(1)
برزت قضية المتعاونين مع ميليشيا الدعم السريع كأخطر قضية تثير الجدل، وتلفتُ الإنتباه، أرقام مذهلة، أئمة مساجد وخطباء وشخصيات بارزة ورموز سياسية واجتماعية كما أخبر نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار..كل ذلك أمرٌ يحارُ له اللبيب هذا الملف يجب بحثه وتنقيبه وقراءة ما بين سطوره وتصنيفه وتحليله فهو ليس كتلة صماء ولايجب التعامل معه كذلك…
(2)
أظهر أحد مقاطع الفيديو رجل أمن يستجوب متهماً بالتعاون مع ميليشيا الدعم السريع..فيسأله: هل تعاونتَ مع الدعم السريع، فيجيب بنعم..هل تعرضتَ لأي ضغوط أو أي إكراه كي تدلي بهذه المعلومات؟فيجيب بلا..هل تعرض لك شخصٌ بالضرب كي تعترف، فيرد بلا.. هل عوملتُ معاملة سيئة..الخ.. المهم من خلال الإستجواب أظهر رجل الأمن تعاملاً مهنياً راقياً مع المتهم..لم يسيئه ولم يضربه بل تعامل معه بمهنية عالية مطلوبة جداً في هذه الحالة..
بالطبع هذا مثال نادر..ونتمنى أن يسود هذا النموذج تحقيقاً للعدل والإنصاف طالما أن المحكمة وحدها هي التي تعاقب، وتصدر الأحكام
..كما نتمنى أن يكون ذاك هو الواقع والصورة الحقيقية بدون رتوش، فبعض الجهات تفعل ذلك كي تدفع فرية أو لتحسين الصورة ؟..
بلا شك الجهات الأمنية تقع عليها مسؤولية القبض على المتهم واستجوابه وتدوين اقوله لا أكثر ،ثم تقديمه للمحاكمة وإلى حين محاكمته هو بريء حتى تثبت المحكمة إدانته ولاعقوبة بدون نص قانوني…فهذه ابجديات العدل..
أقول ذلك وفي البال متهمون يفارقون الحياة تحت وطأة التعذيب والضرب قبل المحاكمة..
(3)
نما إلى علمي أن بعض الأشخاص المتهمين بالتعاون مع الميليشيا والذين تم القبض عليهم اُفرج عنهم بالضمان العادي عقب القبض عليهم واستجوابهم ربما بعد تدخل من بعض الجهات..
وهنا نتساءل :من الذي يملك حق الإفراج عن متهم قُيِّدت في مواجهته مواد عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد وهي المواد التي تتعلق بإثارة الحرابة وتقويض النظام الدستوري، وإثارة الكراهية ضد الدولة.. فحسب علمي أن بلاغ كهذا ليس فيه ضمانة عادية، وفي هذه الحالة يُقدم المتهم للمحاكمة والقضاء هو وحده من يملك حق تبرئة المتهم أو إدانته وإطلاق سراحه ..
أما الإفراج عن أي متهم بالضمان في مثل هذه الطبيعة، سيثير الكثير من علامات الاستفهام والقلق والشبهات..
(4)
الآن تزدحم الحراسات والمعتقلات وأماكن الإحتجاز المختلفة بآلاف الناس المتهمين بالتعاون مع الميليشيا منهم المعترفين بجرمهم ولم ينكرونه..
ومنهم من شوهد يتوشح “الكدمول” إمّا أن يكون راغباً في ذلك أو مُكرهاً عليه.. ومنهم ألقي عليه القبض لمجرد اشتباه يحتاج إلى ما يُبعد الشبهة أو يعززها، وهناك مظاليم وقعوا في حبائل الوشايات وتصفية الحسابات والكيد السياسي الذي تغذيه الخصومات السياسية..
لذلك تصبح مهمة الجهات العدلية بكل منظومتها من خلية أمنية وشرطة ونيابة وقضاء مهمة خطيرة وحساسة تستلزم توخي الحذر حتى لايؤخذ بريئاً بذنب لم يقترفه..
(5)
وتأسيساً على كل ماتقدم نقول لابد من إقامة محاكم ميدانية ناجزة تُوفر فيها كل فرص الدفاع عن النفس، ويُعامل فيها كل المتهمين على أنهم أبرياء إلى أن تثبت إدانتهم..تُكفل لهم كل الحقوق ليتمكن البريء من إثبات براءته أمام القانون، ولينال المذنب عقوبته وفقاً للقانون، فلا عقوبة في القانون إلا وفقاً لنص فلايضرب المتهم ولايُذلُ ولا يُهان ولايُكره على الإقرار بجرم لم يرتكبه..
وعلى كل مواطن يمتلك معلومة تعزز إتهام مذنب أو براءة متهم أن يتطوع بها انتصاراً للعدالة ودفعاً للظلم، واقتصاصاً للمظلومين.
(6)
أعود وأقول لابد من توفر مساحة كاملة لتحقيق العدل ومراعاة ظروف كل متهم على حده، فلربما كان هناك مُكرهاً وقلبه مطمئنٌ بالإيمان، وربما كان هناك ضحايا وشاياتٍ خسيسةٍ كل ذلك لابد من مراعاته والتحقق من ظروفه الخاصة، فيجب أن تكون الغاية هي تحقيق العدل وليس الإدانة وحسب…اللهم هدا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين