د.أسامة عيدروس يكتب.. سيناريوهات نهاية الحرب.. سناريو انتصار الدعم السريع (2)
سيناريوهات نهاية الحرب (الحلقة الثانية)
سناريو انتصار الدعم السريع (reverse the tide)
في لعبة الحرب وهو تمرين تقوم به كليات الحرب العليا وكليات الدفاع يصدر من القيادة السياسية التوجيه السياسي بالحرب بعد دراسة للبيئة الاستراتيجية في بعديها الداخلي والخارجي. بعدها يجتمع قادة القوات على (تربيزة الرمل) وهو مجسم لبيئة المعركة التي ستجري عليها المعارك مع خطوط الامداد ويتم حولها دراسة البدائل حسب تقارير الاستخبارات لحالة العدو وحالة الدولة نفسها ومن بين البدائل يتم رفع البديل المنتخب باعتباره الذي سيكون أقرب لحقيقة المعركة.
نحن كمدنيين ندرس الأمر كسيناريوهات وهو علم حديث يتخصص فيه دارسوا المستقبليات. نحاول في هذا المقال دراسة خيارات الدعم السريع التي يمكن أن تنقل الوضع العملياتي من حالة ميؤوس منها إلى تغيير استراتيجي يجعل نهايات المعركة مفتوحة على كل الاحتمالات. هي أيضا محاولة لدراسة المقولة التي تم تكرارها بشكل مستمر في كل القنوات العالمية وخطابات رؤساء الدول ومندوبي المنظمات أن هذه الحرب لا يمكن حسمها عسكريا. فهل هذه الفرضية صحيحة؟ وما الذي يفكر فيه الدعم السريع من خيارات بعد ارتكابه أخطاء استراتيجية أدت الى وقوعه في مصيدة الجيش؟.
1. يحتاج الدعم السريع إلى إعادة سيطرة قيادته على جنودها وبناء قنوات اتصال بعد تدمير شبكة الاتصال الخاصة به. وهذا يتطلب أكثر من مجرد تسجيل رسائل صوتية معنوية. والسيناريو المحتمل هو خروج قيادة الدعم السريع خارج الخرطوم وتأمينها مع البحث عن شبكة اتصال جديدة يمكنها اختراق حاجز الحصار المفروض على قادتها بعد تشتتهم كمجموعات في أنحاء ولاية الخرطوم.
كما سيحتاج الدعم السريع لاقناع قواته التي ما زال بعضا منها موجود في نيالا والفاشر والجنينة والتي يا للعجب فضلت هدنة الجيش والجلوس عن القتال ، وعليه أن يقنعها بالالتحاق بمعركته في الخرطوم بصورة ما.
2. سيناريو البحث عن حاضنة إجتماعية ومصدر إمداد بشري وخط إمداد جديد غير الصحراء. رغم أن أطراف خارجية متورطة تماما في هذه الحرب لكن الأيام الأولى فيها أثارت الذعر ومخاوف أمنية عالية لدى الفاعلين الدوليين بعد أن ارتسمت صورة المقاتلين العابرين للحدود الممتدة بطول الساحل والصحراء والتي كان سيشكل انتصار الدعم السريع واستلام الحكم في الخرطوم زلزالا يهدد مصر وشمال أفريقيا وشرقها وحتى غرب أفريقيا رغم وجود قوات الأكيموغ التابعة لمنظمة الايكواس.
كانت ستتغير خارطة المنطقة للأبد وخصوصا أن أمراء الحرب لا يتوقف طموحهم عند حد بل ينتشرون كالجراد أشبه بجيوش التتار الذين لم يحملوا للعالم أي قيمة عبر تاريخهم سوى الموت والدمار.
أصبح الامداد من خارج الحدود بعيد المنال بينما خسر الدعم السريع أي حاضنة اجتماعية في دارفور خصوصا بعد اهتزاز صورته كقوة لا تقهر والفشل العسكري الذي يلاحقه واحساس الجميع انه في مصيدة ستفني جيشه دون هدف محدد.
بالاضافة لذلك فإن أكثر من ثلاثة ألف كلم عبر الصحراء أصبحت مصيدة موت لأي متحرك يزيد عدده عن الخمسين عربة تحمل الجنود أو الذخائر وتتجه للخرطوم. ولا يحتمل أن تغامر دول اثيوبيا وارتريا وجنوب السودان بفتح خطوط إمداد للدعم السريع بعد هزيمته.
3. اذا نجح السيناريو الأول وتمكنت قيادة الدعم السريع من إعادة قيادتها وسيطرتها فسيكون عليها مواجهة فشل كل أهدافها العسكرية في الخرطوم وعدم قدرتها على ضرب الجيش في معسكراته الثابتة مهما كان نوع السلاح الذي تهاجمه بمافيها فرع الرياضة العسكرية. السيناريو الأخير هنا هو ان تجمع كل قواتها في ضربة قوية ومحكمة وكبيرة لمعسكرين مع بعض هما المدرعات الشجرة و وادي سيدنا. واذا نجحت في المدرعات لوحدها فسيكون عليها استعجال ضرب وادي سيدنا قبل أن تطير منه أي طائرة مقاتلة وإلا سيفشل هجوم المدرعات حتى لو قامت باستلامها.
4. في حالة نجاح السيناريو رقم ثلاثة فلا يمكن تطوير هذا النجاح لأبعد من ذلك ولكنه سيكون تغيير استراتيجي في مجرى الحرب يمكن القول بعدها أنها حرب لا يمكن الانتصار فيها.
يستطيع الدعم السريع كقوة مقاتلة تطوير هذا النجاح سياسيا عبر اقالة كل آل دقلو من قيادة الدعم السريع وإعلان قيادة جديدة تقوم باعلان وقف إطلاق النار فورا وتتفاوض بشروط أفضل من أجل بقاءها كقوة عسكرية في المشهد السوداني.
5. هناك سيناريوهات أخرى ضعيفة مثل الانسحاب من الخرطوم ومحاولة احتلال مدينة مثل الابيض أو نيالا او الجنينة وكلها سيناريوهات قاتلة ستؤدي لنهاية الدعم السريع. بداية الحرب في الخرطوم كانت أكبر نجاح استراتيجي عسكري لهذه القوة وتنازلها عن هذه الميزة يعلن نهايتها.
6. سيناريو الاستسلام الآن وفورا بعد أن فشلت محاولات استجداء جوبا ويوغندا لوقف اطلاق النار ، كما ان مفاوضات جدة أيضا صارت مصيدة خصوصا في بنود الخروج من الاحياء والمستشفيات. لكن هذا الأمر أيضا يقف امامه عائق الانتشار الكبير وفقدان القيادة والسيطرة وفقدان الاتصال.
(في الحلقة القادمة نكتب عن سيناريوهات لحن الختام. وأتمنى أن تقف آخر طلقة قبل ان أكتبها. وبعدها ننتقل من نهاية الدعم السريع ومعاركه إلى حرب الدولة السودانية وآفاق بنائها)
د. أسامة عيدروس
20 مايو 2023