محجوب عروة: اقتراحي لوقف الحروب نهائيا
اقتراحي لوقف الحروب نهائيا
محجوب عروة
يقوم اقتراحي علي قناعتي الراسخة بأن الحل الصحيح هو الحل السلمي وليس العسكرى كما قال تعالي ( الصلح خير) و( لاتستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن) فكل الحلول العسكرية منذ نظام 17 نوفمبر حتي الانقاذ لم تنتج الا المزيد من الرغبة في الانتقام واشاعة الكراهية والتعصب الأعمي. ان شعار (لا للحرب) وحده شعار ناقص ومضلل فالمطلوب (كيف) نوقف الحرب بل أى حروب قادمة لاسمح الله بشكل نهائى وماهي الآليات لوقفها ثم ما هو الحل السياسي الشامل لتعود الحياة الطبيعية للسودانيين لتحقيق السلام والاستقرار والحكم الرشيد المفضي للازدهار ونهاية الدورة السياسية الخبيثة.
في البدء يجب ابعاد أى حلول دولية او اقليمية أو محلية اقصائية، الحلول يجب ان تكون سودانية خالصة و في داخل السودان فقط وانتهاء ما يسمى الآلية الثلاثية والرباعية فالسودان للسودانيين فمثلما لا تسمح لنا دولة بالتدخل في شأنها الداخلى فيجب المعاملة بالمثل.
تفاصيل مبادرتي كالآتي : أولا يقوم الجيش القومي وقيادة الدولة الشرعية الحالية والمعترف بهما محليا ودوليا باعلان العفو العام عن كل المحاربين منذ 15 أبريل بشرط أن يضعوا السلاح ويخرجوا كليا من العاصمة خاصة والبلاد عامة ويشمل العفو السياسيين المخالفين للحكومة ليعودوا لبلادهم مطمئنين ويمارسوا حياتهم وحقوقهم وواجباتهم السياسية بحرية ومسئولية وطنية وأخلاقية وقانونية. وحيث أن الثقة غير متوفرة وخشية المحاربين للجيش من عدم وفائه بالعفو بعد القائهم السلاح والخروج ويريدون ضمانات فالأوفق وفي ظل تعذر الاجتماع بين الطرفين وفشل اتفاق جدة أن يتم ذلك الخروج وتسليم السلاح عبر قوات عسكرية محايدة وأقترح من مصر وجنوب السودان باعتبارهما الأقرب للسودان ويمكن اضافة بعض قوات رمزية من دول افريقية وعربية واسلامية حسب ما يتيسر ويتوافق عليه. ثم يترك لعناصر قوات الدعم السريع التي تم حلها من السودانيين العيش بسلام وأمان في بلادهم والالتزام بعدم تكرار ما حدث منها، أما الذين تم استجلابهم من الخارج فيتم ابعادهم نهائيا من السودان.
هذا من حيث الآلية الفنية والادارية العسكرية لوقف الحرب، الا أنه لابد من الحل السياسى الشامل والدائم لضمان عدم تكرار ما حدث اليوم بل منذ الاستقلال وذلك بالاتفاق علي كيف يحكم السودان خلال فترة الانتقال لعامين فقط ثم نهائيا عبر الانتخابات الدورية الحرة الصادقة والشفافة لتتحقق مقولة ( الجيش للثكنات والدعم السريع وكل قوات الحركات المسلحة تنحل والأحزاب للانتخابات) ولا ينبغي بعد اليوم السماح بانشاء أى قوى عسكرية موازية للجيش القومي الواحد والذي يجب أن يعمل وفق عقيدة عسكرية تبعده عن التسييس ليكون حاميا للوطن و أمنه وسلامة أراضيه وحدوده وحارسا للدستور والديمقراطية المستدامة.
ثانيا اعادة تركيبة مجلس السيادة الحالي للفترة الانتقالية يشارك فيه الجيش ومن مدنيين يمثلون كل ولايات السودان وليس كما مضي ويكون المجلس رمزا للسيادة دون التنفيذ أما التشريع فيتقاسم مع حكومة مدنية تنفيذية من مستقلين أكفاء وابعاد المحاصصة الحزبية تماما سواء للحكومة أو السيادة لتنصرف الأحزاب لاعادة بناء نفسها ولوضع برامجها وتستعد للانتخابات عقب الانتقال.
تقوم الحكومة المستقلة بتكوين مفوضيات من خبراء مستقلون يشكلون غالبها ومن ممثلين للأحزاب علي رأسها مفوضية (كيفية معالجة) ماحدث من تخريب أثناء فترة الحرب وكيفية التعويض للمتضررين. ومفوضية لاقتراح الدستور الدائم ليجيزه البرلمان المنتخب. و يكون المؤتمر الدستورى شاملا للجميع دون اقصاء يتم الاتفاق فيه علي المشتركات الوطنية والسياسية والحد الأدني مثل وحدة السودان وأنه دولة جمهورية مدنية دستورية ديمقراطية فدرالية ويتم فيه الحوار الجاد حول النظام السياسي القادم رئآسيا أم برلمانيا أم خليطا.. وماهي الولايات التي يتأسس عليها النظام الفدرالي هل مثل الأقاليم الستة السابقة واضافة اقليمي النيل الأزرق وجبال النوبة أم بتعديل.
ثالثا تكريس العدالة الانتقالية للتعافي والاعتذار عما سبق ومن أفسد ماليا يكون القضاء المستقل هو الفيصل في أى شكوى محددة وليس بالاتهام الجزافي و التسييس كما حدث من قبل.
رابعا مفوضية لوضع قانون جديد للاحزاب حتي تكون احزابا حقيقية ومفوضية النظام الانتخابي الذي أرى أن يقوم علي نظام الانتخابات بنظام القوائم والتمثيل النسبي المئوى المطلق باعتبار كل السودان دائرة واحدة لنضمن تمثيل كل القوى السياسية وفق ما تحصل عليه من نسبة تفويض شعبي يكون هو الفيصل الوحيد والحقيقى في تمثيل الشعب وليس كما مضي من نظام الدوائر الفاشلة وغير العادلة والذي يعتمد علي القبلية والجهوية والأموال والرشاوى فنضمن برلمانا بمستوى أفضل مما سبق فيه جميع التخصصات المهنية والتمثيل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والاعلامي.
أقترح خلال فترة الانتقال الاتفاق علي مجلس معين من حوالي مائة وخمسون شخصية يسمى مجلس حكماء السودان يمثلون كل تركيبة أهل السودان الوطنية والمهنية والاجتماعية خاصة الشبابية من الجنسين مع تمثيل محدود لممثلي الأحزاب ليقدم النصح لمجلسي السيادة والوزراء و لمراقبة الفترة الانتقالية ويكون هذا المجلس بمثابة حاضن لوفاق وطني لتكريس الحوار الهادئ الناضج المنتج للاستقرار والسلام والحكم الرشيد.
من أجل استمرار ونجاح الفترة الانتقالية يجب حظر ومنع وتجريم أى اضرابات ومظاهرات واغلاق الطرق والمدن والاكتفاء بطرح الرؤى المختلفة للجميع عبر وسائل الاعلام والصحافة الحرة والندوات والمحاضرات وليكن التلفزيون القومي للجميع بتحويله لهيئة قومية مستقلة لا تتحكم فيه الدولة حتي نضمن الحرية للجميع.
• وفقا لقناعتي بأن جذور المشكل السودانى هى ثقافية واجتماعة بافتقار السودانيين للشعور القومي الصحيح وعدم تقديم الولاء للوطن ومصالحه العليا بديلا للعصبية القبلية وللعنصرية والجهوية والمصالح الطائفية والحزبية والشخصية الضيقة التي تسببت فيما نحن فيه يتعين أن يقوم مؤتمر ثقافي وفكرى لتكريس الشعور القومي والوطني لتشجيع حوارات وتفاهمات لكيفية ادارة التنوع وفرض ذلك علي مؤسسات التعليم في كل المستويات.. فحل مشكلة الحرب ليست سياسية فقط.