• سيدتي وربتي / سهير
يا من شيدتيني طوبة طوبة بيتاً وجعلتيني صرحاً من شاق عمل السنين وعرق الجبين ، يا من كنتِ تعتنين بي وترعينني ، وفي كل عيد تصينيني وتكسيني وتُزينيني وتعطريني.
• كم أفتقدك وأشتاق إليك وأحنّ لكل هذا، واسترجع تلك اللحظاتٍ التي عشناها وقضيناها معاً في كل المواسم ، مياه الخريف ، وحمى الصيف وبرد الشتاء ، افتقدك ربتي في كل صباحٍ يسلِّم ، وكل شمس تستأذن وقمر يغفو و أمل يتاوق.
• ثالث عيد وفي غيابك ربتي سكنني الجنجويد والمرتزقة الأجانب الذئاب الكلاب، كسروني، بزخات رصاص انتهكوا حُرمتي ،حطموا الأقفال والآمال ، اغتصبوا حُرمتي ، نهشوا عبقي ، انتهكوا وجداني نهبوا مخازن ذكريات الزمن الجميل ، سرقوا كل مقتنياتي ولحظاتي وأمنياتي.
• رائحتي أصبحت لا تُطاق من إفراز أنفاسهم النجسة وأجسادهم الوسخة ، وأبخرة التعاطي والخمور والفجور ، دنسوا بالمعاصي كل شيء؛ البلاط و النوافذ والأبواب ، الأريكة السجاد الستائر ، أبجوراتك ،ثرياتك ، لوحاتك عبثوا فيها ، شوهوها بلون الدم
• جعلوا من أثوابك “كمدول” يحكي عن خيبتهم ولؤمهم ونقص رجولتهم ، جعلوا من السجاد مطية لأقدامهم الوافدة المتسخة ، الأسرَّة والأريكة تلوثت بالآثام وتمددت فيها المعاصي.
• تلفازك ظل شاهداً على كَذِبهم وخياناتهم وحقدهم؛ تم ضبطه على قناتهم ونشرة أخبارهم الممجوجة والمعوجَّة والمصنوعة .
• يطل من نشرة أخبارهم بعضٌ ممن كانوا جيراننا وبعض بني جلدتنا أو هكذا كنا نحسبهم قبل أن يرشدوا الغاصب المُحتل ويدلوه ليسرق ويسكن الديار ويصيغوا له الأخبار بكل الأعذار.
• قهوتُك فقدت نكهتها ، تلاشت رائحة قليتها ومقالاتك ممزقة ومبعثرة في كل مكان فيني ، ولجهلهم ودونيتهم لم يكونوا يدركوا أن تلك الأوارق تؤانسني وتدفيني.
• البلكونة تشتاق لإطلالتك وشجيراتك أصابها الذبول والظمأ فماتت ، استباحوا كل شيء فيَّ إلا عزتي وإبائي ، فلا زلت شامخاً مؤقناً من حضورك .
• نعم.. سيدتي وربتي
يقيناً ستعودين وإن طال سفرك وغيابك .
ستنتصرين على الأذي والألم
ستجيئنني ربتي كدليل براءة لمحكوم بالعدم،
ستأتيني سيدتي كتوْبة راهب بعد ندم،
ستعودين كعودة أحبال صوتية لأبكم،
ستأتيني كصرخة جنين بعد عقم.
يقينا ستنتصرين وإليَّ تعودين
بيتك الشامخ والوفي
عزيزتي سهير
مقالك هبش وتر الزمان والإحساس بعبق المكان وشد عصب الوجع والذي هو أصلاً مشدود .
تقديري واحترامي
عمار العركي