الكتاب

نجاح المبادرة المصرية بسبب: التأخير و الحرية والتغيير

عمار العركى

* تنطلق اليوم أعمال ورشة القاهرة الرامية الى تقريب وجهات نظر الفرقاء نحو حل (سودانى سودانى،) ،فى مبادرة حُظيت بدعم ومباركة الحركات المسلحة والطرق الصوفية والأحزاب اليمينية والكتل السياسية التقليدية ،فضلاً دعم وتأييد غير معلن لرئيس مجلس السيادة والقائد الاعلى للجيش البرهان) ورفضتها مركزية الحرية والتغيير بدعاوى عدة اهمها، ان ( مصر جاءت متأخرة ، وإن الإتفاق الإطارى سبقها بكثير جهة الحل والتسوية) بحسب ناطقها الرسمى.
* عند قراءة هذا المشهد ،نخلص الى حقيقة ان (مركزية الحرية والتغيير + التأخير المصرى) إحدى عوامل نجاح اللتحرك المصرى.
* فالإجماع الذى حُظيت به المبادرة ليس (حباً) وموالاة لمصر بقدر ما (كراهبة) وإلاحساس بالغبن من النهج الإقصائى والتصنيفى .
* التأخير المصرى، إنعكس إيحابيا على المبادرة ،
فقبل الآن ، كان المشهد السياسى السودانى قابل تماما للتأثر بسناريوهات (شيطنة) علاقة مصر بالسودان ومخططات إبعاد عن المشهد السودانى بإعتبار حضورها يشكل تهديد لمصالح أطراف أخرى متداخلة.
* كذلك.كان ابعاد مصر او تحييدها حيال ما يدور فى السودان ضرورى من تدخل سافر وعبث. دبلوماسى ومخابراتى بهدف زعزعة الإستقرار السياسى وضعضة الأمن وزيادة الإرهاق والتخريب الإقتصادى وصولا لمرحلة التسليم ورفعة الرابة ، ورهن استقلال وسيادة للإستعمار الحديث تحت ستار “بعثة اممية”
* مؤخراً ، فى ظل المتغيرات وتحولات المواقف والمصالح فى الإقليم، خاصة السودان، بين مصر وحلفائها فى الخليج كقوى مؤثرة وفاعلة ، إستشعرت مصر خطورة تلك التحولات والمتغيرات على المآلات فى السودان وتأثرها المباشر بها ، ذلك بعد الأوضاع تتطور وتتفأقم بشكل يشكل تهديد للأمن القومى المصرى ، فكان لابد لمصر ترك ( سنة الابتعاد) تطبيق ( واجب التدخل).
* جاء التدخل فى ظل حقيقة تاريخية وإستراتيجية متفق الزوجية عليها – من جميع أهل العلم والتخصص ، حتى فى ذهنية وعقلية القوى المتداخلة والممانعة من تواصل العلاقة – مفادها ( بقاء ووجود مصر يرتبط ببقاء ووجود السودان).
* فبالتالى كان من الطبيعى أن يقاطع الطرف الرئيسى فى الأزمة (مركزية الحرية والتغيير) الخاضعة لفولكر والرباعية.
* أعتقد بأن ابعاد مصر عن المشهد ، وتأخر حضورها ، كان إيجابي جدا ، واحد موشرات نحاح المبادرة ، فطيلة عمر الأزمة ظلت تراقب المشهد عن بُعد ، وفشل كل مساعى السيطرة والتحكم إفتراض سناريوهات وحلول لم تحقق الاهداف ، حتى تسرب الإحباط واليأس لدى المتداخلين الخارجين فى ظل استماتة ومصارعة طواحين الهواء من قبل تحالف الحرية والتغيير – او ما تبقي منه بعد أن تشظى المتشظى وانشق المنشق عنه – وذلك لإقناعة (فولكر والرباعية ) آلا يفقدوا الأمل (فيهم) وييأسوا (منهم).
* جاء إجماع كل السودانيين إلا واحد – وحتى هذا الواحد متوقع ومن الطبيعى ان يمانع – على المبادرة المصرية ، بعد أن صبر كثيراً على تجارب المجربين و حلول الفاشلين والتى تزيد الأزمة تأزما والأوضاع تدهورا وإقتراب مرحلة الإنفحار الكامل ، إن لم تتحرك مصر .
* تطاول أمد الأزمة فى السودان مع ابتعاد مصر من المشهد والإكتفاء بدور المراقب ، أكسبها ميزة أضافية اكتشاف الأدور الضارة بمصالح فى السودان والتحوط لها ، والمراقبة الجيدة للميدان ومعرفة الثغرات ونقاط الضعف والقوى فى (خطة اللعب و اللاعبين) ، إستعدادا لآوان دخولها الميدان والمنافسة.
* رغم التاخير ، لكن أمضت فترة الغياب و الإبتعاد فى تشديد وتمتين قبضتها بمفاتيح ( الحل ) والامن والإستقرار، في السودان ونتيجة لطبيعة العلاقة وفهمها وقراءتها الصحيحة لحقيقة الأوضاع ، منذ بداية التغيير في السودان احتفظت بعلاقات جيدة مع المكونات والكتل السياسية ذات الأوزان والثقل في الحكومة و المعارضة ، ،إضافة لعلاقاتها الدافئة مع الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا ، هذا غير علاقتها التاريخية بالاتحادى الاصل وشرق السودان وشماله ووسطه،
الإمر الذى وفر لها القبول والإجماع الغالب ، الذى لبى دعوتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى