أخبار

أحمد يوسف التاي يكتب: السيناريو الأسوأ (1)

نبض للوطن

 

(1)
لم أنشغل يوماً بما يُثار عن حياة حميدتي وموته، ولم أجتهد ساعة في معرفة ما إذا كان حياً أو ميتاً، لأن ما أحدثته الحرب التي هو أحد المتورطين فيها من دمار وتخريب وتحطيم وإهلاك للبشر والحرث والنسل يفوق حد الخيال وهو ما يجعل حياة من يتورط في هذا لاقيمة لها ويستوي الأمران عندي حياة ونفوقاً…والحق أني لستُ أدري على وجه اليقين إن كان الرجل قد هلك أو مازال على قيد الحياة…لذلك عندما يسألني أحد القراء عمّا إذا كنتُ قد حللَّتُ خطاب حميدتي يفاجأ بردي:(لا أعرف على وجه اليقين إن كان الرجل ميتاً أوحياً، وبالتالي لا أبني تحليلاً على ما أساسه شك ولبناته فيضٌ من ظنون وتكهنات)..
لكن بالطبع هناك ماهو أهم من المراء واللغط حول موت وحياة حميدتي وخطاباته..

هناك ما هو أخطر وأعقد من كل هذا، وينتظرنا لامحالة، وهو أمرٌ يضعنا جميعاً أمام خيارين:إمّا أن ننحاز لصوت العقل ونمتشق الحكمة لنحافظ على ماتبقى من وطن، وهناك الكثير من الطرقات التي توصل إلى هذا الخيار الغاية..أو أن نضع عقولنا بعيداً ونمسك السلاح كلنا نبيد بعضنا..لأن الحرب الحالية إن استمرت بهذه الطريقة: تتغذى بالخطاب العنصري، وتتقوى بالقبلية وتستعصم بالكراهية والأحقاد والإنتقام، فإنها ستكون جديرة بإحراق كل شيء وتدمير كل شيء ولاتسبقي من الخير شيئاً..

(2)
نكونُ قد خدعنا أنفسنا إذا قلنا أن نهاية الحرب في السودان هي نهاية الأزمة، وانتهاء المشكلة…
لكن القراءة الصحيحة للواقع السوداني بمعطياته الراهنة تقول أن نهاية الحرب هي بداية لأزمات ومشاكل جديدة أكثرُ تعقيداً، وأشدُ وطأةً..!!.

وستبدأ الأزمات الجديدة من حيث انتهت الحرب الحالية، وأخشى أن يتمنى البعض عودة الحرب كما تمنوا من قبل عودة “الكيزان” من شدة ما سيلاقون بعد أن تضع الحرب أوزارها.. وفي هذا السيناريو تفصيل سيأتي لاحقاً..

(3)
إذا نجح السودانيون في ترسيخ مبادي وأسس التعقل واطفأوا ألسنة اللهب.. سيجدون أنفسهم أمام تحدٍ أكبر يحتم على الجميع مواجهته بكل شجاعة ووطنية وجرأة وإخلاص…

المعضلة ستبدأ بعد الحرب، سيخرج أبالسة السياسة وشياطين الإنس وعفاريت الجن لإعادة إنتاج الأزمات والحروب والفتن..

سيملأون الساحة ضجيجاً بحناجرٍ غليظة “مفخخة” وألسنة حداد أشحة على الخير…

ليبتدروا مرحلةً جديدة من الصراع والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق..

ليبدأوا مرحلةً جديدةً من النزاع والعراك حول السلطة والموارد الشحيحة..مرحلة جديدة من تصفية الحسابات والانتقام من الخصوم والانتصار للذات والاستقواء بالأجنبي في بعض الحالات كوسيلة من وسائل حسم الصراع..

(4)
سيأتون إلى حلبة الصراع بذات الأساليب القبيحة..بلا أخلاق ولامباديء ولاقيم إنسانية ولادينية.. سيأتون بذات العقلية العقيمة والنفوس السقيمة، لايتعظون ولايعتبرون ولا يتعلمون من دروس الحرب القاسية شيئاً..سيأتون بأجندة ليس للمواطن منها حظٌ أو نصيب…

سيشعلون الساحة بالكذب والنفاق والأراجيف وبث الشائعات، يبيعون الأوهام والوعود الجوفاء ومعسول الكلام…

سيوقدون نيران الحقد والحروب والكراهية والعنصرية، ويزرعون الفتن مرة أخرى ويتخذونها وسيلة لبلوغ الأهداف الماكرة وتحقيق الأجندة الخبيثة…اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

*نواصل*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى