بعد غياب 33 عاماً.. صحفيو السودان يقطعون شوطاً مهماً نحو انتخاب نقابة مهنية
الخرطوم: صوت السودان
قطع الصحفيون السودانيون يوم السبت، شوطا مهما في انتخاب مجلس النقابة الخاص بهم بعد غياب دام لأكثر من 33 عاما، وذلك بعقدهم أعمال الجمعية العمومية، وإجازة ميثاق الشرف الصحفي ومشروع النظام الأساسي، وتكوين لجنة انتخابات مسؤولة عن انتخاب نقيب للصحفيين وأعضاء مجلس النقابة.
وحُلّت نقابة الصحفيين عقب استيلاء الرئيس المعزول عمر البشير على السلطة يوم 30 يونيو/حزيران 1989.
وشارك في أعمال الجمعية، التي أشرفت عليها لجنة تمهيدية جرى اختيارها يوم 26 مارس/آذار الماضي، 493 صحفيا من بين 933 صحفيا محليا، إضافة إلى 186 صحفيا سودانيا عاملا بالخارج.
وكان لافتا حضور الصحفيات في الاجتماع الذي شهده ممثل لمنظمة العمل الدولية لمراقبة إجراءات أعمال الجمعية التي استضافتها دار المهندس وسط العاصمة الخرطوم.
واستمرت أعمال الجمعية العمومية لأكثر من 9 ساعات، شهدت نقاشات محتدمة وإدخال كثير من التعديلات على مشروع النظام الأساسي، وانتهت بانتخاب لجنة الانتخابات.
وحصل وزير الإعلام السابق فيصل محمد صالح على أعلى نسبة أصوات في قائمة المرشحين بـ125 صوتا، واختير معه في اللجنة -طبقا لنتائج التصويت- 7 صحفيين هم: لمياء الجيلي، وأحمد يونس، ومعاوية الجاك، والشفيع الأديب، والأحمدي فرح، وزهير عثمان، وانتصار العوض.
وفوضت الجمعية العمومية لجنة الانتخابات كتابة لائحة تنظم أعمالها، واختيار 5 محامين بالتوافق لينضموا إلى عضويتها، وصولا إلى إقامة الانتخابات في فترة لا تتعدى 30 يوما.
حصد الثمار
وصف الصحفي السوداني نصر الدين العماس انعقاد الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين بأنه فاتحة خير لبقية النقابات للسير في طريق توطين مفهوم النقابات المطلبية.
وقال العماس لـ”الجزيرة نت” إن النظام المعزول استغل العمل النقابي لصالح التحشيد الحزبي، مضيفا أن من شأن الجمعية العمومية أن تمهد لعودة النقابات إلى مكانها الطبيعي في الدفاع عن منتسبيها وتطويرهم، لا استخدامهم أدوات في الصراع السياسي.
بدورها، عبرت الصحفية نمارق ضو البيت في حديث للجزيرة نت عن سعادتها باجتماع كلمة قرابة 500 صحفي وصحفية، معتبرة أن من شأن ذلك أن يُنهي فترات متطاولة من الصراعات التي كانت على حساب الصحفيين.
أصوات تعترض
تشكلت اللجنة التمهيدية المشرفة على أعمال الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين السودانيين بعد تشرذم كبير طال الأوساط الصحفية المنقسمة إلى عدة كيانات.
وقبل أشهر، وبعد جهود كبيرة ومبادرات عديدة، توافقت اللجنة التأسيسية لنقابة الصحفيين السودانيين، ولجنة استعادة نقابة الصحفيين السودانيين، وشبكة الصحفيين السودانيين، على تكوين لجنة تمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين.
ولكن رغم ذلك الجهد، فإن الخلاف برز مجددا بإعلان عدة أجسام عدم اعترافها ورفضها مخرجات الجمعية العمومية.
ويأتي في قوائم المحتجين اتحاد الصحفيين السودانيين المحلول من قبل الحكومة الانتقالية المعزولة في ديسمبر/كانون الأول 2019، علاوة على “القاعدة الصحفية المستقلة” و”تجمع صحفيي الولايات”.
وطالب رئيس الاتحاد المعزول الصادق الرزيقي، في تصريحات صحفية، السلطات الحكومية بمنع أعمال الجمعية العمومية، مشددا على أن الاتحاد العام للصحفيين السودانيين (المحلول) هو الجسم الشرعي المنتخب من القاعدة الصحفية، رافضا تكوين أي أجسام موازية له.
وقال إن أي ممارسة تتم في ظل تعطيل قانون النقابات والاتحادات المهنية، وتجميد نشاط الاتحاد، ممارسة غير شرعية ومخالفة للقوانين.
بدوره، لخص رئيس القاعدة الصحفية المستقلة طارق عبد الله أبرز اعتراضاتهم على أعمال الجمعية في السجل غير المنقح الذي يضم في ثناياه نشطاء وسياسيين من دون أن يكون لهم علاقة بمهنة الصحافة.
وطالب في حديثه مع الجزيرة نت باعتماد السجل الصحفي الذي أشرف عليه مجلس الصحافة سابقا واتحاد الصحفيين المحلول في آخر سنوات نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
وقال عبد الله إن المضي في انتخاب نقابة للصحفيين قبل إجازة الدولة قانون النقابات يعد خرقا قانونيا من شأنه إبطال أعمال الجمعية العمومية، وفقا لقاعدة ما بني على باطل فهو باطل.
وأضاف أن إجراءات الجمعية تمهد لفقدان صحفيي السودان مكتسباتهم المتحققة في كثير من الأجسام الإقليمية والدولية.
تهوين للرفض
في المقابل، قلل عضو اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين علي فارساب من الأصوات الرافضة لقيام الجمعية العمومية.
وقال فارساب للجزيرة نت إن الاعتراضات إما صادرة عن اتحاد الصحفيين، وهو كيان غير شرعي ومحلول بالقانون، وإما صادرة عن كيانات غير مفوضة، هدف عضويتها التشويش على حالة التنادي الكبير من قبل الصحفيين لإقامة نقابة مهنية مستقلة.
وشدد على أن النقابات المرتبطة أعمالها بالحريات لا تخضع عادة لقانون النقابات، وذلك لارتباطها مباشرة بقضايا الحريات، وليس الدفاع عن مطالب مهنية بحتة.
ويقول علي فارساب إن اقتراب أوان تشكيل نقابة منتخبة ومستقلة للصحفيين يوحد القاعدة الصحفية، ويشكل مظلات حماية لمنتسبيها من كافة أشكال العسف والتعدي، في حين يتوقع طارق عبد الله مزيدا من التشرذم وضياع حقوق العاملين في بلاط صاحبة الجلالة.
أهم البنود
أجازت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين السودانيين ميثاق الشرف الصحفي المتكون من 26 بندا، وذلك بعد إدخال التعديلات من قبل عضوية النقابة.
ومن ضمن ما ورد في الميثاق التزام الصحفي بمبادئ الحرية والسلام والعدالة والدفاع عن الديمقراطية والحكم الرشيد، وحماية النظام التعددي، والسعي إلى الحقيقة واحترامها والبحث عنها وكشفها مع العمل الصارم والالتزام الواعي بها والتعهد بتوصيلها للجمهور، بجانب الدفاع عن حرية الصحافة وعدم قبول أي مهام لا تتلاءم مع ضوابطها وأخلاقياتها.
وفي الميثاق، ثار جدل كبير حول تعريف الصحفي، وانتهى النقاش بأنه هو كل سوداني وسودانية يتخذ الصحافة مهنة بوصفها مورد رزق رئيسيا، ويشمل ذلك المخبر والمحقق والمحرر ورسام الكاريكاتير والمدقق اللغوي، والعاملين في الصحافة المطبوعة والإلكترونية ومؤسسات الإعلام المرئي والمسموع داخل وخارج جمهورية السودان، وكذلك السودانيين العاملين في مراسلة الصحف والوكالات ووسائل الإعلام الأجنبية المسجلة في الدولة، والمراسل المعتمد المتفرغ لأداء المهنة دون الانتساب لجهة محددة.