أخبار

بيان من حزب الأمة القومي بمناسة مرور عام علي الحرب

متابعات - صوت السودان

بسم الله الرحمن الرحيم

 مر عام من الكرب على وطننا الحبيب.. لكن إرادة الحياة لدى السودانيين ستنتصر

اليوم تكمل حرب ال 15 من أبريل سنتها الأولى، وقبل كل شيء لا بد من الترحم على آلاف الشهداء الذين حصدت أرواحهم آلة الحرب، والذين يقدر عددهم بأكثر من 15 ألفاً وعشرات الآلاف من الجرحى، ودعواتنا بأن يشفي الله كل جريح ويكتب العودة الآمنة لكل مفقود.

لقد شردت هذه الحرب أكثر من 8 ملايين من بنات وأبناء الشعب السوداني من منازلهم داخل وخارج السودان، وهناك من اضطروا للنزوح أكثر من مرة بعد أن طاردتهم الحرب من ولاية لأخرى، وتسببت في تهديد ما لا يقل عن ٢٥ مليوناً بالمجاعة والكارثة الإنسانية فضلا عن تدمير مقدرات الوطن الاقتصادية والبنى التحية حيث تقدر خسائر هذه الحرب حتى الآن بحسب الخبراء أكثر من مائة مليار دولار، وربما تزيد عن ذلك بجانب الانهيار الكامل للاقتصاد وخروج معظم المرافق الخدمية عن الخدمة، ويكفي أن أبناءنا الطلاب والطالبات فارقوا قاعات الدراسة لعام كامل بما يهدد مسيرتهم ومستقبلهم، وتحولت “حيشاننا” ومياديننا لقبور أحبتنا وأهلنا الذين لم تسمح لنا الحرب المستعرة بتكريمهم كما ينبغي.

بغض النظر عمن أطلق الرصاصة الأولى، أو من دبر أمر الحرب وأشعل فتيلها، فإنه من الواضح أن هدف هذه الحرب كان القضاء على آمال الشعب السوداني بنيل الحرية والكرامة وشهود انتصار ثورته المجيدة التي نتجت عن تراكم نضالي دؤوب هز أفئدة العالم في لوحته الختامية التي رسمها بالدم والدموع في ميدان الاعتصام أمام القيادة العامة.

لم تبدأ الحرب ضد الثورة في 15 أبريل 2023؛ بل بدأت منذ يوم سقوط الطاغية مرورا بمجزرة فض اعتصام القيادة، واستمرت طوال الفترة الانتقالية ضد القوى المدنية ومشروع التحول المدني الديمقراطي بأيادي خفية عبثت بشكل متعمد بأمن الشعب واستقراره، بمؤمرات الردة والتفلت الأمني والسرقات والتفجيرات الإرهابية المدبرة وتدمير خط السكة حديد لقطار عطبرة وخطوط النفط وقطع الطرق، وغيرها من محاولات الغدر المستمرة بالثورة والوطن، حتى جاء انقلاب 25 أكتوبر 2021 متوجا تلك المؤمرات ومعيداً النظام البائد عبر شباك العسكر بعد أن أغلق الشعب الباب في وجهه.

وهنا لا بد أن نُقّر كسياسيين بأننا قصرنا في كشف الأيادي الخبيثة والمجرمة التي سرقت حلم الثورة نهاراً جهاراً، ونعترف بقصورنا في تحصين الانتقال من تخريب عناصر النظام السابق الذين أشعلوا الحرب، ويرفضون إيقافها ويسعون لتمددها؛ لأن السبيل الوحيد لعودتهم إلى السلطة يمر عبر جماجم ودماء الشعب السوداني.

 على جنرالات الحرب أن يعوا أن هذه الحرب لا منتصر فيها، وأن كل يوم يمر يسرق أرواحا عزيزة، ويزيد معاناة الشعب الذي فقد كل موارد رزقه، ومع فشل الموسم الزراعي يواجه السودانيون أكبر أزمة مجاعة في العصر الحديث في بلد يجري في أرضه أطول نيل في العالم، ويحتوي على مئات الآلاف من الأفدنة الصالحة للزراعة، وكان يعرف ب”سلة غذاء العالم”.

المخرج الوحيد من هذه الأزمة هو أن يضع الجميع الوطن أولاً، قبل الانتماء السياسي والجهوي والأجندة الذاتية، فالحرب لن تسرق مزيداً من الأرواح، وتدمر مزيداً من البنى التحتية فقط، ولكنها ستفقدنا وطناً غالياً، وستؤدي إلى تقسيمه كما يطمح دعاة خطاب الكراهية والعنصرية البغيضة التي بدأت تنتشر وتتضخم يوما بعد يوم.

علينا أن نجعل من هذه الأزمة فرصة للتسامي فوق الجراح ومنحة للتعافي الوطني والتماسك المجتمعي والوحدة الوطنية التي تعصم وطننا الحبيب من الضياع، وتنهي معاناة شعبنا الصابر.

في هذا اليوم ينعقد مؤتمر باريس لجمع التبرعات والمساعدات الإنسانية التي يبلغ تقديرها 4 مليارات دولار، ونتمنى أن يتوفق في مهمته الحميدة، ويضع أوضاع السودان الكارثية المنسية في دائرة الضوء معززاً إرادة السودانيين في وقف الحرب مقدماً للدعم الإنساني وإعادة الإعمار ما بعد الحرب.

ختاماً؛ هذه الحرب حتماً ستنتهي عندما يتوحد السودانيون كلهم بشعار رفضها وعزل دعاتها ومشعليها وفرض إرادة السلام العادل والشامل واستعادة التحول الديمقراطي الكامل الذي يحفظ للوطن وشعبه عزته وكرامته، فالكرامة في تحقيق السلام وحماية الإنسان ولا كرامة في الحرب،

قال تعالى {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} صدق الله العظيم

الاثنين 15 أبريل 2024م

الواثق البرير

الأمين العام لحزب الأمة القومي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى