تحيةً واحتراماً وتقديراً وكل عام وانتم بخير وبعد…. أنت الآن على رأس الدولة السودانية والمسؤول الأول فيها منذ أن تم إعلان تعيينك رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي في يوم السبت الموافق الثالث عشر من شهر ابريل عام 2019م بعد يومين من انطواء صفحة النظام السابق وأصبحت منذ ذلك اليوم قبل خمسة أعوام وعشرة أسابيع القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الدولة . وحدث شد وجذب ومنافسة وحرب باردة حول الموقع الثاني في المجلس العسكري الانتقالي بين مدير جهاز الأمن والمخابرات وبين قائد قوات الدعم السريع الذي أغلق كل وسائل الاتصال به وذهبت أنت إليه في مخبئه واجتمعت به وانحزت له ورجحت كفته على كفة منافسه ولعلك فعلت ذلك اعتماداً على معرفتك السابقة به وقد عملتما معاً في دارفور وبينكما صداقة وأجندة مشتركة . وقام بينكما حلف ثنائي وأصبحت أنت رئيس المجلس العسكري الانتقالي وبعد ذلك أصبحت رئيس مجلس السيادة الانتقالي وأصبح هو نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي ثم نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي . وقوات الدعم السريع قبل هذا التحالف الثنائي كان عددها حوالي عشرين ألف أو أقل من ذلك وهم يعملون رسمياً في الدولة ولهم ملفات خدمة . وكانت تلك القوات ذراعاً مهماً من أذرع القوات المسلحة السودانية الراسخة الجذور التي أنشئت في عام 1925م وهي امتداد لقوة دفاع السودان التي أنشئت منذ مطلع القرن العشرين الماضي وكانت مهام قوات الدعم السريع عند إنشائها مهمة ومحددة في حراسة الحدود ومنع التهريب وكسر شوكة التمرد وقمع التفلتات الأمنية في أية منطقة .
وأدت مهامها بجدارة واقتدار ودورها مشكور غير منكور وحدثت أخطاء صغيرة عولجت في وقتها. ولاحقا سعى قائد الدعم السريع بشتى السبل ومختلف الوسائل لاعتلاء الموقع الأول في الدولة قبل انتهاء الفترة الانتقالية ولو تمهل حتى يحين موعد انتخابات رئاسة الجمهورية فان من حقه أن يترشح ضمن الآخرين وطموحه مشروع ولو فاز فان الجميع يحترمون الخيار الديمقراطي ولن يعترض عليه احد ولن يحتاج لإطلاق رصاصة واحدة وإذا لم يحالفه التوفيق فان بإمكانه أن يجلس على إمبراطورية مالية واقتصادية ضخمة تكون لها مناشطها الاجتماعية والإنسانية ولكنه لم يتمهل وينتظر واستغل أصحاب المخطط الكبير ضد السودان من أجانب ومحليين ذلك وسعوا في انتهازية منهم لجعله رأساً للرمح ووضعوه في وجه المدفع رغم أنهم كانوا على طرفي نقيض معه قبل ذلك وكانوا يسيئون لقواته ويدمغونها بالإجرام وكانوا يكثرون من الإساءة إليه شخصيا والسخرية منه وكل ذلك موثق بدقة وان الصداقة الحميمة بينكما تحولت لعداوة وبغضاء ودفع الوطن المثخن بجراحه والشعب المظلوم ثمناً غالياً مراً كالحنظل هو ثمرة التحالف الثنائي الذي تم في يوم السبت الموافق الثالث عشر من ابريل عام 2019 والذي بدأ بالصداقة وانتهى بالعداوة.
والأربعة أشهر الممتدة بين شهر ابريل وشهر أغسطس عام 2019م شهدت وجود المجلس العسكري الانتقالي مع عدم وجود رئيس وزراء ووزراء وجهاز تنفيذي واشتدت المظاهرات والهتافات المنادية بالمدنية (مدنياو…… مندياو) واحتدم الصراع بين العسكريين والقحاتة وبعد وساطات محلية وأجنبية تم الاتفاق وأبرمت وثيقة دستورية تم التوقيع عليها من قبل المكون العسكري والقحاتة والشهود الإقليميين والدوليين في شهر أغسطس عام 2019م واقر أن يكون عمر الفترة الانتقالية تسعة وثلاثين شهراً وقد شهد على ذلك العالم اجمع عبر ما نقلته كافة الإذاعات والفضائيات والميديا وهذا يعني أن صلاحية الوثيقة الدستورية انتهت في شهر نوفمبر عام 2022م ولا مجال للتحاليل لمدها يوماً واحداً وقد مضى على انتهاء وقتها المتفق عليه عشرون شهراً وصلاحية الوثيقة الدستورية والفترة الانتقالية قد انتهت في شهر أغسطس عام 2019م وجرت مياه كثيرة تحت الجسر بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية أو اشتدت
الصراعات مرة أخرى بين الطرفين وبلغت ذروتها وأذعت سيادتك بيانك الشهير في اليوم الخامس والعشرين من شهر أكتوبر عام 2020م والذي أعلنت فيه حل كل المؤسسات الدستورية وشكلت بعد ذلك مجلس السيادة واعدت تعيين الأعضاء الذين كانوا يمثلون المكون العسكري في المجلس السابق مع تعيين الأعضاء المدنيين في المجلس ولكن لم يتم تعيين رئيس وزراء وظل هذا الموقع المهم خالياً منذ ذلك الوقت وحتى الآن ولم يتم تعيين وزراء وتم تسمية عدد من الوكلاء ورجال الخدمة المدنية واعتبروا وزراء مكلفين ولم يتم تكوين مجلس تشريعي انتقالي كما أعلن في ذلك البيان وظلت المحكمة الدستورية مجمدة وعطلت عمداً لعدة سنوات اختل فيها ميزان العدالة ووصف الوضع في السودان منذ ذلك الوقت بأنه دولة اللادولة وحكومة اللاحكومة وظل يتم تسيير الأوضاع فيه بالحراك والدفع المجتمعي أكثر من الحراك الحكومي الرسمي ومنذ إذاعة ذلك البيان اخذ الطرف الآخر يقوم بأعمال مناوئة فيها مظاهرات وحرائق وقفل للطرق وتعطيل للعمل وحدثت مواجهات دموية قتل وجرح وعوق فيها الكثيرون مع انتشار العمليات الإجرامية من سرقات ونهب مسلح وهي امتداد لممارسات حدثت في العهد السابق الذي راجت فيه تجارة المخدرات وقبضت حاويات كثيرة محملة بها ولم تكن هناك جدية في المتابعة وتم التعتيم على تلك الجرائم وجمدت وسجلت ضد مجهولين وكثرت في ذلك العهد الهملة والانطلاقة في شارع النيل وفي غيره من الشوارع والميادين وفي كولمبيا وغيرها …. الخ….
وبموجب الوثيقة الدستورية حلت قحت تلقائياً وكان على المنتمين إليها أن ينسبوا أنفسهم بعد ذلك لأحزابهم وتنظيماتهم التي ينتمون إليها ولم يرق لهم ذلك ولذلك استبدلوا قحت بتنظيم اسمه تقدم وهو بلا وثيقة دستورية تسنده وبلا تفويض من الشعب لحكم قرية واحدة دعك من حكم وطن كامل بكل تعقيداته الآنية ويمكن إقامة عشرات التنظيمات بأسماء مختلفة تكون أكثر شعبية من تقدم المكونة من أحزاب وتنظيمات اغلبها قزميه وشبه صفرية.
ولا ديمقراطية بلا أحزاب ولكن من ناحية فعلية فان كل الأحزاب وبلا استثناء من أقصى اليمين لأقصى اليسار وبينهما الوسط العريض الذي يمثل الأغلبية كلهم غير مستعدين لإجراء انتخابات عامة وغير مؤهلين لتولى المسئولية في الوقت الراهن في وطن معضلاته يشيب لها رأس الوليد وهي أحزاب ممزقة من الداخل وللفراغ القيادي الذي تعيش فيه أصبح أشبال الفريق السياسي عندهم يعتبرون أنفسهم قادة وأقطاب. وأية حزب يوصف بأنه يضم كتلة صماء بكماء فان هذا ادعاء كاذب وقد تفرقوا أيدي سبأ في جزر سياسية متقطعة وكثير من العقلاء منهم يرفضون أن يكونوا تابعين يسيرهم بالإشارة من هم أقل منهم . وإذا أجريت انتخابات عامة فان محصلتها ستكون ميلاد ديمقراطية رابعة مشلولة عاجزة ضعيفة ينهيها في وقت قياسي انقلاب عسكري رابع … والسودان يحتاج الآن لتصفير العداد وإقامة فترة انتقالية جديدة يتم فيها تصحيح أخطاء الفترة الانتقالية الهمجية السابقة التي كان السودان في ظلها وطن شبه مستعمر وبسبب الضعف والغفلة انفجرت الحرب اللعينة التي دفع الوطن ثمنها الغالي.
ويوجد الآن مجلس سيادة ولا توجد غيره مؤسسات دستورية أخرى تنفيذية وتشريعية ولا توجد محكمة دستورية . وبموجب الفترة الزمنية التي حدتها الوثيقة الدستورية فان شرعية مجلس السيادة انتهت ولكنه يتمتع بشرعية انتقالية سارية المفعول نؤديها وندعمها لممارسة السلطة السيادية لئلا يحدث فراغ دستوري سيادي هي شرعية الأمر الواقع ومن أهم المهام والواجبات المطلوب من المجلس أن يسعى لتحقيقها إنهاء الحرب التدميرية التخريبية الإجرامية التي تجرع من كأسها وعلقمها المر كل فرد من أفراد الشعب السوداني وهي لا يمكن أن تكون حرباً مفتوحة إلى الأبد والشيء الطبيعي أن يكون السلام والأمان والاطمئنان هو الأصل لا الحرب. والقوى الأجنبية تريدها أن تكون حرب مفتوحة لتدمير السودان ولخلط الأوراق السياسية والعسكرية لتبسط هيمنتها وفرض حكومة ضعيفة تكون أداة طيعة عندها وتصبح مثل عنز ضعيفة يجرها الراعي من إذنها.
ويا فخامة الرئيس الفريق أول عبد الفتاح البرهان إن الوطن الآن في حالة تدعو للرئاء والبكاء وانهيار أو شبه انهيار في كل المجالات والعبء كبير وثقيل لا يمكن أن يتحمله فرد واحد ولا بد أن يشارك الشعب في تحمل المسؤولية ومعك في المجلس أربعة أعضاء آخرين مع فائق الاحترام والتقدير وحفظ الألقاب والمقامات هم (عقار- كباشي – العطا – جابر ) ومهامهم الأساسية سيادية( وأمنية ودفاعية ) ولكن الضرورة تقتضي ملء الفراغ الدستوري التنفيذي والتشريعي ليتكامل دور المؤسسات ولابد من تشكيل حكومة كفاءات من خبراء وتكنقراط من الوطنين المخلصين المعتدلين أصحاب القدرات العالية والخبرات التراكمية وسعة الأفق وتعيين رئيس وزراء يكون بقدر تحديات المرحلة يكون في مستوى دكتور مهاتير محمد وأمثاله وتكوين حكومة من اسود قوية لا نمور ضعيفة مع ضرورة إعادة تشكيل المحكمة الدستورية وتشكيل مجلس تشريعي انتقالي من الخبراء أهل الاختصاص في كل لجنة من لجانه ويمكن أن يضم سياسيين وطنيين جادين لا سياسيين مهرجين ولابد من تكوين الحكومة على جناح السرعة بدون إبطاء وتأخير (امسك لي واقطع ليك) وقد شبعنا حتى التخمة من اللف والدوران والمراوغة وكثرة المؤتمرات والملتقيات والاجتماعات والمبادرات التي لم يكن التعامل معها جاداُ في المرحلة السابقة …. والمؤسف أن الجائعين للسلطة والذين تتلمظ شفاههم لها لا حصر لهم … وفي آخر تشكيلة وزارية في العهد السابق كان عدد الوزراء في الحكومة الاتحادية ستة وسبعين وزيراً وزيد عدد الوزراء في الولايات وعين ستين عضواً في البرلمان الديكوري المسمى المجلس الوطني وتم تعيين عدد كبير في وظيفة لا قيمة لها اسمها خبير وطني ومع ذلك كان هنالك عدد من المنتظرين في كنبة الاحتياطي من الذين فاتهم التعيين وتم ترضية بعضهم بتقديم مال أو عربات وبعضهم شيدت لهم أشياء أقيم من ذلك ترضية لهم ومحاولة لكسب ودهم أو اتقاء شرهم .والآن فان بعض الترشيحات لمنصب رئيس الوزراء والوزراء من هذا الطرف أو ذاك فيها هزل وعدم جدية .
ونأمل أن يفتح العالم صفحة جديدة مع السودان فيها شراكات اقتصادية ذكية واستثمارات ضخمة يتم الاتفاق حولها عبر مؤسسات الدولة بلا قهرٍ وإكراه وغطرسة وعنجهية والتعامل مع الأقوياء خير للطرفين من التعامل مع الضعفاء والعملاء.