خبر وتحليل | الحل المصرى فى السودان. ، لماذا وكيف ؟
عمار العركى
* بعيدا عن الأراء السياسية السالبة و الناقدة للنهج والممارسة المصرية حيال طبيعة العلاقة ، ودون النظر للجدل والتنظير – غير مجدى، ولا معنى له فى التوقيت.الراهن – حول التعالى والسمو المصرى حيال العلاقة منذ الإحتلال الثنائى البريطانى المصرى للسودان ، وحتى الإحتلال المصرى المنفرد لحلايب ، وما بينهم من ادلة وشواهد يستخدمها أصحاب الأجندات ، بغض النظر مقصدها وتوجهها ، موضوعية الغرض كانت ، او ناقلة لمرض
* قبل اربعة أعوام ، كانت هنالك مساحة وفرص للمناقشة جدلية الإبتزاز السياسى والإقتصادى المصرى للسودان ، فالراهن الشعبوى والسياسى والاقتصادى السودانى على المحك، فى خطر وتهديد (وجودى) يتطلب إسقاط كل النظريات والجدليات ، فالقاعدة العسكرية الثابتة تقول (تسقط كل النظريات عند انطلاق الرصاصة الأولى فى بداية أى معركة) ، والرصاصة الأولى فى معركة السودان على وشك الإنطلاق إذا مضى الصنيع الإستخبارى الأجنبى الإقصائى – الإتفاق الإطارى – الى نهاياته ،والتى نتوقع معها بداية (الفوضى الخلاقة) والتى اكتملت كل عناصرها فى إنتصار لحظة الصفر.
* هذه المقدمة سببها الرفض (التلقائى والمبيت النية) لاى دور او تدخل مصرى انطلاقا من جدليات وإعتبارات سياسية تاريخية ومعاصرة لاتسمن من جوع ولاتغنى عن خوف يهدد وجود وبقاء دولة اسمها ( السودان) ،
* الحقيقة التاريخية والإستراتيجية المتفق عليها من جميع أهل العلم والتخصص ، وليس أهل الولاء والميل بأن ( بقاء ووجود مصر يرتبط ببقاء ووجود السودان) . فبالتالى لا مجال لرفض الدور المصرى (تلقائيا) لاسباب سياسية تاريخية ، وبالنظر للحل المصرى بعين المنطق ولسان موضوعى والذاكرة السياسية للمنطقة نكون أمام الحقائق،التالية :
* كل التجارب السياسية الإقليمية في الحلول والتسويات.بين دول الإقليم ،او داخل الدولة الواحدة ، تقول (تدخل اى دولة جوار او إقليمية خير الف مرة من تدخلات الغير)، والامثلة كثيرة لتدخلات جوارية إقليمية حاسمة وناجحة اوجدت الإستقرار بعد فشل محاولات الغير المتعددة والمتكررة ، مثل (الدور السودانى فى جنوب السودان والعكس ، اثيوبيا والسودان والعكس، السودان فى افريقيا الوسطى …..الخ)
* وأهم ميزة نجاح (للتدخل الجوارى او الإقليمى) هو ، (التتطابق) او فى الحد الأدنى (التقارب (الكبير) فى المصالح الإستراتيحية بين.(الدولة المتدخلة) والأطراف المتصارعة
* فبالتالى ، وفى الحالة (السُودانية المصرية) ترتبط مصر بعلاقات ومصالح تعميقية إستراتيجية مشتركة تُضاف للأزلية ، أهمها وأكثرها حيوية وأساس لأى مصالح أخرى هى مصلحة ( الأمن والسلام ) ، فأى مساس أو إهتزاز للأمن والسلام فى السُودان ينعكس بشكل مباشر على مجمل الأوضاع الداخلية فى مصر وعلى مصالحها وعلاقاتها الخارجية ، لذلك ، فمصر بتدخلها ستحرص (تلقائياً) على تحقيق الأمن والسلام السودانى تحقيقا.لمصلحتها (أولاً) والسودان (ثانياً).
* المنطق وظاهر الأحوال فى السودان تضعه إختيارات عدمية فيمن (يتدخل ويحل) بتوفير (الأمن والسلام) كأولوية تُقدم على معضلة (التوافق) السياسى الكامل ، والتوفيق بين مكوناته السياسية والعسكرية على – السواء – المتصارعة حول أجندة ذاتية كأولوية الممثلة فى،(السلطة والحكم) حتى وإن كان خصما على الأمن والسلام القومى ، وهذا ما أوجد الإختلاف حول التحرك المصرى الأخير.
* فمركزية الحرية والتغيير، التى هى.ضد فكرة توسعة دائرة المشاركة لتقليل الإحتقان والإنسداد السياسى ، فتنظر للتحرك المصرى من زاوية المزاحمة فى نسبة (الكيكة) ليس إلا ، دون النظر لنظرية الأمن والسلام القومى تلك.
* أيضا ، ظلت مصر ومن خلال ثقلها السياسى والإقليمى التاريخى وبمخابراتها ممسكة بمفاتيح الامن والإستقرار، في السودان ونتيجة لطبيعة العلاقة وفهمها وقراءتها الصحيحة لحقيقة الأوضاع ، منذ بداية التغيير في السودان احتفظت بعلاقات جيدة مع كل كل مكونات المشهد السياسى السودانى حكومة كانت أم معارضة ، خاصة مع الاسلاميين وكل رموز وقيادات المؤتمر الوطنى المحلول وبعض من كبار القيادات العسكرية التى قادت الثورة والتغيير ،إضافة لعلاقاتها الدافئة مع الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا ، هذا غير علاقتها التاريخية بالاتحادى الاصل وشرق السودان وشماله ووسطه،
* هذه المميزات والإمتيازات المصرية الشاملة ، (تتعارض وتتقاطع) مع (المصالح الخاصة) للأطراف الأزمة الرئيسين ( المدنيين والعسكريين)
* مصر.،ظلت ممسكة بكل مفاتيح الحل ، ولكن العقبة الوحيدة فى طريقها هى ( تدخلات حلفائها وأصدقائها) الذين يديرون ملف السودان بعيدا عنها وبصورة لا ترتضيها ، فكان لابد لمصر ممارسة “دورها وحقها” السياسى والاستراتيجى في ملف السودان دون المساس بعلاقاتنا ومصالحها مع حلفائها وأصدقائها النافذين والمسيطرين على الملف ،
* السودان ، فى ظل اوضاعه الراهنة ، وبعد أن أصبح ميدان ومسرح لكل التدخلات الاقليمية والدولية بسفاراتها ومخابراتها بعد أن قام من تلقاء نفسه بطلب “العون والمساعدة “بطرح عطاء “التسيير والتسهيل والمساعدة في الحل” فإن رسى العطاء لصالح مصر فهو كسب وربح للسودان قبل مصر.
* أعتقد أن.المعضلة الحقيقة تكمن فى الكيفية والمنهجية المصرية فى طرح نفسها كوسيط (اولا) ثم طرح مقترحات الحلول (ثانيا) ، وهنا وقعت مصر فى مطب البدايات المتعثرة ، بعد ارتكابها عدة أخطاء تبدو من الوهلة الأولى (صغيرة) لكنها إستراتيجية تقوم عليها صيرورة التحرك والتدخل.
* إهتمت مصر ، (بطرح المقترحات) كحلول ، وأهملت ( طرح نفسها) كوسيط!! وإرتكبت (3) أخطأ إستراتيجية إبتدائية: –
* إسناد ضربة البداية (لمدير المخابرات) ، تحقيقا لتوصيل رسائل خارجية فى إطار (التنافس) ، وأهملت هواجس ومخاوف الراى العام السياسى داخل السودان من الصفة والموصوف – اللواء عباس كامل مدير المخابرات المصرية – خاصة المكون المدنى الممثل فى مركزية الحرية والتغيير وحليفها العسكرى (حميدتى).
* إعتماد مصر الرسمية والإعلامية خاصة تلك – الأصوات الاعلامية والأكاديمية العالية ذات الإرتباط بالمخابرات المصرية
* وصف وتسمية المكون العسكرى للتحرك المصرى ب ( المبادرة) ، وإهمال وصف وتسمية الأطراف الأخرى -المتوجسة أصلاً – ب(المقترحات) ، الأمر الذى أكد على شك التماهى والحياد المصرى نحو المكون العسكرى.
* تخطى (حميدتى) وتجاوزه فى زيارة (عباس كامل) كفاعل ومؤثر فى المشهد الداخلى وأسوة بالفاعلين الآخرين الذين إلتقاهم عباس – بغض النظر عن التقديرات المصرية “الخاصة” ، ووضعية حميدتى “الشاذة” كعسكرى حاكم وحليف للمدنى المعارض – زاد من تعقيدات البداية والقبول ب (الطارح والمطروح) .
* خلاصة القول ومنتهاه :
* نعم ، كل المؤشرات والقراءات والتحليلات فى صالح ( مصر) كوسيط إستراتيجى مناسب ،بيدها مفاتيح الحل والتسوية ، ولكن بالضرورة (على مصر ) مراجعة عاجلة فى خطة التطبيق والتنفيذ ، وإحداث تعديلات إستدراكية إسعافية فى مسار الحل و(كيفيته المُثلى ) ، بما يزيل أعراض الفشل الأولية والحيلولة دون تفأقمها.
* إن كانت الأطراف السودانية الرئيسية فى الإتفاق الإطارى – الأجنبى الفكرة والتنفيذ، صادقة ومدركة لمصلحة البلد- العمل على (سودنة الإتفاق) ولو بالحد الأدنى بقبول وإستصحاب السودانيين الآخريين الفاعلين معهم