نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: حتى لا نفقد الثقة في المنظومة العدلية يا والي سنار
خاص صوت السودان
(1)
عندما يتجاوز الكبار القانون، أو عندما يحمون متهماً ويعملون على ذبح القانون، تكون المصيبة عظيمة، وعندما يأتي التجاوز من الجهة المنوطة بتنفيذ القانون تتحول المصيبة إلى كارثة.
فعندما يحدث ذلك في مجتمعنا، هل ننتظر إلا الهلاك؟.
(إنما هلك الذين من قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيُّمُ الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها). هكذا قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، والمراد هنا تحقيق العدل وعدم المحاباة وتجنب حماية المتهم والمساواة بين الرعية.
(2)
عندما تختل العدالة على نحو يسيء للمنظومة العدلية كلها، ويتجاوز الأمر الأشخاص إلى المؤسسات جميعها، في هذه الحالة سيكونُ السكوتُ جبناً وضرراً ماحقاً، ويصبحُ الصمتُ معولَ هدمٍ للأوطان ولقيم العدالة. ولهذا ستكون رسالتي إليك مباشرة، أيها السيد الوالي الجديد مجدي برير، مع التحية والدعاء لك بالانتصار للحق مهما كان الثمن.
(3)
بين يدي بلاغ في قسم الشرطة بالرقم 1062 في مواجهة مدير إدارة التحصيل الموحد بالولاية، وصدر في مواجهته أمر قبض من نيابة سنجة قبل ثلاثة عشر يوماً تقريباً. الشاكي فيه موظف يُدعى حسن علي خليل “متحصل”، وهناك بلاغ آخر من زميليه في مواجهة ذات المدير.
النيابة فتحت “3” بلاغات، وكل بلاغ منها جاء تحت المواد (143، 144، 159) في مواجهة مدير إدارة التحصيل الموحد. وبناءً على ذلك، أمرت النيابة بالقبض عليه، وتم القبض عليه في إحدى البلاغات الثلاثة، وأُطلق سراحه بالضمان.
إلى هنا، الأمور كلها تسير حسب الأصول والقانون..
لكن..
(4)
الشرطي أيمن محمد أحمد الإمام وزميله المنوط بهما تنفيذ أمر القبض في البلاغ الثاني بالرقم 1062 حضرا إلى مكتب المدير لإلقاء القبض عليه. وبحسب إفادة الشرطي “أيمن”، أكد لي أنه جاء فعلاً لتنفيذ أمر القبض، لكنه وجد الكثير من المتاريس وقيل له إن المدير غير موجود. ولاحظ محاولات الحيلولة دون تنفيذ مهمته، فاقتحم هو وزميله مكتب المدير، وهناك وجدا عدداً كبيراً من الموظفين في مكتب المدير وأخبراه بأمر القبض الذي صدر في مواجهته. فدعاهما للانتظار قليلاً، وفي هذه الأثناء اتصل على (جهة ما)، ثم ناول المدير الهاتف للشرطي “أيمن” وقال له: معك سعادة “اللواء”.
(5)
استلم الشرطي “أيمن” الهاتف وتكلم معه الشخص الذي قيل له إنه “اللواء”، وجاءه الصوت: (يا زول أوعك تقبض الزول دا والله لو قبضتُه تشوف حاجة، امشي شوف شغلك وين ولو قبضتُه أنا حأعمل ليك إجراءات).. هكذا هدد المتحدث عبر الهاتف الشرطي أيمن. قلت للأخير وكيف تأكدتَ أنه (اللواء) ؟ قال لي (تأكدت، أنا بعرفو).
رجع الشرطيان تحت وطأة التهديد والوعيد ولم يتمكنا من تنفيذ القانون، وأعادا أمر القبض للشاكي الموظف حسن علي خليل وأخبراه بما جرى من تهديد “اللواء”.
خليل رجع إلى النيابة مرة أخرى وأخبر وكيل النيابة صديق أحمد محمد الذي أصدر أمر القبض وأخبره بما جرى ، فاكتفى الوكيل بحسب إفادة الموظف حسن بالقول: (والله بعد كدى إلا تمشوا الوسائط، ما عندي حاجة أعملها إلا أبلِّغ رئيس النيابة).
(6)
الجدير بالذكر أن الشاكين الثلاثة ذكروا في حيثيات بلاغاتهم للنيابة أن مدير إدارة التحصيل الموحد أمرهم بالإيقاف عن العمل وأخبرهم شفاهة بأن قراراً صدر بوقف العمل بالأمر المحلي للتحصيل. وأبلغوه بأن المدير التنفيذي هو المسؤول عنهم وهم يتبعون له إدارياً، وسيوقفون العمل بالأمر المحلي حال أبلغهم المدير التنفيذي بذلك، لكن مدير إدارة التحصيل مزق الإيصالات المالية التي كانت بعهدتهم وتحتوي على مبالغ مالية، واتهمهم بأنهم حرامية، وأحضر لهم قوة عسكرية بقيادة مقدم بجهاز الأمن على متن تاتشر حسب إفاداتهم للنيابة.
القوة الأمنية وجدت أحدهم وألقت القبض عليه، وذهبت إلى المحلية وألقت القبض على المدير التنفيذي بعد نقاش ومشاهدة كلامية مع القوة، لكن أعيد المدير التنفيذي فوراً إلى عمله مع الاعتذار له بعد تدخل نائب مدير الجهاز حسب إفادة بعض المصادر.
(7)
أعود وأقول حتى لو كان الموظفون مخطئين في أمر ما، كان القانون واللوائح والضوابط الإدارية أولى بحسم كل ذلك دون اللجوء لتمزيق الإيصالات والإساءة وإحضار القوة الأمنية على متن تاتشر لموظفين . ولو معالجة الموضوع وفق القانون لما احتاج الكبار إلى تجاوز القانون والإساءة إلى مؤسسات الدولة التي يمثلونها من خلال مؤسساتهم.
هذه رسالة للسيد الوالي.. المطلوب منك الآن التدخل من أجل الانتصار لقيم الحق وتعزيز القانون حتى لا يفقد الناس الثقة إلى الأبد في هذه المؤسسات. فأنت المسؤول من كل الإدارات في ولايتك، والأجدر بك أن ترسخ للقانون ولو على نفسك…وتذكر :(وأيم الله لو سرقت فاطمة…). اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.