نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أدلة مدعومة بمقاطع فيديو، جمعها فريق التحقيقات المرئية التابع لها، توثق فظائع قالت إن قوات الدعم السريع ارتكبتها في السودان خلال عام ونيف منذ اندلاع الحرب بينها وبين الجيش السوداني في 15 أبريل/نيسان 2023.
وتكشف الأدلة المرئية التي جمعتها الصحيفة الأميركية وحللتها على مدى أشهر، هويات قادة قوات الدعم السريع الذين كان جنودهم يرتكبون “فظائع” تحت أنظارهم في جميع أنحاء السودان. وقالت إن هذا التحقيق الاستقصائي الموثق بلقطات مصورة، أتاح لها تحديد 10 من قادة مليشيا الدعم السريع أثناء إشرافهم على جرائم حرب محتملة وتحديد مواقع العديد من مسارح عملياتهم الأخرى، منوهة إلى أن قائدهم الأعلى الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، هو الذي قد يتحمل المسؤولية الكاملة.
وأضافت أن السودان ينوء تحت وطأة حرب أهلية وحشية يتنازع طرفاها السيطرة على البلاد، حيث طُرد 11 مليون شخص من ديارهم، وقُتل عشرات الآلاف. ومع أن الأمم المتحدة اتهمت الجانبين بارتكاب انتهاكات، فإن التحقيق الاستقصائي الذي أجرته نيويورك تايمز على مدى 6 أشهر، أظهر أن مليشيا الدعم السريع ترتكب “فظائع ممنهجة في كل ربوع السودان، بما في ذلك التطهير العرقي الذي تنفذه في الغالب تحت أنظار قادتها”.
ومن خلال تحليل العشرات من مقاطع الفيديو الدعائية المعدّة بمهارة والتي تروِّج لقادة المليشيا شبه العسكرية بأنهم أناس محبون لعمل الخير، قام فريق التحقيقات المرئية بالصحيفة بتحديد هيكلية القيادة التي تضم ما لا يقل عن 20 شخصية رئيسية والمناطق التي يعملون فيها. ووفقا للتحقيق الاستقصائي، فإن مقاتلي قوات الدعم السريع، الذين يخضعون لإمرة هؤلاء القادة، غالبا ما يصورون الفظائع التي يرتكبونها بأنفسهم، وهي أدلة قد تُعرِّض الجناة للمحاسبة يوما ما.
ولهذا السبب، تقول الصحيفة إنها تعاونت مع باحثين في مشروع “سودان ويتنس” (Sudan Witness Project) -الذي يديره “مركز مرونة المعلومات”، وهو منظمة غير ربحية مقرها المملكة المتحدة- لجمع مقاطع الفيديو هذه أثناء تحرك قوات الدعم السريع عبر السودان. كما قامت بتحليل دوي الطلقات النارية والصور التي التقطتها الأقمار الصناعية، وأجرى فريق التحقيقات المرئية مقابلة مع أحد قادة الدعم السريع في جبهة القتال.وتحدثت نيويورك تايمز أيضا إلى شهود عيان على الحرب من خلال الشراكة مع “شبكة عاين”، وهي مجموعة من المراسلين الذين يعملون في السودان دون الكشف عن هوياتهم.
وبجمع كل تلك الأدلة، استطاع فريق الصحيفة الأميركية أن يتتبع الخطط التي تنتهجها قوات الدعم السريع في تنفيذ عملياتها “الإرهابية” في العديد من الولايات، وتحديد أماكن وجود قادتها في مواقع ارتكابها جرائمها أو بالقرب منها.
وأشارت الصحيفة إلى أنها وثقت 3 أنماط عامة من الانتهاكات، مثل إعدام الأسرى العزل، وإحراق المجتمعات المحلية عمدا، والاعتداء المباشر على المدنيين، بما في ذلك العنف الجنسي. ولاحظت أن مقاتلي الدعم السريع يمكن التعرف عليهم من خلال زيهم الرسمي الذي يتميز بتمويه خفيف، وعمائمهم المعروفة باسم الكدمول، مشيرة إلى أن فريقها من الصحفيين الاستقصائيين كثيرا ما كانوا يسمعونهم وهم يستخدمون لغة “تطهير عرقي”.