اقتصاد

السودان.. الحرب تجبر مصانع للهجرة إلى خارج

رصد- صوت السودان

نقل مُلاك مصانع في العاصمة ما تبقى من معداتهم الى الاقاليم وخارج البلاد، بعد أن طالتها يد التدمير جراء الحرب الدائرة بين الجيش السوداني والدعم السريع. ط

وارجع الملاك قرارهم الى عمليات النهب والسرقة التي لحقت بعدد كبير منها، وقالوا إن الحرب تسببت في تدمير كامل للمنطقة الصناعية بمدينة بحري والتي تعد الركيزة الأساسية للصناعات السودانية، وبعد توقفها عن العمل يقول خبراء اقتصاديون إن انكماشاً حدث للنمو الاقتصادي وفقد عشرات الآلاف وظائفهم.
وبالنسبة للخبير الاقتصادي بروفيسور حسن بشير فإن الحرب تسببت في انكماش الاقتصاد السوداني للنصف حسب تقييم مؤسسات دولية.

وقال بسببها خرجت الكثير من الانشطة الاقتصادية والتجارية وانقطاع الخدمات عن العمل، فضلاً عن تدمير البنى الأساسية من الاصول الرأسمالية المتمركزة في الخرطوم.

واضاف بشير أن اعداداً كبيرة من المواطنين فقدوا اعمالهم ومصادر دخلهم، وكذلك منازلهم وممتلكاتهم، فدفع ذلك بنسبة كبيرة من السودانيين الي اتون الحرب، واصبحوا نازحين بالداخل أو خرجوا قسراً الي خارج البلاد، وتدهورت القوة الشرائية للجنيه السوداني للنصف تقريباً، كما تقلصت مصادر النقد الاجنبي بسبب تراجع الصادرات وأصبحت معظم الاحتياجات الاساسية للحياة تستورد من الداخل ما أدى لاستنزاف الموارد المحدودة مشيراً إلى التكلفة الباهظة لتمويل الحرب لافتاً إلى أن في استمرارها انهيار تام للاقتصاد السوداني.

ويقول الملاك إن الانقطاع التام لخدمات المياه والكهرباء وشبكات الهواتف، كلها عوامل ضاعفت من معاناة عشرات الآلاف من المدنيين الرازحين تحت القصف وأصوات الرصاص، فضلاً عن اغلاق الاسواق.
ومنذ اندلاع الحرب دخلت الأسواق السودانية في حالة ركود وانكماش خانقة مع تراجع سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية.
ومع اشتداد وتيرة التصعيد العسكري تبددت الآمال بعودة المصانع الى الدوران.

وزادت الحرب من الضغط الهائل على الاقتصاد السوداني، حين دفع فاتورة باهظة انعكست على الأوضاع الإنسانية والمعيشية بالبلاد بشكل لافت، ويرافق ذلك ضرر هائل لحق بعدد من المصانع والمؤسسات والبنى التحتية في مناطق الاشتباكات.

وتشير التقديرات “غير الرسمية” إلى أن البلاد خسرت ما يفوق ال100 مليار دولار جراء التداعيات الناجمة عن الحرب، بما في ذلك الخسائر المرتبطة بعمليات النهب التي تعرضت لها المصانع والمؤسسات والدمار الذي لحق بعدد منها، علاوة على كلفة النزوح داخل البلاد واللجوء إلى الدول الجوار.

ودفع الصراع 24 مليون شخص، أي نحو نصف سكان البلاد، في حاجة إلى الغذاء ومساعدات أخرى، بينما 2.5 مليون فقط تلقوا مساعدات بسبب القتال الضاري ونقص التمويل، حسبما قال مسؤولان بالأمم المتحدة الشهر الجاري.

وتصل نسبة القطاع الصناعي السوداني إلى نحو 21 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتحتضن ولاية الخرطوم 85 في المئة من المنشآت الصناعية في السودان، وبتوقفها حدث تدمير كامل للقطاع الصناعي وانكماش النمو الاقتصادي وفقدان عشرات الآلاف من الوظائف.

ولفت بروفيسور حسن بشير الى أن ليس هناك كارثة اسوأ من الحرب، منبهاً الى أن التكاليف الاجتماعية للحرب هي الاعظم، مشيراً الى الموت والتشرد وانتشار الاوبئة، هذا الى جانب المهانة من الجوع وسوء التغذية.

وحسب تقديرات منظمات الامم المتحدة المختصة فإن 50 % من سكان السودان في حاجة عاجلة لإعانات الغذاء وهو الامر الذي لن يتوفر في ظل استمرار الحرب. ويشترط الاقتصاديون قياس الكلفة الاقتصادية بالبيانات لجهة أنها عملية يجب أن تتوفر فيها الدقة.
وبسبب الحرب والتدمير الهائل للبنى التحتية تغيب هذه الفرضية ولا لا تتوفر أثناء الحرب، وهناك خسائر فادحة في الخرطوم وبعض المدن في ولاية دارفور يصعب قياسها حالياً، وحول الخسائر الفادحة للحرب يقول بشير اذا خصمنا جميع القدرات التي تتمركز في الخرطوم بمدنها الثلاث (الخرطوم، امدرمان والخرطوم بحري) عن مجمل ما يتوفر للسودان من قيم، واذا اضفنا اليها تكاليف الحرب المستعرة منذ 15 ابريل 2023م المباشرة وغير المباشرة، فسنجد أن الخسائر فادحة وتقدر بمئات ملايين الدولارات يومياً. تلك التكاليف متمثلة في الدمار والتلف والصرف علي الحرب، الا أن تكلفة توقف الاعمال الخاصة بالإنتاج وقطاعات الاعمال والتجارة والتمويل والايرادات العامة وخروج كثير من النقد الاجنبي مع من خرجوا خارج البلاد تعتبر تكلفة باهظة بجميع المقاييس الاقتصادية، اذا اضفنا لذلك تكاليف توقف او تعطل الجهاز المصرفي بشكل شبه تام وتوقف حركة التحويلات المصرفية والتمويل والنقل الجوي والبحري والتجارة العابرة للحدود عبر المعابر لادركنا جسامة تكلفة الحرب، اما تكلفة التنقيب عن الذهب وتصديره والذي كان يشكل رافداً اساسياً للدخل القومي فتحتاج لدراسة متأنية لمعرفة الخسائر في هذا القطاع الحيوي للاقتصاد السوداني.

هناك جانب آخر مدمر للحرب هو طرد المستثمرين الأجانب على قلتهم من البلاد والكثير منهم لن يعودوا ابداً، كما أن بناء بيئة جاذبة للاستثمار الاجنبي لسودان ما بعد الحرب ستحتاج لكثير من المال والجهد والوقت.

وطالب بشير بضرورة ادراك ومعرفة التكاليف الاكثر جسامة للحرب وهي التكاليف الاجتماعية المتمثلة في ازهاق الارواح والاصابات والاعاقات والامراض واسقاط وموت الأجنة والعاهات النفسية، وتكاليف فقدان التعليم العام والعالي والتشرد والنزوح والهجرة بدون كفالة او رعاية اقليمية أو دولية، اضافة لخطر المجاعة الذي يهدد اكثر من نصف سكان السودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى