطدمت بانتقائة و ازدواجية المعايير في النظام الدولي… و الحصانة التي وفرتها الإدارة الأمريكية لدولة الكيان الصهيوني.. و لمواطنيها..
و علي سبيل المثال لا الحصر..

فقد أصدر الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا اليوم يجيز فرض عقوبات على موظفي المحكمة الجنائية الدولية المشاركين في التحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها القوات العسكرية الأمريكية في أفغانستان.
في يونيو ٢٠٢٤
صادق مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون لفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية الذين يستهدفون مواطنين أمريكيين أو إسرائيليين للتحقيق أو المحاكمة فيما يمثل إدانة لاستصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه.
و ما يدعو للغرابة ان واشنطن في غني عن هذه العقوبات.. اذا انها سوف تعمل حق النقض الفيتو في وجه اي قرار ضد مواطنيها او مواطني إسرائيل يحيل بموجبه مجلس الامن اي مواطن للمحكمة الجنائية الدولية.. وفق المادة 13 ب من ميثاق روما الذي يحيل بموجبها الدول غير الأطراف إلى لاهاي.
و هذا كما ذكرنا احد اهم عوار في ميثاق روما الذي قام بتسييس العدالة الجنائية الدولية باقحام من مجلس الامن في اختصاصاتها.
و قد ظهرت حصانة إسرائيل بفعل الفيتو الأمريكي في تقرير اللجنة الدولية للتحقيق في العدوان الإسرائيلي علي غزة و حصارها للقطاع عام 2009…
تقرير قولدستون خلص الي ان ممارسات إسرائيل في غزة ترقي الي جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية و اوصي بإحالة الحالة في غزة الي المحكمة الجنائية الدولية..حيث اصطدم التقرير بالاعتراض الأمريكي..
و لعل احالة الحالة في دارفور الي لاهاي بموجب القرار 1593 الي لاهاي يقف شاهدا علي هذه الانتقائية و ازدواجية المعايير… فكلا إسرائيل و السودان ليستا بطرف في ميثاق روما!!
و لكن غني عن القول ان عوار النظام الدولي و تسييس العدالة الجنائية لا يوفران غطاءا للدول للافلات من العقاب.. و لعل الدول المستضعفة لا تملك الا ان تتعامل مع هذا الواقع المرير بسياسة الامر الواقع.و علي كافة الدول الامتثال للقوانين و الاعراف الدولية..
. و يجدر بالذكر هنا ان 120 دولى اجازت ميثاق روما في المؤتمر الدولي في روما عام 1998..كما صادقت معظم دول العالم علي الميثاق.
يتبع الحزء الثالث

زر الذهاب إلى الأعلى