الكتاب

السفير الصادق المقلي يكتب: التوصيف القانوني للمتعاونين مع ميليشيات الدعم السريع

صوت السودان

 

تحت هذا العنوان رفدت.. قروب حقوق الإنسان،.. الدكتورة رجاء عبد الله النذير،، كبير المستشارين في وزارة العدل و مديرة دائرة القانون الدولي الإنساني في الوزاره،، بإفادة قيمة عن التوصيف القانوني لهؤلاء المتعاونين.. و هي ايضاحات علمية و موضوعية يمكن إسقاطها على كل المتعاونين او المتواطئين في الحروب بصفة عامة.. مستندة على قانون حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني و القانون الوطني..
و قد لامست في إفادتها،، بصورة علمية و موضوعية،. التصنيف و التكييف القانوني للمتعاونين.. جوانب من القانون الدولي و قواعد الحرب المضمنة في اتفاقيات جنيف و بروتوكولاتها الإضافية التي تعني بقواعد الاشتباك و بمعاملة الاسري و الجرحى و الغرقي..
. و دون الخوض في التفاصيل لاحقا آخذ على الدكتورة ايرادها لعبارة الشعب كما سيظهر ادناه في مقدمة افادتها القيمة.. تعبير (( الشعب السوداني)) غير دقيق.. و لم يرد في اي نص في القانون الدولي او في ميثاق روما.. التعبير الدقيق بالأحرى هو (( استهداف المدنيين)).. رغم ان ذلك لا يخل كثيرا بمضمون إفاَدة دكتورة نجاة..
و لعلها قد برعت لحد ما في تعريف المتعاون و تصنيفه مستندة على كلا القانون الدولي و القانون الجنائي الوطني. خاصة في تفريقها القانوني بين المتعاون (( المضر)) الذي يصنف كمقاتل شرعي يجوز عليه الهجوم العسكري المباشر مثله مثل المقاتل في الميدان.. و هو الذي َ يقوم بممارسات تؤدي إما الي القتل او تدمير الاعيان المدنية.. و المتعاون الذي يساهم في حملات التجنيد و التعبئة.. أو تقديم دعم سياسي للمليشيات..و في هذه الحالة لا يجوز استهدافهم مباشرة في العمليات العسكرية،، فإنهم يصنفون بالمخبرين المتواطئين مع العدو. .. يعني لا يجوز قتلهم
بصورة مباشرة، ،و انما يخضعون لضمانات إجراءات المحاكمة العادلة في اطار القانون الوطني.
أما إذا أنخرط المتعاون في وظائف قتالية فإنهم يفقدون الحماية التي يمنحها لهم القانون الدولي الإنساني و يصنفون بالمقاتلين غير الشرعيين.. مما يجعلهم أهدفاً مشروعة للهجمات العسكرية.
هذا باختصار ما ََورد… ببعض التصرف غير المخل… في إفادة الدكتورة رجاء عن تصنيف المتعاونين َ.. و لعل اول درس يستفاد ان معظم من تم قتلهم في هذه الحرب هم ممن وصفتهم د رجاء بالمخبرين أو الداعمين سياسيا الذين يتمتعون بحماية القانون الدولي. و من المفروض ان يمثلوا أمام القضاء و محاكمات عادلة.
الشكر اجزله للدكتورة رجاء.. هذا درس ممتاز في القوانين الدولية التي تختص بالحروب . فقد كفيت و وفيت و ما استبقيت،، ،الا النذر اليسير الذي لا يخل بتحليلك العلمي عن تصنيف المتعاونين اما بصورة مباشرة ترقي الي تصنيفهم كمحاربين غير قانونين وفق البروتوكول الإضافي لإتفاقيات جنيف الذي أشرت إليه .. اي من يتسببون في القتل أو تدمير الاعيان المدنية.. و هؤلاء فعلا يعتبرون محاربين غير قانونين. و هذا ما استنَدت اليه الولايات المتحدة الأمريكية في تصنيفها للمتعاونين مع المقاومة الأفغانية و زجت بهم في معتقل غوانتانامو.. ريثما يقدمون الي المحاكمات الوطنية في أمريكا و نقولهم أمام العدالة وفق القانون الجنائي الوطني كما ذكرت د رجاء. اي يجب أن لا يأخذ اي شخص القانون بيده…
.و قد سبق ان خاطب المقاتلين في هذا الصدد الفريق أول البرهان نفسه ..و حثهم على تسليم اي مشتبه الي السلطات العدلية
و لكن الولايات المتحدة الأمريكية،، رغم أنها إلتفت حول القانون الدولي الإنساني بحجة تصنيف المعتقلين المتهمين بالتعاون مع المقاومة الأفغانية.. ،، و رغم أنها حاكمت بعضهم بالسجن او البراءة و ارجاعهم اما الي دولتهم او دولة ثالثة،، إلا أنها انتهكت في حقهم أسوأ انتهاكات لحقوق الإنسان..و بصف خاصة خرق اتفاقية مناهضة التعذيب.. CAT,, CONVENTION AGAINST TORTURE..وصلت إلى درجة التعذيب بالاغراق WATERBORDING WHICH CAUSES DROWNING NIGHTMARE
و قد اخضعت من اتهمتهمَ بالتعاون المباشر الذي يؤدي إلى القتل إذ اعتبرهم محاربين غير قانونين الي القوانين الجنائية الوطنية…
و اتفق تماما مع د رجاء و اشكرها على هذا التنوير العلمي الذي نرجو ان يستفيد منه أولو الأمر.. و يجب التفريق ما بين المتعاونين الذين يصنفون بانهم مقاتلين غير قانونين illegal combatants ،
و يجب ان لا يتم الجزم حتى بهذا التصنيف الا بواسطة السلطات العَدلية المختصة و من ثم يخضعون الي القانون الجنائي الوطني…خاصة تصنيف المتعاون سياسيا… كما ذكرت د رجاء.. فهو يعتبر خائنا و يخضع لمحاكمة عادلة امام القضاء الوطني..
و قد تسقط هذه َ الحالة على سبيل المثال على المعلم السبعيني المتعاون مع المليشيا بالدعم السياسي و الذي لا يعتبر مقاتلا غير شرعي يفقد حماية القانون الدولي الإنساني.. كما جاء في إفادة د رجاء.. و بالتالي لا يجوز استهدافه عسكريا بصورة مباشرة..
و لكن ربما اختلف معها في جزئيتين …الأولى فيما يتعلق بميثاق روما… فهذا الميثاق ينص على ان المساءلة الجنائية الدولية لا تنعقَد حتى على الجنود المقاتلين، بل فقط على الرؤساء او قيادات القوات المسلحة النظامية او حتى غير النظامية مثل المليشيات.. NON STATE ACOTRS..
إما لاعطائهم الأوامر للجنود او انهم كانوا على علم بما حدث، و لم يتخذوا من التدابير التي تحول دون استهداف او قتل المدنيين.
ثانيا وفق البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقات جنيف الذي أشارت اليه د رجاء.. فهناك صنفان من المقاتلين كما ذكرت إما مقاتلون غير شرعيين مثل تقَديم احداثيات او معلومات استخباراتية تساهم في القتل او تدمير الاعيان المدنية… و نوع آخر من المتعاونين…. و كلهم على الأرض.. لا يؤثر تعاونهم على أحداث قتل او تدمير و هؤلاء قَد يعتبرون خونة و يخضعون للعدالة الوطنية.. لكن لا أعتقد أن المعارض السياسي للنظام الموجود من الخارج.. يعتبر مقاتل قانوني او حتى غير قانوني و يخضع لنفس محاكمة المقاتلين القانونين او غير القانونين لأنهم غير موجودين على أرض المعارك.. و يجب أن تخضع تهمتم للتحقيق للتثبت قبل تصنيفهم مقاتلين قانونين..و عدم الصاق التهم عليهم جزافا..
و لعلها ظاهرة غير مسبوقة إتهام المعارضة السياسية البحتة للأنظمة الحاكمة و هم بعيَدون عن ساحات المعارك كمقاتلين قانونيين او غير قانونيين.اللهم اذا ثبت تحريضهم لأي دولة على مد المليشيات بالسلاح و العتاد الحربي مما يتسبب في القتل او تدمير البنية التحتية.
يجدر بالذكر أن القانون الدولي و البروتوكولات الإضافية لإتفاقيات جنيف لم تشر الي معارضة سياسية غير مقاتلة و لا وجود لها في ساحة الاقتتال.اللهم إلا أن كان ذلك من باب الالتفاف حول القانون لغرض سياسي يرمي الي تجريم المعارض السياسي.. و لا شك فإنه يظل بريئا حتى تثبت التهمة عليه من خلال العدالة.. حتى لو اتهم المعارض السياسي بأنه قَدم دعما سياسيا لمن يتهم بالتعاون معه..
كان على د رجاء ان تشمل افادتها القانونية القيمة.. موضوع معاملة الاسري.. فالشرائع السماوية سبقت القانون الدولي الإنساني الوضعي في هذا الصََدد. ففي الإسلام.. الأسير حتي و لو قبض متلبسا بتهمة المقاتل القانوني و هو يحَمل السلاح.. اي مقاتل غير شرعي… يجب أن لا يقتل و ان يعامل معاملة كريمة طالما استسلم و ألقى سلاحه،، فالاسلام نهي عن قطع شجرة في الحرب،، ناهيك عن قطع راس انسان..كما حث على المعاملة الطيبة للأسير (( و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و أسيرا)) فكل التجاوزات التي تحدث في الحرب في حق الأسير تخالف صريح العقيدة. كما يجب أن لا يأخذ شخص بالشبهات بمجرد انه وجد في مكان ما شهد معارك عسكرية… يجب أن يسلم للسلطان العَدلية لكي تفتئ في أمره.. و دونكم الصحابي الذي هم بقتل الأعرابي و الذي اتهمه بالنفاق. فوبخه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث سأله… (اشققت قلبه؟؟…)..و دونكم عفو رسول الله للمشتركين الذين قاتلوا المسلمين و نكلوا حتي باعظم خلق الله.. يوم ادخل في قلوبهم الرعب. فسألوا رسول الله صلى الله عليه ماذا هو فاعل بهم فقال لهم (( اذهبوا فانتم الطلقاء)) نعم… إنه كريم إبن كريم كما قيل له. .. و لتكن لنا في رسول الله و في الشرائع الإسلامية أسوة و قدوة حسنة.. و ان لا يأخذ البعض الحماس و نشوة النصر لظلم البشر و لأخذ القانون بيدهم .

على كل قطعت د رجاء قول كل خطيب… و كل راي يحتمل الخطأ و الصواب.
و لذلك احمد لدكتورة رجاء،، و هي في موقع حكومي مرموق،، ان تناولت هذا الأمر بصورة موضوعية مستنََدة علي كلا القانونين الدولي و الوطني.. و لا شك أن افادتها القيمة افسحت المجال للحقوقيين لكي يتناولوا هذا التحليل بعين فاحصة بعَيَدا عن التأثيرات السياسية و من ثم انعقاد الأمل ان يسترشد أولو الأمر.. بهذه الموجهات العلمية..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!