الكتاب

أحمد يوسف التاي يكتب: جاد الله الإماراتي

نبض للوطن

 

(1)
علقت بذهني قصة سمعتها من أحد الرواة،ويومها لم تتجاوز سنوات عمري الإثني عشر ربيعاً..
جاد الله رجل شرير يسعى بين الناس بالفتن والشرور ، وذات يوم وجد جاد الله ابن اخته متشاجراً مع ابن الجيران فأعطى “عكازه” لإبن اخته وأوعز له بضرب ابن الجيران، فوكزه وشج رأسه وجاد الله يتفرج..
اشتكى المجني عليه وأقامت الجودية الدنيا ولم تقعدها، وكان جاد الله يأتي في كل مرة ضمن الأجاويد
بينما (عكازه) -أداة الجريمة – كان معروضات لدى المحكمة..
وكان جاد الله في كل مرة يأتي للجودية يقول كلاماً معسولاً ويقف موقفاً محايداً في الظاهر، بينما يغلي داخلة ويحترق غيظاً وكراهية وبغضاً لأهل المجني عليه، وهم يعرفون نوايا جاد الله تجاههم ويعرفون دوره في تسبيب الأذى الجسيم لإبنهم من خلال (عكازه)، وكان جاد الله يجتهد في الجودية لكونه متورط في الجريمة بسبب “العكاز” خاصته وتحريضه لابن اخته.
ولما فشلت كل الجوديات في إثناء أهل المجني عليه عن الشكوى ويئس جاد الله من العفو والصلح، حاول آخر محاولة ، وجاء على رأس جودية كبيرة وابتدر الحديث:(هوي يا ناس الليلة دي داير أجيب ليكو الكلام النجيض عديل الليلة الصلح غُصُب بس.. ولا حسنة، يا العفو يا نمشي واحدين الحكيم واحدين العمدة)
-يعني قاضي المحكمة الأهلية –
(2)
بالطبع تذكرتُ هذه القصة التي مرّ عليها ما يقارب نصف قرن من الزمان ، وأنا أطالع تصريحاً لمسؤول إماراتي تحدث لرويترز ، والتصريح فيه “قوة عين” و”بتاعة” وجرأة والكثير من قلة الأدب بما يفوق “جلافة” جاد الله، وسوء أخلاقه..
المسؤول الإماراتي أشار إلى أن أبو ظبي لن تيأس من العمل مع الوسطاء والشركاء لتحقيق السلام في السودان.
وقال إن بلاده اقترحت وقف إطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان المقبل لعظمة هذا الشهر.
وأضاف المسؤول الإماراتي “للأسف، يسعى الجيش السوداني إلى تشويه دور الإمارات من خلال تزييف الحقائق، وأضاف: هذه الادعاءات لن تصرف انتباه الإمارات عن هدفها الأساسي وهو تعزيز الاستقرار”.
وأشار إلى أنهم سيطرحون المقترح من خلال مؤتمر خاص بالسودان الجمعة المقبلة يُنظم بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي لجذب المساعدات والدعم للسودان بما يفوق ال (200) مليار دولار..
(3)
لاحظوا أن (جاد الله) الإماراتي يغالط كل الذين رأوه رأي العين وهو (يمرر) السلاح – العكاز- لابن اخته.. ثم يأتي في آخر المطاف ليقول أن الجيش السوداني يسعى لتشويه سمعة الإمارات ، لكن هذا (الإفتراء) لن يثنينا عن (الهدف) وهو تحقيق السلام والاستقرار في السودان…يعني :( أكان قبلتو يا سو دانيين بوساطتنا وتدخلنا ام لم تقبلوا نحنا ما على كيفكم ولن نتراجع عن هدفنا الذي هو الصلح واستقرار بلادكم).. لاحظ أن الوسيط هو الجاني ويريد أن يفرض العفو والصلح بالقوة.. (لن يثنينا الإدعاءات عن هدفنا)..
(4)
تصريحات المسؤول الإماراتي التي نقلتها وكالة “رويترز” جاءت بعد رفض مالك عقار مؤتمر الإمارات المسبب بتورطها في الحرب ودعم الميليشيا..
والإمارات تريد أن تفرض نفسها وسيطا لحل مشكلة السودان دون اعتبار لرفض السودان أي دور للإمارات..
والواقع أن الإمارات لم تكن تلك المرة الأولى التي تفرض نفسها وسيطاً لإنهاء الحرب فقد سبق أن رفضها السودان في محادثات جنيف ولكنها فرضت نفسها وجلست بين الوسطاء وقدمت رؤيتها..
(5)
السؤال الأكثر إلحاحاً على الأذهان لماذا تفرض الإمارات وساطتها على السودان، ولماذا تصر على قبول دورها..لماذا (تتلايق) الإمارات بهذا الشكل السمج المريب..سؤال لابد أن يجد السودانيون له إجابة..اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!