سجل الجنيه السوداني انهيارًا جديدًا فوق مداولات مقابل الدولار الأميركي في السوق الموازي، بوصوله إلى (2.300) ألف جنيه، فيما يقول تجار إن الوضع في السوق الموازي مرشح للصعود أكثر خلال هذا الأسبوع.
إزاء الانهيار المتسارع للعملة المحلية وضع البنك المركزي وفقًا لمصادر مصرفية تحدثت لـ”الترا سودان”، حزمة من الإجراءات بضبط الصادرات وربطها مع الحصائل المستردة إلى البنوك السودانية، إلى جانب تشجيع الزراعة في المناطق الآمنة وتوفير جميع المدخلات والبحث عن تمويلات جديدة للعمليات الزراعية.
ويسعى البنك المركزي السوداني أيضًا إلى رفع صادرات الصمغ العربي بتشجيع وصول الشحنات عبر ميناء بورتسودان، إلى جانب تعزيز عمليات صادر الذهب بالتوسع في الإنتاج في الشمالية ونهر النيل وشرق السودان ووسط البلاد.
بالمقابل يقول الخبير الاقتصادي والمستشار المالي عمر عبد الرحمن لـ”الترا سودان”، إن الإجراءات المتخذة بواسطة البنك المركزي مجرد شكليات وعموميات، لكن في هذا الوضع لا يمكن الحديث عن الصادرات، بينما لا يمكن الوصول إلى مناطق إنتاج الصمغ العربي، تعثر الموسم الزراعي عقب سيطرة الدعم السريع على أكبر ولايتين زراعيتين وسط البلاد وهي الجزيرة وسنار.
ويرى عبد الرحمن أن أي انتعاش للعملة المحلية يمر عبر بوابتين، إما بتوقف الحرب، بحيث تجري “حكومة ما بعد الحرب” عملية جراحية عميقة، وضبط للانفاق واستقطاب التمويل الدولي بما في ذلك خمسة مليار دولار من البنك الدولي، أو في ظل استمرار الحرب أن تحصل الحكومة القائمة على قرض دولي بضمان الذهب من الصين أو الصناديق الخليجية خاصة المملكة العربية السعودية أو قطر.
فيما قال تاجر العملة بلة من ولايات شرق البلاد، حيث تتركز تجارة العملة لـ”الترا سودان”، إن الجنيه السوداني خسر أربع مرات على التوالي هذا الأسبوع بالانخفاض أمام الدولار الأميركي في السوق الموازي، من (1950) إلى (2000) ثم (2100) وأخيرًا (2300)، ولا زال السوق متحفزًا لابتلاع العملة الوطنية طالما أن الوضع الاقتصادي بهذا الشكل، الناس باتوا لا يثقون في الجنيه السوداني وهم يرغبون في استبداله بالعملات الأجنبية، حتى ولو كانت مدخرات في المحافظ المصرفية الإلكترونية، يطلبون دائمًا استبدال الجنيه للريال السعودي والدرهم الإماراتي والدولار الأميركي والريال القطري.
وقبيل اندلاع القتال بين الجيش والدعم السريع منتصف نيسان/أبريل ،2023 كان الجنيه السوداني يبلغ مقابل الدولار الأميركي (560) جنيهًا، وخلال (15) شهرًا صعد إلى (2300) ألف جنيه مقابل الدولار الأميركي بسبب تدهور مريع في الإيرادات العامة بنحو الثلثين.
ويؤدي ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي، إلى ارتفاع السلع الاستهلاكية في السودان وتتضاعف الأسعار في المناطق الساخنة بشكل كبير عما هي عليه في الولايات البعيدة عن القتال.
وفقد ملايين السودانيين العمل في القطاع الخاص، بينما ذكرت تقديرات أولية أن نحو مليوني عامل فقدوا عملهم في القطاع الخاص عند بداية الحرب قبل (15) شهرًا، وتأثر نحو (25) مليون شخص بشكل مباشر من تدهور الاقتصاد.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد ابراهيم لـ”الترا سودان” إن الاقتصاد لا يتماشى مع الحرب، عندما تقرر خوض القتال أو تجد نفسك في خضم عمليات عسكرية مستمرة لأكثر من عام، يجب أن تحرص على تخزين أطنان من الذهب في المستودعات الآمنة لبيعها إلى الدول والحصول على المال لشراء السلاح وضبط العملية المحلية، إذا لم تفعل ذلك ولم تحصل على دولة تمنح القروض والمساعدات المالية في أي وقت لن يكون بمقدورك، وأردف: “سيهزمك الاقتصاد قبل أن تهزمك الحرب”.
وتابع: “لكن الانهيار السريع للجنيه السوداني أيضًا ينم عن وجود طلبات كبيرة داخل البلاد أو حتى خارج البلاد عبر الشراء بالمحافظ الإلكترونية، بالتالي قد تقف جهات وراء تأجيج الوضع الاقتصادي لأغراض سياسية