لعل اكبر خسارة دبلوماسية مني بها السودان في أعقاب انقلاب 25 أكتوبر هي تعليق عضوية السودان في الاتحاد الافريقي و حرمانه من المشاركه في الدورات العادية للاتحاد و لم يكن ذلك مفاجئا لاحد٠٠٠فمنذ تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، تم حرمانه من المشاركة فى اى فعالية ينظمها الاتحاد الأفريقي أو تتم الدعوة للاتحاد للمشاركة في اي محفل دولي أو إقليمية٠٠٠و ذلك في أعقاب انقلاب ٢٥ اكتوبر من العام الماضي ..
كما أن سلطة الأمر الواقع قد قطعت شعرة معاوية بإعلانها الانسحاب من مجموعة دول الايقاد…فالسودان لم يكن فقط عضوا فيها ، بل هو من المؤسسين لها في ثمانينات القرن الماضي.. مثلما كان السودان من المؤسسين الاوائل لمنظمة الوحدة الأفريقية في ستينات القرن الماضي ،قبل أن تسمي فيما بعد الاتحاد الافريقي…
حرم السودان من المشاركة في ثلاث مؤتمرات قمة أفريقية.. الدورة 35 التي أعقبت إنقلاب اكتوبر ، و الدورة 36 و الدورة 37 للاتحاد الافريقي..
و ما برح مستمرا مسلسل حرمان السودان من المشاركة في القمة الأفريقية و اي محفل دولي أو إقليمي ينعقد إما علي مستوي القمة الأفريقية أو أي محفل دولي أو إقليمي ينعقد بمشاركة أو بمبادرة من الاتحاد الافريقي أو منظمة الايقاد بعد إعلان السودان الانسحاب منها..
و لعل قمة الفرنكوفونية التي انعقدت في أكتوبر الماضي في باريس اخر الحلقات في مسلسل عزلة عن محيطه الإفريقي و الدولي.
. و قد اكتملت هذه الحلقة من العزلة الدولية والإقليمية بتعليق مجموعة البنك الدولي و بنك التنمية الافريقي تعاونه مع السودان،، فضلا عن تعليق مساء إعفاء ديون السودان في إطار مبادرة الهيبيك و نادي باريس.. و هذا سيكون ان شاء الله موضوع الحلقة القادمة من المقال.
انعقد في أكتوبر الماضي بباريس مؤتمر القمة التاسع عشر لمنظمة الدول الفرنكوفونية التي يشارك فيها السودان و عدد من الدول الأخرى بصفة مراقب. اذ تحتكر العضوية الكاملة في المنظمة الدول الأفريقية الناطقة باللغة الفرنسيه..
و هذا المؤتمر الذي يمثل أعلى هيئة في المنظمة الدولية للفرنكوفونية استصافته فرنسا لأول مرة منذ ثلاث و عشرين سنة في باريس في شهر أكتوبر الماضي ..اذ ظل دولا بين الدول الإفريقية منذ ذلك التاريخ.
و هو آخر تجمع جمع دولا أفريقية مع احدي دول الغرب الصناعية.. و لم تتم دعوة السودان نسبة لان فرنسا لا تعترف بالحكومة السودانية كغيرها من دول المعسكر الغربي منذ انقلاب اكتوبر 2021..
و بكل اسف حرم السودان بسبب الإنقلاب من عدة قمم اقتصادية جمعت الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي مع دول صناعية و اقتصادية كبري،، تعني ب التنمية المستدامة و محاربة الفقر و الاستثمار و ريادة الأعمال و الاستثمارات في الدول الإفريقية.
و قد كان حرمان السودان من هذه الفعاليات المشتركة مع الاتحاد الافريقي اهم انتكاسة في مكتسبات الثورة.. بدأت بتعليق عضوية السودان في الاتحاد الافريقي.. و بكل اسف قطعت الحكومة السودانية شعرة معاوية في التعاون مع المجتمع الدولي بانسحابها من منظمة الايقاد.. هذه المنظمة الإقليمية التي لعبت دورا هاما و إيجابيا في مسيرة التحول الديمقراطي في السودان…
كان آخر هذه القمم التي سبقت قمة الفرنكوفونية،، قمة إيطاليا وإفريقيا.. و قد تلاحظ خلو الإعلام السوداني عن أي إشارة لها…
لم يشارك السودان في هذه القمة التي انعقدت خلال الفترة 28___ 29 يناير الماضي بروما . و حضر هذه القمة أكثر من عشرين دولة علي مستوي الرؤساء و ممثلون آخرون لبقية دول افريقيا ما خلا تلك الدول التي شهدت انقلابات عسكرية….كما حضرها الاتحاد الأوروبي و الاتحاد الافريقي و ممثلون لمجموعة البنك الدولي و البنك الافريقي و شركاء التنمية و عدد ما مؤسسات القطاع الخاص الأوروبية…
اهم أجندة تلك القمة الانقلابات العسكرية و النزاعات المسلحة و الهجرة غير الشرعية و التنمية المستدامة بالتركيز علي الطاقة و خاصة الغاز و الطاقة المتجددة و الامن الغزالي…
و لعل السودان الغائب أكثر الدول الحضور حظا في النهوض بكل هذه المجالات في إطار التعاون الندي المشترك القائم علي نبدأ Win Win approach..لكن الانقلاب و الحرب الجارية فيه حرمته من التبشير بكل هذه الموارد الطبيعية الكامنة …و التي يمكن أن تساهم في حل مشاكل الطاقة و الأمن الغذائي و الحد من تدفق الهجرة غير الشرعية نحو الفضاء الأوروبي…
اهم مخرجات قمة ايطاليا أفريقيا اطلاق رئيسة وزراء ايطاليا ميلوني لما اسمتها بخطة ماتي، تيمنا بمؤسس اول شركة إيطالية للطاقة شركة ايني في الاربعينات و الخمسينات…و لعل المسمى هذا لم يكن من فراغ و هو يخص مبادرة تهدف إلي التعاون المشترك بين ايطاليا أفريقيا ،فضلا عن الاتحاد الأوروبي. .فلا غرو فقد ركزت ميلوني زعيمة الحزب اليمني المتطرف في مبادرة خطة ماتي للتنمية و التعاون المشترك ،و ذلك تذكيرا لقادة القارة بتضامن ماتي مع القارة الأفريقية و مناهضته الاستعمار و الاستغلال غير العادل من قبل المستعمر لموارد القارة الأفريقية.
المبادرة الإيطالية تهدف إلى تخصيص 5.5 مليار يورو لخطتها المقترحة للتنمية الإفريقية على مدى السنوات الخمس إلى السبع المقبلة من خلال الجمع بين ملفات التعاون الإيطالية وصندوق تغير المناخ الخاص بالبلاد،و من هنا جاءت رمزية تسمية المبادرة الايطالة (( بخطة ماتي))
هي بمثابة تكريم لانريكو ماتي المؤسس لشركة إيني النفطية المملوكة للدولة في ايطاليا..
و لعل التاريخ يعيد نفسه، مع الحكم العسكري في السودان ٠٠٠ففي عام ٢٠١٠ إبان ولاية الرئيس الفرنسي ساركوزي، لم تقدم فرنسا الدعوة للبشير للمشاركة في القمة الفرنسية الأفريقية في مدينة نيس، و التي كان من المفترض ان تنعقد في شرم الشيخ الا ان مصر اعتذرت نسبة لحرمان السودان من القمة بسبب مذكرة التوقيف الدولية في حق البشير ٠٠
مثلما لم تقدم الدعوة للبرهان في مؤتمر القمة الفرنسي الأفريقي المنعقد في مدينة مونبلييه الفرنسية في أكتوبر عام ٢٠٢١ ٠٠٠٠
كذلك الحال بالنسبة للقمة الأوروبية الأفريقية، و كما غاب السودان ابان نظام الإنقاذ البائد من هذه القمة التي انعقدت في أبيدجان عام ٢٠١٧،
لم تتم الدعوة للسودان للمشاركة في القمة السادسة المنعقدة في بروكسل في فبراير ٢٠٢٢ حيث
اطلقت الدول ال ٢٧ الأعضاء في الاتحاد الأوروبي استراتيجيتها العالمية للاستثمارات و التي لا تقل عن ١٥٠ مليار دولار علي سبع سنوات للمساعدة في المشاريع التي يريدها الأفارقة٠٠ وضع الاتحاد الأوروبي ونظيره الأفريقي أسس “شراكة متجددة” مع مساعدة لإنتاج لقاحات ضد كوفيد في أفريقيا واستراتيجية استثمارات بقيمة 150 مليار يورو للتصدي للنفوذ الروسي والصيني.
و بالمثل مثلما حرم السودان من المشاركة في اول قمة أمريكية أفريقية في أغسطس عام ٢٠١٤، في عهد الرئيس أوباما .
غاب السودان عن القمة الأمريكية الإفريقية ديسمبر ٢٠٢٢ في واشنطن بدعوة من الرئيس بايدن ٠٠الذي صرح بأن القمة تساعد في تعزيز الشراكة الاقتصادية الجديدة و تؤكد على اهتمام العلاقات مع أفريقيا و زيادة التعاون بشأن الأولويات العالمية المشتركة ٠
كما سجل السودان غيابا ابان الدورة 14 لقمة الأعمال الأمريكية الإفريقية والتي انعقدت من يوم يوليو ٢٠٢٢ بمراكش المغربية حيث تركزت المباحثات حول تعزيز العلاقات الصناعية والتجارية والاستثمارات بين إفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وتميزت هذه القمة بمشاركة مسؤولين كبار في الحكومة الأمريكية، ومسؤولين من 50 بلد إفريقي، بينهم 6 وزراء خارجية وأزيد من 20 وزير إفريقي من مختلف القطاعات الحكومية، والوكالات الحكومية الأمريكية والإفريقية، وصناديق الاستثمار والتقاعد، والمنظمات الدولية والإقليمية.
وبلغ العدد الإجمالي للمشاركين في هذه القمة 1500 مشارك، يمثل القطاع الخاص الأمريكي والإفريقي نسبة 80 % من بينهم، كما شكلت النساء 40 % من العدد الإجمالي للمشاركين. وتوزعت أشغال المؤتمر على 37 جلسة عالجت قضايا السيادة الصحية والغذائية، والابتكار، والتكنولوجيات الجديدة، والطاقات المتجددة والتقليدية والبنيات التحتية. وتمت تغطية هذا الحدث من قِبَلِ أكثر من 200 صحافي يمثلون مختلف وسائل الإعلام الأمريكية والإفريقية.
ومن بين نتائج هذه القمة، التي شاركت فيها 450 فاعل اقتصادي أمريكي بينهم فايزر وفيزا وبروكتر أند غامبل وشيفرون وكوكا كولا وغوغل بالإضافة إلى مجموعات إفريقيا كبرى، كونها أسفرت عن ربط 5000 اتصال أعمال وتوقيع العديد من الاتفاقيات التجارية بين الفاعلين الاقتصاديين المشاركين في القمة. و لعلها كانت فرصة طيبة للتبشير بآفاق الاستثمار في السودان مشاركة فاعلة للقطاع الخاص، و لكن انقلاب ٢٥ اكتوبر هو الذي حال دون ذلك ٠٠
و تواصل غياب السودان من المحافل الدولية و الإقليمية، و كأن التاريخ يعيد نفسه كما سلف القول، فمثلما غاب في عهد الإنقاذ عن القمة الفرنكوفونية٠٠٠ و التي ظل السودان يشارك فيها بصفة مراقب ٠٠لم تتم دعوة السودان للمشاركة في هذه القمة التي انعقدت في جزيرة جربة التونسية في ١٩ نوفمبر عام ٢٠٢٢ ٠
و لعلها كانت فرصة طيبة للتبشير بآفاق الاستثمار في السودان مشاركة فاعلة للقطاع الخاص، و لكن انقلاب ٢٥ اكتوبر هو الذي حال دون ذلك
و تواصل غياب السودان من المحافل الدولية و الإقليمية،
فقد غاب عن قمة الغذاء الغذاء الأفريقية الثانية التي انعقدت في السنغال في ٢٧ يناير ٢٠٢٣ و التي التزم ابانها شركاء التنمية على تخصيص 30 مليار دولار من أجل دعم عزم القارة على تعزيز الإنتاجية الزراعية وتصبح سلة غذاء للعالم. ومن بين الشركاء المانحين في التنمية، البنك الأفريقي للتنمية الذي يعتزم المساهمة بمبلغ 10 مليارات دولار على مدى خمس سنوات، والبنك الإسلامي للتنمية الذي يعتزم تقديم 5 مليارات دولار. فمن يا تري من بين الدول المشاركة في هذه القمة أكثر قدرة علي المساهمة في درء ازمة35 الغذاء العالمية من السودان!!!؟؟؟؟؟؟
و بكل أسف، غاب السودان عن قمة طوكيو للتنمية الدولية تيكاد التي انعقدت في تونس في أغسطس ٢٠٢٢، بمشاركة مسؤولين ورجال أعمال ومنظمات دولية وقادة من 48 دولة.
الرئيس التونسي قيس سعيد قال في خطابه امام الحضور أن ((واجبنا اليوم أن ننظر في الأسباب الحقيقية التي أدّت لهذه الأوضاع لقارّتنا المليئة بالخيرات والتي من المفارقات أن مؤشرات الفقر والبؤس فيها متفاقمة)) ٠٠٠٠
بدوره، أعلن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في كلمة عن بعد خلال فعاليات القمة، أن ((القطاع العام والخاص في اليابان سيعمل على تقديم دعم للدول الإفريقية حوالي 30 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة)) يهتم هذا الدعم بمجالات عدة من بينها النمو الأخضر والصحة والتعليم والموارد البشرية والزراعة والتشجيع على الاستثمار خاصة بالنسبة للشركات الناشئة ٠٠
قمة “تيكاد” ملتقى متعدد الأطراف يضم اليابان والبلدان الإفريقية والمنظمات الدولية، والبلدان الشريكة في التنمية والمؤسسات، حيث تم خلاله هذه القمة عرض 82 مشروعًا بقيمة تبلغ 2.7 مليار دولار.
ويشارك بالقمة 300 رجل أعمال، 100 منهم من اليابان يمثلون أكبر 50 مؤسسة اقتصادية يابانية وعالمية، و100 رجل أعمال أفارقة،
ومن بين المشاركين أيضا وفود عن البنك الإفريقي للتنمية ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدّولي والاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة.
ومنذ 1993، بادرت اليابان بتنظيم مؤتمر “تيكاد” بهدف تسريع الحوار السياسي بين مختلف القادة الأفارقة وشركاء التنمية، حول التحديات التي تجابه القارة٠
و ينبغي على الحكومات القادمة الاتصال عبر القنوات الدبلوماسية بغية حصول السودان كعضو في الاتحاد الافريقي و تربطه علاقات دبلوماسية مع دول الاتحاد الأوروبي و غيرها علي استحقاقاته في إطار هذه المحافل الدولية والإقليمية….