الكتاب

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي يكتب: بدون عنوان

خاص صوت السودان

(1)

داعبتُ أحد السياسيين بالمنطقة،عندما عدتُ إلى الدندر من رحلة النزوح في شرق البلاد، داعبته قائلاً: يمكنكم الآن اعتقالي بكل سهولة..أنا الآن بالدندر، وذلك لمّا علمتُ على وجه اليقين أن الرجل وشى بي وطلب من أحد ضباط الجيش اعتقالي بالقضارف…لكن بطبيعة الحال لم اهتم كثيراً بذلك لثقتي التامة أنني لم ارتكب جريرة تستوجب اعتقالي خاصة وأن الاعتقال هذه الأيام يتم بتهم محددة والحمد لله أنني لم اقترب من أيٍّ منها، لذلك كنتُ على ثقة ويقين تاميْن أنني لن اتعرض لأية عملية اعتقال إلا من باب وشاية أو سوء فهم أو إلتباس أمرٍ ما..

ويعزز ذلك اليقين أنني قبل الإعتقال بيوم دعيتُ لاحتفال رسمي اُعدَّ لاستقبال المشرف العام على قوات العمل الخاص النقيب محمد يوسف، وقائد تلك القوات العمدة صالح وقد تضمنت كلمة رئيس السلطة المحلية ترحيباً حاراً بشخصي وإشادةً وتعبيراً عن رضا عام، وبعدها دعيتُ إلى وجبة الفطور وجلستُ على المائدة مع كل قيادات الأجهزة الأمنية والتنفيذية وقادة الكتائب المسلحة..

لذلك لم يكن لدي ما يستوجب الحذر من اعتقال أو نحوه ولم يطف بذهني شيء من ذاك.

(2)

ذهبتُ مع القوة التي جاءت لاعتقالي ولم ينتابني إحساس بالخوف قط ، وذلك لسببين الأول:كنتُ على يقين تام أنني لم ارتكب جرماً والسبب الثاني أنني سألتقي قيادات بالجيش متابعة لما أكتبُ ولن تجد ما يسيئها فيما أكتب، ولن تأخذني هذه القيادات بالظِّنَّة ولا الوشاية ولا تصفية الحسابات السياسية الخاصة، وأقول ذلك عن تجربة طويلة جداً مع كل قادة الجيش الذين عرفتهم والذين جمعتني معهم ظروف كهذه وما أكثرها…وقد كانت ثقتي وقناعتي تلك في موضعها تماماً، وأُشهدُ اللهَ أني لم أجد من قادة الجيش بسنجة سواء بالفرقة 17أو شعبة الاستخبارات إلا الإحترام والتقدير لدور الإعلام والتفهم لرسالتي الصحافية، وحتى النقاش الذي دار بيننا بشأن موضوع المقال حول عناصر الميليشيا التي جاءت لتسليم نفسها بالدندر كان حواراً عميقاً يقدم ما هو استراتيجي على ما سواه.

(3)

إن كان لدي مأخذ أقول بكل جرأة وصراحة أن طريقة المداهمة التي حدثت في عدد من المنازل المحتمل وجودي فيها ليلة القبض عليّ في منتصف الليل كانت مرعبة ومزعجة لتلك الأسر، وكان بالإمكان أن يتم الأمر بطريقة أفضل ، وكان يمكن أن يتم استدعائي بالهاتف أو أي شخص يأتي بهدوء ويبلغني الأمر خاصة أني كنتُ طوال يوم الخميس أشارك قادة الأجهزة الأمنية والحكومة كلها الاحتفال و(الملح والملاح ) كان يمكن أن يبلغني اي فرد بهدوء وكنتُ سأمتثل لأمره في الحال وأذهب معه حيث يريد، فهذا فقط ما حزّ في نفسي بشدة وهو أمر مؤسف بكل تأكيد.. ومن هنا اعتذر بشدة لكل الأسر التي تمت مداهمتها بتلك الطريقة بسببي…أكرر اعتذاري الشديد لهذه الأسر خاصة أسرة أخي ابن عمي عوض التاي، وأخي الشيخ عبد الجبار المبارك إمام وخطيب المسجد الكبير، وأسرة ثالثة لم أتأكد بعد مما جرى معها..

(4)

أعود وأقول أني خرجتُ من هذه الحادثة البسيطة جداً والتي تعودنا على أمثالها ومِمّا هو أكبر منها، خرجتُ منها بمعرفة قيادات جديدة من قادة الجيش السوداني، قيادات على درجة من المهنية والإنضباط والحزم ، وعلى درجة أعلى من الإدراك العميق لمفهوم الوطن وحقوق المواطنة ولا أريد أن اسهب في الحديث عن إنطباعاتي الجيدة التي خرجتُ بها من هذه القيادات المحترمة، ربما تأتي مناسبة غير هذه للحديث، لكني بكل صدق سُعدتُ وسُررتُ جداً بمعرفة كل من قائد الفرقة (17)مشاة سنجة، العميد السيد الطيب، والعقيد أحمد حامد الفاضل رئيس شعبةالاستخبارات، والرائد خليل، وحضرة الصول عصام موسى (البروف)، الذين وجدتُ عندهم كل الاحترام والتقدير والفهم العميق لدور الإعلام وذلك مما دار بيننا من حوار هاديء حول التحديات التي تجابه بلادنا في الوقت الراهن، والمؤامرة التي تستهدف وجودنا كأمة، كما دار الحوار حول توخي العدالة والبعد عن أخذ الناس بالمظان والشبهات وعدم أخذ المجرم بجريرة غيره…

أخيراً لايفوتني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لكل الزملاء ونقابات الصحافيين، والمحبين والمشفقين والأصدقاء الذين كتبوا وشهدوا بما يعرفونه عنا ودعوا الله لنا في السر والعلن…نسأل الله أن يجزيهم جميعا عنا كل الخير ويحفظ بلادنا وأمننا واستقرارنا…

اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى