(1)
في زمن الحروبات والكوارث تطلب منا “فئة من الناس” الصمت والسكوت عن الأخطاء والفساد والممارسات الفاسدة، هذه الفئة تمارس علينا الأبوية وكأنها وصيّةٌ علينا..تطلب منا عدم الحديث عن أي تجاوزات أو فساد ظاهر في الوقت الراهن بزعم أن كل الجهد وكل الوقت للحرب فقط ، تريدنا هذه الفئة المخادعة المرائية أن نلتزم الصمت حيال كل الأخطاء والخطايا حتى الموبقات وسرقة الإغاثات وإثارة الفتن بزعم أن الوقت غير مناسب ..
تطلب منا هذه الفئة الإمساك عن نقد أي سياسة أو قرار حتى لو كانت تلك السياسة أو ذاك القرار يوردان بلادنا مورد الهلكة والضياع وذلك بحجة أن الوقت غير مناسب للنقد أو المحاسبة عن الأخطاء، وأن ذلك سيثبط الهمم ويحدث خللاً في الجبهة الداخلية التي “نريدها” قوية صامدة.. يريدونها جبهة قوية “إعلامياً” في وجه العدو الحقيقي والوهمي وضعيفةً خائرةً أمام فسادهم.
(2)
في تقديري أن أزمان الحروبات والأزمات تطلب منا جهداً أكبر في كشف أي خلل ونقد أي تقصير ومحاسبة كل مخطيء بل تشديد العقوبة على كل من يرتكب خطأ أو تجاوز أو أي إنحراف سواءً أكان عسكرياً أو مدنياً ، مسؤولاً أو مواطناً..
في زمن الحروب والأزمات والكوارث يجب أن يكون نقد الأخطاء حاداً ومكشوفاً للجميع والعقوبات مغلظة.
في زمن الحروبات والأزمات يجب ألا تكون هناك مساحة لحسن النية..أي مسؤول يمكن أن يكون خطأه مقصوداً وبنية مبيتة، ويمكن أن يكون غير ذلك..
(3)
في رأيي يجب أن تتعاظم الشكوك في كل من يرتكب خطأ أو أي تجاوز سواءً أكان في الميدان أو مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة، وتُكشف الأخطاء والتجاوزات ويُفضح أمرها ويُحاسب مرتكبها حساباً عسيراً لأن الأوضاع لاتتحمل الخطأ بحسن نية أو بسوئها..ولأنه أصلاً مافي حاجة إسمها الوقت ما مناسب للنقد ومحاسبة المخطئين خاصة إذا كانت هذه الأخطاء تنطوي على خسائر وطنية فادحة ويدفع ثمنها البسطاء والمغلوب على أمرهم..
(4)
بسبب “حيلة” تعطيل آليات النقد والتقويم والمراقبة والمحاسبة في أزمان الحروبات والأزمات والكوارث بحجة أن الوقت غير مناسب، سبب هذه المفاهيم المعطوبة “المريبة” ترتفع معدلات الفساد والتجاوزات والخيانة في أجهزة الدولة دائما في اوقات الحروب والازمات دون غيرها من الأوقات، ألم يشيء هذا بأنها حيلة الفاسدين للإفلات من النقد والعقوبات؟!
(5)
أظن تماماً أن دعاة الإمساك عن النقد والمحاسبة للمخطئين في زمن الحروبات والأزمات هي فئة فاسدة تبحث عن غطاء لفسادها وانحرافاتها وتجاوزاتها وفشلها الإداري ، لذلك ترفع هذه اللافتة للمداراة والتغطية والإفلات عن العقوبة…وللأسف بعضنا انطلت عليه حيلة الفاسدين والمنحرفين فطفقوا يرددوا معهم بلا وعي :(دا ما وكتو، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة..) كأن ممارسة الفضيلة ومناصرة الحق لها أوقات معينة..
فالحقُ أحق أن يتبع في كل الأوقات لاتعطله حروب ولا صراعات ولا سيول ولا امطار غزيرة..
بل هي فرصة لاكتشاف المنحرفين الذين يتحدثون بلسانين، ويظهرون بوجهين
وظاهرياً مع الوطن، وهم في الحق ضده وضد شعبه ومواطنه المقهور، كيف لا وكل تجاوز لهم وكل ممارسة وكل تصرف مضر يفعلونه يصب في معين الأعداء الحقيقيين…اللهم هدا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.