الكتاب

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: الجيش و(أبالسة) السياسة عِبَر ومواعظ

خاص - صوت السودان

(1)

قبل أيام وكنتيجة حتمية للحرب الحالية، خرجت دعوة تنطوي على تفويض المؤسسة العسكرية لإدارة البلاد ، والدعوة معروفة ممن ولمن… وقد اختلطت هذه الدعوة بأطماع ورغبات الشموليين وأعداء التحول الديمقراطي الذين مازالت تستهويهم أيام خلت، وتعاودهم أحلام السلطة البائدة..

أقول أن هذه الدعوة إما أنها خرجت من رحم اليأس وذلك عندما يتبناها بعض العامة من المواطنين وتشكل لديهم رأياً عاماً وذلك لكثرة الإحباطات ومسلسلات الفشل في إدارة البلاد..

أو أنها خرجت من مطابخ المكر السيء و”التدبير” الماكر لتنفيذ أجندة سياسية..

(2)

إذا كانت الدعوة شعبية تلقائية صدرت من المواطنين نتيجة لليأس والإحباطات وإسقاطات السياسة وفشلها ، نقول إن ما شهده السودان في 15ابريل وإلى يومنا هذا ، يجب أن يكون دافعاً للتمسك بالحكم الديمقراطي الرشيد ، لا تعزيزاً للرغبة في ترسيخ الشمولية، ويجب أن تكون دافعاً لسيادة حكم القانون ودولة المؤسسات ، دولة الحقوق المدنية والواجبات، لا دافعا لتزيين الدكتاتوريات وتوطين الظلم والفساد… بل يجب أن يكون ما حدث في 15ابريل مبرراً لرفض الحكم الشمولي والدكتاتوريات والاستبداد والطغيان السياسي بشكل قاطع، فما حدث كان نتيجة حتمية لغياب القانون والحكم الديمقراطي الرشيد القائم على فصل السلطات، وما حدث ماهو إلا سمة من سمات النظم الشمولية التي تتغذى بالصراع السياسي والنزاعات القبلية، والحروب الأهلية..

(3)

وإذا كانت الدعوة لتفويض الجيش خرجت من مطابخ المكر السيء والتدابير السياسية لاستعادة نظام المؤتمر الوطني، فذاك أيضاً دافع ومبرر لرفض هذه الدعوة، لأن عودة النظام المخلوع بأي واجهة تعني المزيد من الفشل والإحباط، وتعني استسلام السودانيين للشمولية وحكم الفرد والاستبداد والطغيان السياسي إلى مالا نهاية، وتعني خسارة كل نضالات الشعب السوداني في مناهضة الدكتاتوريات عبر عقود من الزمان…

(4)

فالحقيقة التي لاجدال حولها أن المؤسسة العسكرية في السودان كانت في كل المرات التي حدثت فيها انقلابات عسكرية، هي ضحية لِلُعبة سياسية، إذ كان الساسة وراء كل تلك الانقلابات ليحكموا هم باسم الجيش، ويحتموا به ويستقووا بنفوذه لإزالة كل العقبات أمامهم وتثبيت اركان حكمهم (المدني الدكتاتوري) أولاً،أو لتسليم السلطة للجيش للتخلص من أعباء وكوارث جسام يعني (يا ركبو في ضهرو يا ملصوها فيهو)..

(5)

ما يحفظ للجيش هيبته واحترامه وقوته هو إيمانه الشديد بوظيفته في حماية حدود البلاد ودحر الأعداء الخارجيين، وليس الحكم والتجارة والاستثمار، فهذه كلها رجس من عمل الشيطان زيَّنه (أبالسة) السياسة للمؤسسة العسكرية عندما تسللوا إليها ووسوسوا في صدرها وجروا منها مجرى الدم في العروق فيزينوا لها السلطة وممارسة السياسة والاستثمارات والتجارة ليكون لأبالسة السياسة نصيب تحت حماية الجيش ونفوذه ..

(6)

على المؤسسة العسكرية أن تعي الدرس جيداً وتستلهم العبر وتتعظ مما حدث لها عبر الأزمان ، فلاتسمح لمليشيات موازية لها ، فلها في حميدتي وجنده عِبرة وعظة ودرس قاسي..ولها في تجربة تدبير الترابي في 89 عِبَر ومواعظ ، وهو يذهب إلى السجن “حبيساً”، ويرسل صاحبه للقصر رئيساً، وما أن خرج (الحبيس) واستتب له الأمر فأول ما فكر به هو ابتلاع الذي كان قد ارسله (رئيسا)، لكن السحر قد انقلب على الساحر، أليس في ذلك عبرةٌ لأولي الابصار، أم أن لكم أعينٌ لاتبصرون بها، فإنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور….

اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع التي تحبُ أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى