الحرب تدور عادةً بين جيشين أو بين جيش ومليشيا متمردة حاملة للسلاح وتنتهي الحرب بانتصار احد الطرفين أو بإجراء مفاوضات للوصول لاتفاق يفضي لوقف الحرب والنماذج والشواهد التي تؤكد ذلك كثيرة على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي ولكن الحرب التي اندلعت في السودان منذ اليوم الخامس عشر من شهر ابريل عام 2023م كادت تكمل ألشهر الثاني من عامها الثاني وهي الآن بلا هدف والمخطط الإجرامي الكبير ضد السودان تم بتخطيط محكم وتدبير خبيث متقن داخلي وأجنبي مع رعاية وتمويل خارجي ضخم مالياً ولوجستياً وبكل أسف كانت السلطات الحاكمة في الداخل في فترة التيه والفوضى والمراهقة السياسية الانتقالية غير منتبهة وكانت غافلة وما تم توفيره للحرب من أسلحة فتاكة بكميات ضخمة وعربات أعدادها بالألوف المؤلفة ومواتر بعدد الحصى والجراد ومعينات ليس لها حد او عد كان يمكن أن تدمر قارة كاملة في وقت وجيز وفشل مخططهم وأصيبوا بخيبة أمل وافرغوا حقدهم الأسود وسمهم الزعاف على المواطنين العزل الأبرياء . وأعداد المقاتلين المشاة على الأرض وفي الميدان لم يكن متكافئاً بين الطرفين ولكن يحمد للقيادات العسكرية المهنية غير المؤدلجة وغير المسيسة التي تعمل في صمت وهدوء أنها استطاعت بما نالته من خبرات تراكمية ودراسات عسكرية عليا إستراتيجية وتكتيكية أن يكون ميزانها هو الراجح
وكان فولكر الاستعماري الخبيث يتعامل وكأنه الحاكم العام الفعلي للسودان غير المعلن والمؤكد المثبت بالدليل القاطع انه كان ينفق و يشرف بمعاونة عدد من معاونيه وعملائه على المظاهرات والفوضى التي كانت سائدة قبل اندلاع الحرب وكان يصرح ويتدخل حتى في التفاصيل المتعلقة بالجهاز التنفيذي وقد تم تعيينه مبعوثا اممياً استجابة لما ورد بالخطاب الذي بعثه رئيس الوزراء في المرحلة الانتقالية لمجلس الأمن والأمم المتحدة وأعده له السفير البريطاني السابق وكان عدد من السفراء والدبلوماسيين الأجانب يسرحون ويمرحون ويتعاملون مع السودان باستخفاف واستهتار وازدراء وعدم احترام وفي تقديرهم انه بلد الضعف والهوان ودولة اللادولة وكان السودان شبه مستعمر في فترة التيه الانتقالية باختراق سيادته الوطنية والتدخل في شؤونه الداخلية بفرض دستور يعد في الخارج ويمرر عبر غطاء داخلي بعد وضع بعض اللمسات وانتقاء من يوقعون عليه بالاتفاق معهم وإحداث انقسام مقصود بين الإطاريين الموقعين وغير الموقعين ومعهم الممنوعين من التوقيع ليحدث انقسام وفتنة في الشارع السياسي السوداني وتدخلوا في فترة التيه الانتقالية في القوانين وفي المناهج وتسيير الاقتصاد بالطريقة التي تروق لهم كأوصياء على السودان .
واخذ البعض يرددون أن السودان كسر العزلة واخذ يتعامل مع المجتمع الدولي وليت ذلك حدث ولكن الحقائق المجردة من الزيف والطلاء الكاذب تؤكد انه كان في حالة .انحناء وانكسار وضعف أمام المجتمع الدولي . والاتحاد الأوربي الذي يريد أن يفرض وصايته على السودان كان يتعامل مع رئيس الوزراء في الفترة الانتقالية وكأنه موظف يعمل تحت إمرتهم في الاتحاد الأوربي منتدباً منهم للعمل في السودان وكان الاتحاد الأوربي يصرف للعاملين في مكتب رئيس الوزراء مرتباتهم وامتيازاتهم بالعملات الحرة….. وعقد مؤتمر بألمانيا للذين يريدون تقديم مساعدات ومنح مالية وعينية للسودان وكانت حصيلة المؤتمر شبه صفرية وعقد مؤتمر لدعم السودان في باريس سبقته ضجة إعلامية صاخبة وصحبه غناء ورقص وطرب وقدمت لهم فرنسا قليلاً من الفتات وأبرمت معهم اتفاقيات مبدئية غير رسمية لاستثمارات بعيدة المدى قد يتم التوقيع عليها رسمياً وتنفيذها بعد عقود من الزمان او لا تنفذ وقد أسدل عليها ستار كثيف وهي الآن حبر على ورق . وفرنسا تلعب الآن دوراً خبيثاً في هذه الحرب بالسعي للتخلص من عرب الشتات في دول غرب أفريقيا الذين تبغضهم ولا ترغب فيهم بإخراجهم وتهجيرهم للسودان ليحاربوا ويجرموا فيه رغم أن الهجرات العادية في الظروف الطبيعية اعتاد عليها السودان . أما بريطانيا فقد أسفرت عن عداوتها للسودان عند انعقاد جلسة مجلس الأمن الشهيرة وحرم مندوب السودان المحترم في الأمم المتحدة الأديب الدبلوماسي الحصيف دكتور الحارث إدريس عن تقديم مرافعته القوية وله منا التحية والاحترام والتقدير . أما أمريكا فقد أثيرت ضجة صحبتها فرحة عارمة عند إعلان رفعها لعقوباتها الاقتصادية عن السودان وفك أرصدته المالية في البنوك وثبت أنها أرصدة ضئيلة ولم يظهر أثر ايجابي لرفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن السودان لعدم وجود تبادل تجاري وعلاقات اقتصادية تذكر بين البلدين و السودان برأته المحاكم والقضاء الأمريكي من تهمة ضحايا لوكربى إلا أن حكومة الفترة الانتقالية قدمت بانكسار للحكومة الأمريكية أموالا طائلة تعويضات لأسر ضحايا لوكربى بالعملات الحرة (دولارات) اشترتها من السوق الأسود …..
أما الدولة العربية النفطية الشقيقة التي يكن رئيسها وأحد إخوانه بغضاً وكرهاً وحقداً وعداءً شرساً للسودان فان علاقة الشعبين في الدولتين طيبة ممتازة والشعب السوداني كان وما زال يكن حباً واحتراماً وتقديراً لحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رائد وباني نهضة دولة الأمارات الحديثة وان كافة أمراء وحكام الأمارات المحترمين في كل أماراتهم أبرياء مما حدث ويحدث في السودان من جرائم بشعة فيها قتل ونهب وسلب تحت التهديد بالسلاح وتخريب وتدمير وانتهاك العروض حقوق الإنسان وكذلك فان كل أبناء شيخ العرب وحكيمهم أبرياء مما يحدث في السودان من جرائم بشعة باستثناء رئيس الدولة وبدرجة أكثر منه كرهاً للسودان احد إخوانه ويقال إنهم هم المكلفون بتنفيذ المخطط الاستعماري الخبيث تحت غطاء محاربة الإسلام السياسي وهو غطاء كاذب خادع وهم يدركون ان السودان لا يشكل خطورة في هذا الجانب وان فيه اعتدالاً وتسامحاً دينياً لا مثيل له وهدف القوى الاستعمارية السيطرة على موارد السودان وثرواته الهائلة وان لرئيس تلك الدولة ولأخيه الأكثر بغضاً للسودان أسبابهما الخاصة بهما وإذا وضعنا النقاط على الحروف بصراحة ووضوح وباختصار شديد فان المملكة العربية السعودية تعمل في صمت وهدوء وجدية وبالطرق العلمية لإحداث نهضته شاملة وستقفز في عام 2030م قفزة اقتصادية هائلة وتغدو مارداً جباراً يعتلى قمة اقتصادية عالمية شاهقة وتصبح رقماً دولياً كبيراً وهي تستحق ذلك عن جدارة ونتمنى لها التوفيق والسداد ولها مقومات عديدة لهذه النهضة من بينها وجود ساحل طويل للبحر الأحمر فيها . وبحكم المجايلة والمنافسة والغيرة بين الأنداد فان من حق الآخرين أن يسعوا لأحداث طفرة اقتصادية مماثلة ولكن ليست لهم ذات المقومات وجل مقومات نهضتهم توجد في السودان ولذلك سعوا للسيطرة على الفشقة وغيرها من الأراضي الزراعية واحتكار المنتج من الذهب بالتصدير أو التهريب إليها وهدفها الكبير هو أن يكون لها ميناء كبير ووجود معتبر ووضع يد على ساحل البحر الأحمر في الأراضي السودانية وكل شيء كان قابلاً للمفاوضات والمباحثات بهدوء وروية وتقدير المسئولية والسودان هو صاحب الحق الأصيل أن شاء وافق وان شاء امتنع ولم يرفض فتح هذا الموضوع للحوار الجاد عبر لجان فنيه رفيعة المستوى مكونة من كبار الخبراء وأهل الاختصاص ويعرض الموضوع بعد ذلك على المؤسسات السيادية والتنفيذية والتشريعية في البلدين للوصول لاتفاق يحفظ حقوق الطرفين ولا يعطى أي طرف شيئاً لا يستحقه ولا يغمط طرفاً حقاً يستحقه وهذا يعني أن الطرف السوداني وافق من حيث المبدأ على إجراء مفاوضات جادة حول هذا الموضوع مع ضرورة عرضه على المجلس التشريعي الانتقالي بعد تعيينه وتكوينه وأثار هذا غضب الطرف الآخر المستبد الذي أراد أن يفرض ما يريده فرضاً قهراً وقسراً بطريقة فيها استعلاء وفوقية وغرور بالسلطة والمال ونظرة دونية للسودان ولعل لسان حالهم لا مقالهم كان يردد باستخفاف (حتى السوادنة يريدون أن نتعامل معهم بنديه ويتحدثون عن المؤسسية! ) ولم يرد السودانيون عليهم وينزلوا لهذا الدرك والسودان هو بلد العزة والشموخ والكبرياء النبيل وعدد المتعلمين فيه والعلماء والخبراء في كافة المجالات يعادل عددهم كل العلماء والخبراء في أفريقيا وبثرواته الضخمة ومخزونه الاستراتيجي منها وبعقول بنيه الخيرة النيرة وسواعد كوادره العاملة القوية مؤهل ليكون مارداً اقتصادياً ورقماً إقليمياً ودولياً لا يستهان به ولذلك تكالب عليه الأعداء وانهالوا على جسده بسهامهم المسمومة ولكنه قطعاً سيعود ويكون أكثر قوة كطائر الفينيق الذي تقول الأسطورة الأغريقية انه سيحترق ويعود بعد ذلك مارداً جباراً أكثر قوة . وعندما اشتعلت الحرب العبثية المجنونة أفرغ رئيس تلك الدولة وأخوه كل مخزونهم من الحقد عليه وتعدو مع المتحالفين معهم مواجهة الجيش والسلطة ومرافق الدولة للهجوم على المواطنين العزل الابرياء بالقتل والنهب والسلب وانتهاك العروض وكل هذا معلق في رقابهم وان حسابهم عند الله سبحانه وتعالى . وانقلابهم الذي فشل في يوم السبت الخامس عشر 7 ابريل عام 120 كانوا يودون عبره لو نجح أن يحققوا أهدافهم بسهولة ويسر والمؤكد ان انقلابهم لو نجح فان خلافات حادة وصراعات شرسة ستقع بين قيادة الدعم السريع وبين الإطاريين والقحاته حول كيفية وضع ألساسيات واتخاذ القرارات وتسيير الدولة وتحسم قيادة الدعم السريع تلك الخلافات والصراعات إذا احتدت واشتدت بالسلاح وإرسال مصارعيهم ومخالفيهم للمقابر لا للمعتقلات….. ولو افترضنا مجرد افتراض أن انقلابهم نجح وسمح لاؤلئك الطامعين بإقامة ميناء بشروط مجحفة ووضع اليد على ساحل البحر الأحمر فان أهل الشرق الأشاوس أحفاد عثمان دقنة الذين كسروا المربع البريطاني في الحرب وكتب عنهم الشاعر الانجليزي كبلنج قصيدته فزي وزي التي أشاد فيها بشجاعتهم فإنهم لن يسمحوا لهم ببسط سيطرتهم دون رضائهم على كيلومتر واحد وعلى الأخوين في دولة الأمارات والأخوين هنا أن يعترفوا بان حساباتهم كانت خاطئة وان الشيطان قد خدعهم و زين لهم وقادهم لهذا المصير وعليهم أن يعملوا على تصحيح مسارهم وتدارك أخطاءهم .
وان على المجتمع الدولي أن يفتح صفحة جديدة في تعامله مع السودان بدون تدخل في مسائله السيادية وسياساته الداخلية ويمكن إن يقيم مع السودان شراكات اقتصادية وتجارية واستثمارية كبيرة تحفظ لكل الأطراف حقوقها .وحسناً فعل الجنرال أو الأستاذ مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي برده القوي المفحم على وزير الخارجية الأميركي وحسنا فعل الفريق اول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي برده الرادع على نفس الوزير وإخطاره بان السودان بلد مستقل له سيادة وهو حر في مد الجسور وتمتين العلاقات مع أي دولة يشاء دون وصايه عليه أو اخذ إذن من احد وهذه بداية لتصحيح المسار في علاقات السودان مع المجتمع الدولي .
والظروف التي يمر بها السودان تقتضي إيقاف المناوشات الجانبية والصراعات السقيمة العقيمة حول السلطة بين من يتنابذون بالألقاب (قحاتة – فلول –بقايا أحزاب ) والحصة وطن
والحلقة القادمة عن علاقات السودان بالقوى الأجنبية و المجتمع الدولي مع محاولة إزالة الغطاء عن المغطى.٩