خلف الاسوار- سهير عبدالرحيم- قصة أسرة رجعت السودان
( آية) طالبة في السنة النهائية بكلية الطب وشقيقتها (أروى ) التي تخرجت من كلية الطب و وانخرطت في مرحلة الامتياز. الفتاتان عادتا مساء أمس من القاهرة وعادت كذلك والدتهما المحامية من دولة الإمارات …
قالت لي طالبة الطب (آية): “يا (أُس) – وهو اسم تناديني به عائلتي- مابقدر احكي ليك معناها شنو تكون في وطنك، ياااخ احساس مختلف عن كل المرينا بيهو من من أول يوم في الحرب لغاية هسا شعور انك عزيز كريم عندك قيمة وسط بلدك وأهلك شعور بالأمان من غير نظرات تعالي أو إهمال وازدراء” .
احساس أنك متحرك بطمأنينة من غير ما تتفقد كل مرة جيبك و تفتش صلاحية الجواز أو انتهاء التأشيرة أو تجديد الإقامة ، احساس انك كنت في سجن كبير بارد موحش اسمه دول الجوار لكن هسا انت في سبعمائة ألف ميل مربع حقتك .
منذ لحظة وصولنا المعبر و تجاوزنا للشرطة المصرية وعنجهية التعامل والازدراء، وجدنا على الجانب الآخر مباشرة رجال الشرطة السودانيين الذين استقبلونا بابتسامة كبيرة أدخلت راحة نفسية جوانا، امسكوا بجوازاتنا وبكل هدوء واحترام قالوا لنا حمد الله على السلامة وطنكم برحب بيكم. يا له من شعور…!!!
الرجال بالقرب منا على الحدود استقبلونا بوجوه كلها بشر و ترحاب حملوا عنا حقائبنا وساعدونا دون أجر أو من ولا أذى. وهو ما غاب عنا طيلة عام في القاهرة حيث هناك كل شيء بمقابل حتى وصف عنوان ما ….
كل العبارات التي كانت في استقبالنا أهلاً وسهلاً، حبابكم، حبابكم عاوزين مساعدة يا بناتي محتاجين شي، بلدكم بترحب بيكم. وجدنا أمي التي غبنا عنها عام و ابن عمتي في استقبالنا. انهمرت الدموع على الفراق الطويل و قسوة الأيام و بمجرد ارتمائنا في حضنها غاب إحساس الضياع و شعرنا بالروح تسري في عروقنا. إنه الوطن الملاذ!
اقلتنا سيارة إلى شقة هادئة نظيفة، أسِّرة مرتبة وملاءات مشدودة بعناية، وجدنا الكهرباء والماء والإنترنت والوجه الحسن وجيران أحسنوا وفادتنا ، علموا بوصولنا فجاءوا يتسابقون يحملون صينية الإفطار،
صينية بها حلو مر و عصير كركدي و عصيدة وملاح تقلية وبلح وبليلة ، وكثير من الحب وقهوة دافئة بالمحنة ، سألونا على استحياء :(معليش العصير ما بارد عشان الكهرباء كانت قاطعة . انتوا طبعا جايين من مكان الترطيبه في الخليج والقاهرة كهربتكم ما بتقطع …؟؟)
تباً للخليج و للكهرباء التي لا تقطع، وتباً للعصير الطازج البارد للكبسة والكشري والجمبري ومرحى مرحى بكل مافي بلدي سخونتها و عناءها رهقنا و شقاءنا فرحنا و ترحنا وضحكنا وانكساراتنا
الطبيبة (اروى) شقيقة طالبة الطب ( آيه) تداخلت مع شقيقتها قائلة بأن يوم غد ستلتحق شقيقتها بجامعتها و تعاود الدراسة وأنها ستزاول الامتياز بالمستشفى عقب تواصلها مع إدارة المستشفى وقد ابتاعتا لابكوتات و سماعات وأجهزة قياس الضغط وبعض أجهزة الأطباء الصغيرة من مصر .
خارج السور :
مرحب بعودة محامية وطبيبتين لحضن الوطن …هنيئاً للوطن بكم وهنيئا لكم بالوطن…. ابتسموا أنتم في السودان