محجوب فضل بدری | الفتی (الثاٸر) !! (١)
-العنوانُ تحويرٌ لإسم مسلسل (أحلام الفتى الطائر) وهو مسلسل تليفزيوني مصري أُنتج سنة 1978. المسلسل من تأليف وحيد حامد وإخراج محمد فاضل وبطولة عادل إمام وعمر الحريري وماجدة زكي ورجاء الجداوي وعبد الوارث عسر،بُثَ فی الزمان الذی كان فيه الناس يربطون مواقيتهم،بموعد زمن بثّ المسلسل،حتی سخر البعض بالقول (توفی فلان الفلانی،والدفن بعد المسلسل) ذلك لفرط إرتباط الأُسر بمشاهدة المسلسلات، والآن فقد طَغَتْ الوساٸط الإسفيرية علی ما سواها من الأجهزة الإعلامية الأخری التی إضمحل دورها،وتراجعت مكانتها،وتعطل بعضها،وكانت آخر ضحاياها إذاعة هيٸة الإذاعة
البريطانية(BBC) أو هنا لندن،،التی سيخمد صوتها وإلی الأبد منتصف نهار الجمعة ٢٧ يناير ٢٠٢٣م،بعد ثمانِ عقود من الإعلام الرصين۔والمشبوه !!
– الفتی الطاٸر عادل إمام (إبراهيم) فی المسلسل،يقابله الفتی الثاٸر (محمد أحمد) فی مسلسل واقعنا المرير المُعاش،تقول حلقات المسلسل الذی أخرجه القحاطة (الله يكرم السامعين)،وتتطاولت مدة بث حلقاته الی مايقارب الأربع سنوات حسوماً،تری جموع الشعب فيها (صرعی كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية) ومازالت سنوات الإنتقال المزعوم باقية،بكل مٶتفاكتها الخاطٸة !!
-خرج الطالب الجامعی،محمد أحمد ثاٸراً، من أجل زيادة سعر رغيف العيش جنيهاً واحداً،وكان يهتف مع الجموع، (تسقط بس،حرية سلام وعدالة،الثورة خيار الشعب،أی كوز ندوسو دوس) وكانت الشرطة تحاول فض الشغب،بطرقها المعتادة،القنابل المسيلة للدموع،والمطاردة بالهراوات، وفجأةً سقط (محمد أحمد) مصاباً (من الخلف) وحُمِلَ إلی قسم الطوارٸ،بالمستشفی الحديث، وكانت المستشفی تستقبل (الحالات الطارٸة مجاناً) كسياسة عامّة،فی كل البلاد وتشمل جلسات غسيل الكُلی وجرعات مرضی السرطان،وغيرها !!
-إستفاق (محمد اْحمد) بعد الغيبوبة،التی لم يكن يدری كم لبث فيهاربَّما ظَنَّ إنه لبِثَ يوماً أو بعض يوم !!،وفتح عينيه فوقعت علی عينی أُمه الباكية،التی بادرته بالحمد لله،ففرِحَ وعيناه تبحث عن أبيه وقال لإمِّه بلسان ثقيل،أبوی وين؟ فانفجرت الأم بالبكاء،ولم تنبس ببنت شِفه،ولم تستطع أن تخبره بوفاة أبيه التی حدثت قبل عام،فحاول ان يرفع رأسه فوجد نفسه عاجزاً عن الحركة،مقيداً بالأجهزة،والأربطة والضمادات، ووصلات المحاليل الوريدية، وفی هذه اللحظة دخلت ممرضة كٸيبة المظهر،وقالت بلا مبالاة ظاهرة(بركة الفَتَّحْتَ، ياحاج موت !!) ليك تلاتة سنة راقد هنا،ابوك مات وانت ماجايب خبر!! فنظر الی امه فرآها تتوسل بنظراتها للممرضة أن تكف عن ثرثرتها،،فغامت عيناه،ودخل فی غيبوبتة مرة أخری، لكن لمدة قصيرة هذه المرة ثمَّ إستفاق،فوجد الطبيب يناقش والدته ،فی ضرورة مغادرته المستشفی لتراكم (الفواتير الواجبة السداد) وان الأسرة عجزت عن الدفع،وأن (والد محمد أحمد) قد توفی وهو يلهث وراء الجهات الحاكمة، والمنظمات الطوعية ولجنة الأطباء المركزية ولجان المقاومة وبقية الأجسام الهلامية،بلا طاٸل،،وقالت أمه للطبيب (لكن نمشی وين؟ بره علاج ما فی،وكان لقيتو،قروش مافی!! ) وغامت عينا محمد أحمد خلف الدموع،واجتر ذكريات الثورة وأحلام الثوار،بتحقيق الشعارات (حرية،سلام، وعدالة) !! وتساءل كم سعر رغيف العيش اليوم؟ وسعر البنزين؟ ورسوم الجامعة؟ ويبدو انه كان يفكر بصوت مسموع أو إنه كان يهذٸ ،،فقد انتبه لصوت امه وهی تقول (العيشة بقت بی خمسين جنيه!! والبنزين بقی بی قريب مليون !! ورسوم الجامعة بقت بالمليار!! وهی ذاتها قافلة !! ودفعتكم واقفة محل خليتها ما فاتوك بی محاضرة واحدة !!) ثم واصلت غايتو (حياة أحسن منها الموت) فقال محمد أحمد (طيب الجا بعد البشير والمٶتمر الوطنی منو؟) فقالت الام (ما بعرف غايتو البلد قاعدة فی السهلة مافی حكومة ومافی امن وما فی نظام،وكل واحد شغال علی كيفو!!) فقال لها (وين أصحابی؟) قالت ليهو (المات مات، والفات فات،والزهلل زهلل،والمخدرات تمت الناقصة الباقين مساطيل !!) وهنا تبددت أحلام الفتی الثاٸر،،وبدأ يردد ياحليلك يابشة، ياحليلك يابشة، ياحليلك يابشة ،وهنا تدخلت الممرضة وحقنته بمادة منوِّمَة،فراح فی نومٍ عميق،وعاودته احلام الثوار!!! ،،،
وإلی الحلقة القادمة