الكتاب

عبدالمنعم شجرابي يكتب: ودارت الأيام

أضرب وأهرب

••• الزمان منتصف الثمانينات .. المكان عمارة البرير بالسوق العربي وشخصي المدير العام لصحيفة الهلال والشخصية المستهدفة هنا أدروب صاحب القهوة الواقعة ما بين العمارة وصينية القندول وزبائنه في الغالب الإخوة الاثيوبيين والذي ألفه الناس وهو يحمل بيمناه إلى أعلى كتفه صينية عليها قطعٌ من الجمر ( تحرس ) جبنات القهوة وفناجيلها التي يطوف بها البنايات حول المنطقة
••• أدروب الذي حمل كل جماليات شرق السودان الحبيب وحمل طيبة أهله وتسبقه ( ريحة البن ) توثقت به علاقتي وكثيراََ ما كان يجالسنا بمكاتب الصحيفة بعد انتهاء عمله وانصراف الاثيوبيين وفي مرة ذهب معي إلى المنزل ومن يومها ظل يواصل زياراته إلى أمي العزيزة يرحمها الله والتي أصبحت دائمة السؤال عنه كما هو أصبح دائم السؤال عنها
••• أدروب على غير العادة جاءني صباحاََ وبحياءٍ وصوتٍ هامس طلب تعيين ولد من أهله مراسله بالجريدة وقال “انتو ناس متعلمين والولد ده أنا عاوزو يشتغل معاكم يمشي المدرسة الضهر ويواصل تعليمه” وبالفعل نزل الصبي ماركو للعمل وكان كتلة من النشاط وماكوك ما بين الصحيفة والمكتب التنفيذي لنادي الهلال ويذهب ظهراََ إلى المدرسة
••• ماركو يوماََ وفي لحظات استعجال نسي كراساته على المكتب كانت المفاجأة أن الاسم ليس ماركو والموطن أسمرا بهدوء قلت له وكانت الثورة الاريترية على أشدها انت اريتري وأنا أعرف جيداََ العمل السري وضرورياته من الاختفاء والتخفي والاسم الحركي ومتعاطف مع الثورة الاريترية ولي مع عدد من رجالها بالخرطوم علاقات طيبة قلت قولي هذا وما قرأت في وجهه القبول أو الرفض وكل ما هناك أنه لم يأت بعدها للعمل وانقطعت أخباره ولم أجد عند أدروب نفسه سبب هذا الاختفاء إلى أن اختفى أدروب نفسه بعد أسابيع قليلة
••• أمام مستشفى تبارك بالقاهرة قبل أيام ناداني رجل يا عم شجرو .. عم شجرو وشجرو هذه ما كان يناديني بها إلا الرفاق الاريتريين ولذلك لم أجد صعوبة في التعرف على ماركو بعد هذه السنوات الطوال كان العناق حاراََ وجلسنا ليحكي ماركو أن جبهة التحرير طلبته ورئيسه أدروب للقتال فذهب فوراََ وبعد تحرير اريتريا سافر وأكمل تعليمه بإيطاليا وعمل بعدها دبلوماسياََ لبلاده بعدد من المحطات وجاء لزيارة ابنته المقيمة بالقاهرة
••• الختام الهلال في حياتنا أمبارح والليلة وبكرة إن مد الله في الأيام ( ودارت الأيام ) و( كبرنا وكبرت أحزانا ) ولا زال الهلال ( مصنع الفرح ) شاباََ كما كان وسيكون

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى