الإتفاق السوداني الروسي…قلق أمريكي وصمت إسرائيلي مريب، وترقُب خليجي مشوب بالحذر
تحليل: أحمد يوسف التاي
الإتفاق السوداني الروسي…قلق أمريكي وصمت إسرائيلي مريب، وترقُب خليجي مشوب بالحذر
الخرطوم – موسكو …هل يتراجع الدب الروسي تحت سطوة الإغراءات الأمريكية
تحليل: أحمد يوسف التاي
×صداع نصفي:
دفع الإتفاق السوداني الروسي على إنشاء قاعدة عسكرية بالبحر الأحمر، دفع الولايات المتحدة الأمريكية للخروج من وقارها كدولة تتمتع بمكانة مرموقة في المجتمع الدولي، حيث بدا للعيان وكأنه -أي الاتفاق- أصابها بصداع نصفي واربك حساباتها على نحو اظهر عجزها عن ضبط النفس وإبداء موقفٍ دبلوماسي رزين خال من الإنفعالات السياسية التي لا تتسق مع الموقف الذي ينبغي ان تبديه دولة إزاء تعامل طبيعي بين دولتين ذواتي سيادة.. إذ جاء في معرض ردة فعلها الغاضب أن هددت السودان تهديدا مبطناً ،ظاهرا ومستترا بفرض عزلة دولية عليه، وتعميق الصراع الداخلي فيه، وزعزعة أمنه واستقراره إن هو مضى في تنفيذ ما اتفق عليه مع الروس..
×قلق امريكي:
المراقب الذي يقرأ بين سطور الموقف الأمريكي تجاه الاتفاق السوداني الروسي بإنشاء مركز لوجستي روسي بميناء بورتسودان، وتهديدات واشنطون للحيلولة دون تنفيذ هذا الإتفاق يدرك بوضوح مدى القلق الأمريكي حيال هذه الخطوة السودانية الروسية والتي اربكت الحسابات الأمريكية بشكل ملحوظ. ولعل التهديدات والتحذيرات الأمريكية والإنفعال الذي ابدته واشنطون هو ما يؤكد هذه الفرضية.
ولات حين مناص:
الأمر الآخر أن كثير من المراقبين والمتابعين لايفوت عليهم أن الإدارة الأمريكية ابدت ندما واضحا على تجاهلها للملف السوداني او تعاملها معه باستخفاف ، وهي تضرب بعرض الحائط كل تنبيهات الخبراء والباحثين والدبلوماسيين المختصين بالشأن السوداني الذين سبق ان نصحوا الإدارة الأمريكية بالتعامل الجاد مع الملف السوداني وعدم ترك مساحات للصين وروسيا أو إيران كما في تنبيهات الدبلوماسي الأمريكي السابق “هيدسون” وغيره من النواب الجمهوريين والديمقراطيين ، ولعل هذا ماحدث بالضبط.
×غياب كروت الضغط:
ثمة امر آخر في غاية الأهمية للإستدلال على الربكة الأمريكية وهو ان واشنطون لاتمتلك كروت ضغط تحمل الخرطوم وموسكو للتراجع عن إتفاقهما،
لاقانونيا ولا أخلاقيا ولاعرفيا خاصة وأن واشنطون سبق لها بناء قواعد ومراكز لوجستية في عدد من دول الخليج..فهل حلال على بلابله الدوح ..حرام على الطير من كل جنس..ولهذا وحده لم ينزعج السودان ولا روسيا من التهديدات الأمريكية..
×إسرائيل تسترق السمع :
أما ردة فعل إسرائيل فكانت الصمت المريب، ولكن الموقف الأمريكي بلاشك عبر عن رغبة اسرائيل وقلقها ومع ذلك لن تقف مكتوفة الأيدي إذ لابد لها من تحرك خفي درجت عليه لإبطال اي تقدم للسودان نحو النهوض والوقوف على قدميه، وهي التي اكد وزير امنها الداخلي الأسبق ان أي تقدم ونهوض للسودان سيكون مهددا لأمن إسرائيل.
× الموقف الخليجي:
أما الموقف الخليجي إزاء الخطوة السودانية الروسية فقد اتسم بالوجوم والهلع والترقب المشوب بالحذر خاصة بعد تطبيع إيران لعلاقاتها مع السودان ، ودخول الأخير الحلف الذي تتواجد فيه إيران كتفا بكتف مع روسيا والصين..
الأسئلة التي تطرح نفسها بقوة هل تتراجع الخرطوم وموسكو تحت وطأة التهديدات الأمريكية الخالية من الكروت الفاعلة، أم ستتنصل روسيا نتيجة لإغراءات أمريكية، أم أن الطرفين سيمضيان قدما في تنفيذ الإتفاق..
الأيام كفيلة بالإجابة عن كل تلك الأسئلة وغيرها..