الكتاب

نبض للوطن .. أحمد يوسف التاي: مابين دولة الشلليات، ودولة المؤسسات..

خاص - صوت السودان

(1)

التنوع الإثني والتعدد القبلي واختلاف الثقافات والعادات والتقاليد ، تلك الأمور تصبح مصدر ثراء ثقافي ،وعنصر قوة ومنعة في الرقعة الجغرافية الواحدة إذا كانت هذه الرقعة تحكمها دولة محترمة لا عصابات وجماعات مصالح..

وسيكون هذا التعدد نعمة كبيرة إذا كانت تلك الدولة دولة مؤسسات يحكمها القانون وتُصان فيها الحقوق والواجبات، والكل يعرف حدوده ووجباته وما له من حقوق ..

وسيصبح الإختلاف لوحة جميلة تستوعب كل الإبداع وتحقق حكمة الخالق من الخلق، (ولذلك خلقهم ولايزالون مختلفين)..

وبالمقابل فإن التعدد الإثني في ظل غياب الدولة وهشاشة أجهزتها سيتحول إلى بركان يحرق كل شيء ولم يستبق شيئا..

(2)

الدولة المحترمة التي تحكُم بالقانون والعدل بين رعاياها، ولايعلو فيها أحد على القانون، هي التي تستطيع توظيف التعدد لصالح الإثراء الثقافي والإجتماعي والإنتاج، و تدير هذا الإختلاف على نحو يحقق إيجابية التنوع للمصلحة العامة ولصالح تكامل الإنتاج…

(3)

الدولة الفاشلة التي تتحكّم فيها العصابات وجماعات المصالح الإقتصادية والشلليات هي التي توظف التعدد الإثني والقبلي لتحقيق مصالحها هي فقط، لا مصالح الدولة والشعب، إذ تستخدم هذا التعدد لضرب النسيج الإجتماعي وخلق الفتن، وإثارة النعرات القبلية والعنصرية، والإثنية لصرف الإنظار عما تريده في الخفاء، فهو سلاح فعال لديها لتحقيق أجندة خفية، ومن هنا يأتي الفرق الشاسع بين دولة المؤسسات ودولة الشلليات..

(4)

تعدد الإثنيات والاختلافات في الدول ذات الهشاشة الأمنية والسياسية يصبح بمثابة الثغرة القاتلة التي يتسلل منها الأعداء الخارجيين والداخليين لبذر الفتن القبلية والعنصرية وتحريض الأقليات الدينية وتمزيق لُحمة الوطن..

وطبقاً لذلك فإن كثيرا من الإثنيات تأثرت بالخطاب العنصري الموجه بعناية وخبث، مما جعلها تمور بأحقاد وضغائن ضد بعضها، ولعل الحرب الحالية كشفت جانباً كبيراً من ذلك، إذ جعلت بعض المكونات الإجتماعية والجهوية هدفاً للقتل والنهب والإفقار والتشريد على نحو يتسق مع خطاب عنصري انتشر مع انفجار هذه الحرب وتمددها…

(5)

هذه الأدواء التي سبقت الإشارة إليها ليس لها علاج إلا سيادة القانون وبناء دولة المؤسسات وترسيخ مباديء الحكم الديمقراطي الرشيد، وما عدا ذلك سيصبح أي جهد بمثابة الحرث في البحر، وستظل العقرب في (نتحيها)…

اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع التي تحبُ أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى