صراع الأراضي الزراعية :
يمتلك السودان أراضٍ زراعية خصبةً في جميع ولاياته ، فكل منطقة تمتاز بتربة ومناخ وإنتاجية عالية في شتّى أنواع المحاصيل مطرية كانت أم مروية ، وهو ما جعل الأطماع تتزايد على السودان .
قبل أكثر من ربع قرن توسعت إثيوبيا في أراضي الفشقة وأستولت عليها وأصبحت تُصدّر منها السمسم الأول عالمياً ؛ في نوفمبر 2020 إستطاعت القوات المسلّحة السودانية من بدء عملية عسكرية على إثرها إسترد الجيش الفشقة ، وما لبث الجيش نصف عام فقط في الفشقة إلاّ وتقدمت الإمارات بطلب غريب وعجيب ظاهره وباطنه شرُ مستطير .
قبل الدخول في تفاصيل مبادرة تقسيم الفشقة وظهور رجل الأعمال أسامه داؤود ؛ هنالك أسئلة تُطرح من عوام الناس : لماذا لم تتدخل الإمارات لترسيم الحدود قبل أن يسترد الجيش الفشقه ؟ ولماذا لم تُقدّم مبادرتها من قبل عملية نوفمبر 2020 ؟ هذه الأسئله يعرف إجابتها من له علاقة مباشرة بالزراعة خاصةً أهل الفشقة الذين مهروا دماءهم في الأرض الخصبة .
أطماع الإمارات في شرق السودان :
تعلم الإمارات جيداً ماذا تعني الفشقة كما تعلم أهميتها في زراعة السمسم الذي تنتجه ، فأرادت لها موطئ قدم بأي شكلٍ كان وتعلم حكومة أبوظبي كُره السودانيين وبُغضهم لما يأتي منهم فما شاهدوه في ليبيا واليمن كافٍ جداً لرفضهم في أي مكان .
سفر الوفد للإمارات كان طعنة في ظهر كل السودانيين فكيف يُعقل أن تُقدّم دولة مبادرة لإدارة أرض في دولتك وأنت مَن تذهب لهم وهي لا تُكلّف نفسها في عناء الحضور للخرطوم من أجل مناقشة المبادرة سيئة الذكر ، حيث ضم الوفد حينها وزير الدفاع الحالي الفريق يس إبراهيم ، مريم الصادق وزيرة الخارجيه ، نصر الدين عبد البارئ وزير العدل ، ونائب مدير المخابرات ومفوّض الحدود معاذ تنقو ؛ هذا الوفد لم يتم تفويضه من قِبل حكومة منتخبة ومع ذلك ذهبوا للإمارات التي قدّمت مقترحها بإنسحاب الجيش ما قبل نوفمبر 2020 وتقسيم الفشقة بنسبة 40% للسودان و40% للإمارات و20% للمزارعين الإثيوبيين تحت إدارة مشروع إستثماري تقيمه الإمارات في الحدود .
لماذا الفشقة من دون غيرها ؟
تتميّز أراضيها بخصوبة زراعية قلّ ما توجد في العالم بأسره فإنتاج الفدان الواحد لمحصول السمسم لا يُقارن بالفدان في أي منطقة زراعية أُخرى ، كما تتميّز الفشقة بمساحة تبلغ 251 كيلو متر مربع وهي مقسمة إلى ثلاث مناطق ؛ الفشقة الكُبرى ، الفشقة الصُغرى ، المنطقة الجنوبية ” قدّمت الإمارات هذه المبادرة لدعم مصالحها في المنطقه لتعزيز وجودها حيث تبلغ مساحة الأراضي أكثر من 6 ملايين فدان صالحة للزراعه .
الضغط الشعبي ورفض المبادره :
ذكر الوفد الحكومي حينها أنَّ الفشقة أرض سودانية ومع ذلك تم القبول المبدئي للمبادرة الإماراتية مع حفظ حقوق السودان وفق إتفاق الحدود 1902 والمذكرات المتبادلة بين حكومتي السودان وإثيوبيا 1972 والتي تحتوي على توفيق أوضاع المزارعيين الإثيوبيين ؛ وبرغم أنَّ الإمارات قدّمت مقترحها بقيمة ثمانية مليار دولار والتعهد بإنشاء مطار للصادرات وإنشاء سكه حديد وتعبيد طريق القضارف بورتسودان وإنشاء طريق آخر إلى الميناء من القلابات ومع ذلك كله تم رفض المبادرة حيث أعلن أهل الفشقة رفضهم التام للتدخل الإماراتي وتم التظاهر أمام بيت السفير الإماراتي بالحي الراقي ، ورغم أنَّ عضو مجلس السيادة حينها مالك عقار أعلن رفضه القاطع للمبادرة الإماراتية وتحذير الأخيرة من التدخل في الشؤون الداخلية إلاّ أنَّ مظاهرات السودانيين أمام مقر السفير كانت أبلغ فهو رفض شعبي لمجرد التفكير في الحديث عن الفشقة ، وجدت الإمارات نفسها في موقف لا تُحسد عليه فأبلغت الحكومة بالتنازل عن المبادره .
سيناريو الحرب ودعم الجنجويد :
من أجل السيطرة على الأراضي السودانية والمعادن النفيسة وجدت حكومة أبوظبي ضالتها في المتمرد محمد حمدان دقلو الذي ( وافق على المبادرة وتسليم الفشقة للإمارات ) وعندما علمت أنَّ الشعب السوداني يرفض وجود الإمارات في الموانئ والأراضي الزراعية قررت دعم حميدتي بسخاء حتى يقضي على الجيش السوداني وهو الوحيد الذي تبقّى للدولة فإن سقط سقطت وتقسمت لدويلات وهي ما ذهبت له ووجدت عميلها دقلو وأخوه وشرعا في تنفيذ مُخطط تدمير الدولة وشن حرب شعواء تنتهي بتسليم الدولة إلى إبن زايد لتصبح إمارة يُديرها كيفما يشاء .
أحبط الجيش إنهيار الدولة في لحظاتها الأولى وتصدّى لعملية أشبه ما تكون بالحرب العالمية تسعة دول وتزيد هي التي تُحارب القوات المسلّحة ، تفعل حكومة الإمارات كل ذلك من أجل السيطرة على ( الموانئ – الأراضي الزراعية – الذهب ) فهي تعودت على قتل الأبرياء بسلاحها ومسيراتها ومرتزقتها وذخيرتها ولقد شاهد العالم أجمع الدور الرئيس لحكومة إبن زايد ؛ إدانات دولية ومنظمات وصحف عالمية نشرت تفاصيل الرحلات الجوية منها إلى مطار أم جرس .
خسرت الإمارات أموالها وما زالت تُقدّم للمرتزقة السلاح والمال والعتاد ومع ذلك خسرت كُل شئ ما عدا أخلاقها فهي عديمة الأخلاق والشرف ” تقتل الأطفال والشيوخ بدعمها للمليشيات ” شاركت في التطهير العرقي على أبناء قبيلة المساليت ، تُدمّر السودان للسيطرة على موارده ولكنها لم تعلم بعد أنّ الشعب السوداني يموت دون ماله وعرضه وهو ما يحدث الآن في كثير من المُدن ولن يتم تسليم البلاد لحكومة أبوظبي لتنعم بخيراتها وذهبها .