العيكورة: قصيدة (الكتيابي) التي أبكتنا بالإسكندرية
صبري محمد علي (العيكورة)
وبلدنا والحمد لله في خضم هذه الابتلاءات والسيول والامطار يظل تجار السياسة هم هم لا يضرهم من غرق إن نجوا .
الشعب (في واد وهم في وادٍ آخر يستغلون الازمة والمأساة فبدلاً أن يتحسسوا جيوبهم او فضول ظهرهم و زادهم او حشد طاقاتهم أو ان يكفوا ألسنتهم كأضعف الايمان …
(لا) أقبل بعضهم على بعض يتهمون ويغمزون من فعل هذا بأهلنا يا (……) وكل يضع اسم غريمه بين القوسين !
عجباً لأمرنا يا أخي لا مصائب توحدنا ولا أفراح تجمعنا فبدلاً من كسرة خبز نحملها او إغاثة ملهوف تحرك فينا كوامن المروءة والإنسانية (لا) حملوا (الطشاتة) يتهمون بعضهم بعضًا من قفل الخزان ؟ ومن فتح الخزان ؟ ومن أهمل المصارف ومن صادر معدات الشركات وما السبب ومن المتسبب ؟ وأين رجالكم ؟ وأين لجانكم؟ وبين هذا وذاك ظهر اللاعبون المحترفون (ملوة) البصل تماهت الى (٢٠٠٠) جنيه بينما قبل السيول (٨٠٠) جنيه ! فتأمل حالنا
اذكر كنت ومرافقى نتجول بمحطة الرمل بالإسكندرية في نهايات ثمانينيات القرن الماضى صادفنا رجلاً سودانياً في كامل هندامه (الافرنجي) البدلة وربطة العنق تبادلنا التحايا استوقفنا استنطقنا . علم اننا طلبة بالجامعة وعلمنا انه جاء زائراً من دولة الامارات دعوناه ان يزورنا بدار اتحاد الطلاب . لبى الدعوة تحادثنا فعلمنا انه الشاعر المعروف عبد القادر الكتيابي . جهزنا على عجل ليلة شعرية وأعلنا عنها للطلاب خلال يوم او يومين لا أذكر أتحفنا وأطربنا بإلقائه القوى والمعبر
وبقصيدة (أبكتنا) جميعاً قال إنها بعنوان (رسالة الى النيل) نظمها عقب فيضان مدمر ذلك العام .
يقول إنه …
كتبها بدولة الامارات بعيداً عن الوطن ونشرتها إحدى الصحف الاماراتية .
قال إنها كانت سبباً فى ان يسيّر الشيخ زايد (رحمه الله) جسراً جوياً من الطائرات لإغاثة أهلنا المتأثرين .
والكتيابي كان يقرأ متأثراً وكنا نحن الشباب قد بلغنا مرحلة ما بعد الدموع كان الالقاء حزيناً مشفقاً ومؤثراً … هيج فينا لواعج الغربة والشوق الى الاهل واشعل فينا الم الابتعاد عن الوطن .
القصيدة يقول فيها مخاطباً النيل …….
أشكوه …
لا حاشاه
لم أسمع بفم شكا فمه
ولا بعرق قد شكا دمه
فكيف وانت زاد البيت
كيف قدرت ان تنسى وتهدمه
ولا أشكوه ….
وتعبر ساعة التوديع خاطرتي
تلاقينا وكان لقاؤنا وبراً
كظهر القط يستبقي ببطن الكف ميستهُ
ورمش الموج في خجل يرُش علىّ نعستهُ
أمشّط كنتُ شعر الموج
أذكُرُ ….
يقشعرُ الموج اللين
ثم تلينُ لمستهُ
فمن أين استعرت القرن والانياب من اينا
و يا كيف اخترمت بهم جدار القلب والعينا
وهل يا نيل …
آه ….
من خيام الغيم تنزل بين بابينا
وتدخل انت من لا باب بين اللحم والعظم
تُضيعُ الخبز والخبّاز
تسخر من صراع الرعب واللطم
فأعلى عاصم للطفل كتف أبيه
أعلى عاصم لأبيه كتف أخيه في المنفى
فهل لبن على صوم يرطب حلمة الأم ؟
فيا نوح ….
أنا والدار مهشومان والحلقوم مبحوح
فأين الفلك ؟
قل يا ربُ
يا أرض أبلعي ماءك
وقل لسمائك اقتصدي
فإن السقف مجروح
وأعلى عاصم أنت
قضيت فكنت ثم أردت
ثم فعلت ما شئت
تعاليت …
ولا أشكو ….
وتعبُر ساعة التوديع خاطرتي
يُحيُرني خُضُوع النيل ساعتها
وملمس ظهره تحتي ….
فكيف تُخبئ الأمواج خلف جمالها موتي
وتُخفي الرعب في الصمتِ
لقد ناديتُ
لفّ الموجُ خاصرتي
تُرى هل جاءكم صوتي ؟
قبل ما أنسى : ــــ
ما أشبه الليلة بالبارحة !