الكتاب

خبر وتحليل.. عمار العركى | زيارة مدير المخابرات لأمريكا

* بدايةً ، يجب وضع الزيارة أو ( الدعوة) فى سياقها الصحيح، ومن ثمٌ التنبؤ والتوقع بمآلاتها ، وذلك بالإشارة لطبيعتها العادية وجدولتها المُسبقة ، حيث لا نستبعد، مجئيها فى سياق (المراجعات الشاملة للاستراتيجيات والسياسيات الأمريكية بالمنطقة) التى تنتهجها إدارة (بايدن) عقب إرثها لتركة مثقلة بالإخفاقات وميراث كبير من الفشل فى (إفريقيا)، على صعيد كل المؤسسات الأمريكية إبان حقبة الرئيس السابق (ترمب).
* فى هذا الإطار ، قامت ادارة (جو بايدن) بإجراء عمليات جراحية إسعافية مستعجلة لإيقاف (نزيف المصالح)، والحد من الفشل والإخفاق باتباع اسلوب (الإدارة المباشرة) وتحجيم دور الإعتماد على الحلفاء بالمنطقة – احد اسباب فشل (ترمب)، الذى أهمل إفريقيا وتركها لهم – بتعيين مبعوثين خاصين ، مع الزيارات المستمرة لكبار المسئولين الأمريكيين فى كل المؤسسات والملفات ذات الاهتمام.
*اضافة لسلبية إدارة (ترمب) ، هناك جملة من الإفرازات السالبة على المصالح الأمريكية بالمنطقة جراء النفوذ الصينى ، حائحة كورونا ، الحرب الروسية الأوكرانية، التغييرات السياسية والإنقلابات العسكرية بالمنطقة، مما أحدث تحولات وإختلالات فى المواقف والتحالفات ، الأمر الذى عجل بضرورة القبام بتلك المراجعات .
* (السودان) ، ظل احدي النماذج المثالية لفشل السياسة الامريكية فى إفريقيا فترة (ترمب) – بعد أن قطع سلفه ( اوباما) شوطا متقدما أيامه الأخيرة – وحتى خلفه الحالى (بايدن) لم ينجح في خططه الإسعافية ومساعيه لإنقاذ الوضع فى السودان، عبر ارسال وتناوب ثلاثة مبعوثين فى ظرف عام واحد وفشلوا فى المهمة ، وعضدهم برابع من خلال تدخلات مباشرة من مساعدة وزير الخارجية لإفريقيا ” مولي في” التى فشلت بدورها ، فإضطرت الولايات المتحدة الدفع بخامس حيث أعادت سفيرها بعد غياب دام (25 عاما) ليضطلع بمهامه في مباشرة الأوضاع السياسية فى السودان كثب، من جهة ، ورعاية مصالحها فى ظل (الفوضى السودانية)من جهة أخرى.
*وبالتالى، كان تعيين المبعوث الخاص للولايات المتحدة في التحالف العالمي لمكافحة “داعش”، الدبلوماسى المخضرم (غودفري) سفيراً لدى الخرطوم ، وقد جاء تعيينه بعد (شهرين) من الأحداث الإرهابية الدامية التى شهدتها مدينة (جبرة) بالخرطوم ، والذى بدوره لم يكن أوفر حظا من سابقيه ، ولا زالت الأوضاع فى السودان خلاف ما تشتهى واشنطن.
* أخيرا ، لجأت المخابرات الامريكية للبحث فى سجلاتها وأرشيفها فقذف سحل ( جهاز المخابرات.العامة السودانى) الناصع والمجرب لديها فى (نسخته السابقة) فى التعاون والتنسيق الجيد ، ولا استبعد بأن يكون عملاء ومصادر المخابرات الأمريكية والاجهزة الإقليمية الصديقة لها، سبقت البحث فى ماضي الجهاز بتقارير ومعلومات عن (حاضر نسخته الجديدة) خاصة فترة مديره الحالى القصيرة ، والتى استطاع خلالها – رغم الوضع السياسى الداخلى المأزوم وتعليق عضوية السودان فى الإتحاد الإفريقي الذى أعاق آداء وعمل الجهاز – ان يسجل نجاحات واختراقات إقليمية على مستوى القضايا الداخلية المرتبطة بعلاقات دول الجوار ، والقضايا الدولية المتعلقة بالارهاب وقضاياوه ، والهجرة الغير شرعية ، اضافة لإستعادة تموضعه المفقود فى مناطق البحيرات والقرن الإفريقى والإيقاد.
* كل هذا وغيره، دفع الإدارة الأمريكية بجدولة (دعوة مدير جهاز المخابرات العامة السودانى) فى أعلى قائمة دعوات مدراء أجهزة مخابرات المنطقة
مع ملاحظة ان أغلب زيارات مدراء اجهزة المنطقة الي واشنطن خلال هذه الفترة تمت بطلب منهم، وليس بدعوة من الإدارة الأمريكية.
* على الرغم من عدم وجود أى (تسريبات مهمة) رغم إعلامية الزيارة ومسبق جدولتها والتى امتدت لفترة الاسبوع ، ولكننا لا نستبعد من قيام الولايات المتحدة ( بإعادة ضبط مصنع التعاون والإعتماد) على جهاز المخابرات العامة السودانى فى نسخته (المُحدثة) ، مع تقديم الدعم السياسى والمادي بما يُمكنه من التعاون والاعتماد عليه.
* خلاصة القول ومنتهاه:
#اعلامنا المحلى وصف الزيارة بدخول مدير المخابرات السودانى (مطبخ القرار الأمريكى) ونحن نصفه ب ( دخول مطبخ المخابرات الدولى) ، وقبل اليوم كتبنا مقالات تحليلية تحت عنوان ( هل تصلح المخابرات ما أفسدته السياسات) بعد إعادة قراءة الإختراقات والنجاحات التى أحرزها جهاز المخابرات فى محور العلاقات والعمل الخارجى الإيجابى والإسهام المباشر فى تحسين علاقات السودان بدول المنطقة خاصة اثيوبيا .
# اما عن (مطبخ) السياسة المحلىة الرسمى و الفاشل فى كل شى (الا تحجيم واعاقة الجهاز) ، فكل (الطباخين) سيكونوا فى انتظار (تنوير المدير ) بفاعليات ومخرجات الزيارة بلهفة وقلق واسئلة من عينة (قالوا ليك شنو؟ قلت ليهم شنو ؟ قالوا عننا شنو؟واسمنا ورد؟ الخ).
# من هذا المنطلق ، وبذات النهج ومن (ذات المطابخ المحلية والخارجية ) التى تضرر ويتضرر منها السودان ، الآن أمام جهاز المخابرات السودانى الفرصة الذهبية – لو “كرب قاشو” ، وأتقن إدارتها وإستثمارها – فى اصلاح ما أفسدته مطابخ المخابرات الخارجية و السياسات الداخلية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى