منوعات

عبدالباسط عبداللطيف يكتب.. من أدب النزوح

منذ حوالى شهر سافرت عنا المدام وبناتي إلى بورتسودان بدعوة من أخيهن هناك (أحمد) وبقيت أنا في ولاية الجزيرة – ولا أزال – ممارساً مهنة الزراعة. والحمد لله الأرض لا زالت تنتج ونأكل منها.
وأنا في هذا الحال، فقد أبلغتني ابنتي صباح اليوم بأن أخاها (ابني محمد) قد امتهن بيع الطعمية في فترينة أحد الأصهار هناك. ورغم أن البيع عموماً لا حرج فيه لمن مثله، ولا حرج من حرفة بيع الطعمية، إلا أنني أخذت أضحك بشدة على حال ابني، ثم خالجني ما خالجني ، فتنزَّل عليّ شيطانُ الشعر (كما يقولون) فوراً، فنظمت هذه القصيدة..
****
*إلى ابني.. بائع الطعمية*

*******
يا بائعاً في الشرقِ للطعمية* : (مني السلامْ مرفوعْ إلى أُسْ مِيَّة)
قد كنتُ أرجو أن تكونَ مهندساً* بعد التخرجِ أولَ الكليَّة
أو أن تكونَ درستَ طباً باطناً * أو في الجراحةِ تُتقنُ العمليَّة
أو أن تكونَ كضابطٍ متخرجٍ* في الجيشِ من كليةٍ حربيَّة
أو نسْرَ جوٍّ هابطاً بمظلةٍ * أو كابتناً في أطقُمِ (الجويَّة)
أو ضابطاً من شرطةٍ متخرجاً* في الكتفِ تعلو نجمةٌ فِضيَّة
تأتي وعنك يُقالُ إنَّ محمداً *
في الزيتِ يرمي حبةَ الطعميَّة؟!!!
مَنْ تلك ترضى أن يكونَ عريسُها * في الصاجِ قَعْدتُه من الصُّبحيَّة؟!
اقنعْ فلن تلقى عروساً يا أخي * لا إنْسَ، لا حتى ولا جِنَّية
أمَا كفاك أبوكَ صارَ مزارعاً* صُبْحاً وممتشقاً لها الطورية؟
قد كان يوماً في المكاتبِ جالساً * تبريدُ فِرْيونٍ .. (مياهْ) صحيَّة
عُذراً بُنيَّ (ففي الهوى صرنا سوا) * بلوى هنا و(الصاج) شرُّ بليَّة
أنا في الجزيرةِ قد غدوتُ مزارعاً * وتصيحُ أنتَ : (الحبتين بي ميّة)
اضْحك عليّ، عليك أيضاً ًضاحكٌ* طوريةٌ وعجينةٌ مرميَّة
سواها فينا يا بنيَّ (فريقْ خلا)* صرنا كذا (بينْ ضَحْوةٍ وعشيَّة)
ما تستحي.. يا ابني بِعْ زي ما تشا * وأنا هنا .. فزراعتي مرويّة
– – – – – –

شعر: عبد الباسط عبد اللطيف
وكالة السودان للأنباء
أكتوبر ٢٠٢٣م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى