أخبار

أحمد يوسف التاي يكتب: مركز في لندن للإعيسر

نبض للوطن

(1)
“لوتمت استشارتي لأبقيتُ عليه بلندن ، وأسستُ له مركزاً إعلامياً هناك ليدافع عن السودان”..ذلك كان تعليق الهرم الإعلامي البروفيسور علي شمو، على تعيين الأستاذ خالد الإعيسر وزيراً للإعلام..وقد أورد الكاتب الصحافي المحترم صبري العيكورة هذا التعليق في مقالٍ تحت عنوان من يكبح جماح خالد الإعيسر وله الأجر.
لقد كفاني البروف شر التطويل والشرح والإسهاب في عملية اختيار الأخ الزميل الإعيسر في المنصب الوزاري، وإن كان لابد من إضافة فأقول أن الإعيسر ليس هو الشخص المناسب لتولي وزارة الإعلام ولا أية وزارة أخرى.فالذين اختاروه ربما لم يكن في أذهانهم إلا كثرة مشاهدتهم له عبر القنوات محللا ومعلقاً كإعلامي وصحافي يقوم بوظيفته،واختلط عليهم واجبات وزير الإعلام ومواصفاته وواجبات الصحافي ومواصفاته، أو ربما أن أصحاب الإختيار لا يريدون من وزيرالإعلام إلا الذي يجدونه الآن في جراب الإعيسر من بضاعة يعرضها عبر الفضائيات..
أو ربما أرادوا أن يكافئونه على الذي وجدوه عنده، وفي كل الأحوال فقد فازوا ب (معلق) لايَمِلُّ الحديث، ولاتثريب عليهم فذلك مبلغهم من العلم إذ هم يجهلون مواصفات الوزير رجل الدولة الذي ليس بثرثار ولا مُسهِبٍ في الكلام بل مقلٌ في القولِ ومُكثِرٌ في الفعلِ..
(2)
في سنواتٍ خلوْنَ وأُشهد الله على ذلك ، رنَّ جرس الهاتف وابلغني من كان على الخط بأنهم لجنة ترشيحات وقد رشحوني ضمن آخرين لاختيار وزراء حكومة كانت تحت المشاورات..لم يكن الحوار طويلاً لأني لم أحوجه لذلك فقد قلتُ للمتصل الذي تربطني به علاقة قوية عبارة قصيرة وكررتها مراراً كلما حاول معي :”أني لا أصلحُ لأي وزارة”،وكلما حاول إقناعي أقاطعه (أني لا أصلحُ للوزارة).
الوزارة ليست كلام في القنوات ولا هي كتابة أعمدة صحافية، وعملية اختيار أي وزير لابد أن تستوفي مواصفات رجل الدولة من كل الصفات الواجب توفرها في رجال الدولة خاصة السياسة والسياسة والحكمة والهدوء الذي لا تخالطه إنفعالات فضلاً عن سعة الأفق .
(3)
قبل اختياره وزيراً كنتُ أندهش غاية الدهشة للنشاط الكثيف للأخ الإعيسر في القروبات التي كان يملؤها بالرسائل والتسجيلات ويرفد كل القروبات التي يتواجد فيها بسيول من المشاركات والردود، كان يعلق على كل مشاركة ربما من أي شخص عرفه أم لم يعرفه، ويرد على كل صغيرة أو كبيرة..
كنت اندهش حقاً لهذه القدرات العجيبة…لذلك أعود إلى تعليق البروف وأقول لو أن هذه القدرات الفائقة على الردود تم توظيفها بصورة صحيحة لكان الخيار الأفضل هو إنشاء مركز للأخ الزميل الإعيسر للردود والدفاع عن السودان من موقعه وعبر القنوات التي لايَمَل الظهور فيها..وهذا بكل تأكيد ليس انتقاصاً ولا تقليلاً من شأن الزميل وإنما وضع الرجل المناسب في المكان المناسب..
(4)
عملية اختيار الزميل الإعيسر تبدو في كثير من الزوايا أشبه بالمكافأة تقديراً لمنافحته ودفاعه عن الجيش، وإذا كان الأمر كذلك فهذا أكبر خطأ لأن الوقوف مع الجيش لايحتاج إلى مكافأة فهو واجب وطني ..فمن يقوم بواجبه الوطني لايجب أن ينتظر مكافأة، ولايتوجب على أحدٍ أن يُكافئَه على واجبه…
هذه العادة السيئة والنظرة القاصرة التي لاتمت نظرة رجال الدولة ومعايير الحكم الرشيد بصلة درجت عليها “الإنقاذ ” التي كانت تكافيء “المجاهد” و”الدباب” بالمناصب والوظائف المرموقة في الدولة دون تأهيل ودون مراعاة الكفاءة والخبرة ، فكانت تكافيء أم الشهيد بالوزارة، ووالد الشهيد وشقيقه بالمواقع الحساسة التي تحتاج لمواصفات معينة فقد كانت تتعامل مع المناصب كأنها “هدايا” مغلفة تقدمها إلى من يواليها وينافح عنها حتى وإن كان انتهازي يريد أن يصل إلى مبتغاه..
في رأيي ليس هناك بؤساً أكثر من أن تكون معايير الدولة في اختيار وزرائها ومسؤوليها بتلك الطريقة، وأن تكون الوظائف والمناصب فيها توزع كالهدايا لايراعى فيها الكفاءة والخبرات والتأهيل…
الحقُّ أننا لم نتعلم شيئاً من دروس الماضي ولن نتعلم ما دامت هذه العقلية تسيطر على أجهزة الدولة والحكم …اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

زر الذهاب إلى الأعلى