تسهيلات كبرى للعائدين من مصر إلى السودان

أعلنت الحكومة السودانية عن إطلاق مجموعة من التسهيلات الجديدة بهدف تشجيع السودانيين المقيمين في مصر على العودة إلى وطنهم. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود الحكومة لتسهيل عملية العودة، حيث تمثل هذه التسهيلات جزءًا من المبادرات الرامية إلى دعم المواطنين الذين تأثروا بالأحداث الأخيرة في السودان.
من بين التسهيلات المقدمة، تم الإعلان عن توفير رحلات نقل نهرية من مدينة أسوان في جنوب مصر إلى وادي حلفا في شمال السودان، مما يتيح خيارًا إضافيًا بجانب الرحلات البرية والجوية. وأوضح مسؤولون من مبادرات “العودة الطوعية” التابعة للسفارة السودانية في القاهرة أن هذا المسار الجديد سيساهم في تخفيف الازدحام الذي شهدته المعابر الحدودية، حيث تكدست الحافلات التي تنقل الأسر السودانية العائدة بعد أن لجأت إلى المدن المصرية بسبب النزاع المستمر.
تجدر الإشارة إلى أن الحرب الأهلية في السودان، التي اندلعت في منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع”، أدت إلى نزوح أعداد كبيرة من المواطنين، حيث فرّ حوالي مليون و200 ألف شخص إلى مصر وفقًا للإحصائيات الرسمية. هذه الأوضاع الصعبة دفعت الحكومة السودانية إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتسهيل عودة مواطنيها، في محاولة لتخفيف معاناتهم وتعزيز الاستقرار في البلاد.
أكد وزير النقل السوداني، أبو بكر أبو القاسم، توفير خدمات النقل النهري عبر الباخرة “سيناء” من أسوان إلى وادي حلفا. وذكر في تصريحات نقلتها “وكالة الأنباء السودانية” مساء السبت أن “مسار النقل النهري سيعمل جنبًا إلى جنب مع رحلات النقل البري”.
وتعهد أبو القاسم بتوفير باخرة إضافية لضمان استمرارية النقل النهري في كلا الاتجاهين، مشيراً إلى أن مسار النقل النهري يوفر سعة كبيرة تتيح لجميع العائدين إلى ديارهم إمكانية حمل كافة أمتعتهم. كما دعا الراغبين في “العودة الطوعية” إلى تحديد موعد عودتهم لدى السفارة السودانية في القاهرة.
ووفقًا لمحمد سليمان، مؤسس مبادرة “راجعين لبلد الطيبين” (وهي مبادرة للعودة الطوعية مدعومة من السفارة السودانية في القاهرة)، فإن الهدف من إضافة رحلات النقل النهري هو “تقليل الازدحام في رحلات العودة البرية، وتوفير مسارات مختلفة لنقل العائدين، بسبب زيادة الطلب من قبل الراغبين في العودة إلى الوطن”. وأوضح في حديثه مع “الشرق الأوسط” أن “هناك أسر تواجه صعوبة في تأمين طريق للعودة نتيجة للعدد الكبير من المسافرين على الرحلات البرية”.
أشار سليمان إلى الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية والسودانية لتسهيل رحلات العودة في الآونة الأخيرة، ومن بينها “السماح بعبور الرحلات البرية عبر معبري (أرقين وأشكيت) لتخفيف الازدحام في حافلات نقل العائدين”، مشيراً إلى أن “أحد أولويات مبادرة عودة السودانيين هو نقل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى”.
توجد في مصر والسودان نقطتا عبور برّيتان هما “أرقين” و”أشكيت”، ويعتمد البلدان عليهما في التجارة ونقل الأفراد.
أفاد سليمان بأن “هناك زيادة واضحة في عدد الأشخاص الراغبين في العودة إلى السودان”، مشيراً إلى أن “عدد الحافلات اليومية يتجاوز الـ100 حافلة، تنقل حوالي 5 آلاف شخص يومياً”. كما أشار إلى أن “الانتصارات الأخيرة للجيش السوداني وعودة بعض الخدمات في المناطق المحررة تُشجع العديد من الناس على العودة للبلاد”.
حقق الجيش السوداني مؤخراً تقدماً ملحوظاً في الحرب الأهلية التي تقترب من عامها الثاني، حيث تمكن من استعادة العاصمة الخرطوم ومناطق استراتيجية أخرى مثل ولاية الجزيرة الواقعة جنوب العاصمة.
«بالإضافة إلى التسهيلات التي تقدمها السلطات المصرية والسودانية للعائدين، هناك مبادرات طوعية يقوم بها رجال أعمال سودانيون ونشطاء»، وفقاً لما ذكره محمد جبارة، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في «جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، حيث أشار إلى أن هناك «مجموعة من (المبادرات الطوعية) التي تهدف إلى نقل غير القادرين مجاناً إلى ديارهم مرة أخرى».
تحدث جبارة عن تنوع وسائل نقل العائدين بين “الرحلات البرية والجوية والبحرية”، مضيفًا لـ”الشرق الأوسط” أنه من بين التسهيلات المتاحة للعائدين “تخفيضات على رحلات الطيران التي تقدمها خطوط الطيران الوطنية السودانية”، ورأى أن تنوع مبادرات العودة “يشجع مختلف فئات وشرائح السودانيين على العودة إلى بلادهم مرة أخرى”.
أعلنت الخطوط الجوية الوطنية السودانية (سودانير) في بداية أبريل الحالي عن “مبادرة للعودة تتضمن تخفيضات بنسبة 50% لعدد 50 مقعداً في كل رحلة للعائدين”، بالإضافة إلى “تذاكر مجانية لأبناء شهداء الحرب السودانية العائدين من القاهرة”.
يعتقد جبارة أن تزايد الإقبال على رحلات العودة يُعبر عن رسالة هامة تدل على استعادة الاستقرار في المناطق التي تحررها الجيش السوداني، وأن ذلك يمهد لعودة الحياة إلى طبيعتها مجددًا. وأشار إلى أن معظم العائدين يسعون للرجوع إلى منازلهم مرة أخرى، خاصة مع بدء عودة بعض الخدمات والمرافق