(1)
يتسأل الرأي العام في ولاية سنار عن نتيجة البلاغ “2386” الذي تم تدوينه بنيابة الحواتة في مواجهة مسؤولين متهمين تحت (4) مواد تشير إلى خيانة الأمانة “177” واستلام مال مسروق “181” والتستر على الجاني “89” والاشتراك الجنائي”21″ ، وهي ما عُرفت عند الرأي العام بقضية “سرقة الإغاثة”..
من جانبنا تتبعنا سير البلاغ مع الشاكي المجاهد مساعد شرطة حسين الياس، لكننا تفاجأنا بأمر غريب جداً يُعتبر في القانون تأثير على سير الإجراءات والعدالة ..
قبل ما يقارب الشهر أصدر مولانا صديق أحمد النور رئيس النيابات بالقضارف، قراراً بإحالة ملف القضية إلى نيابة جرائم المال العام واستكمال التحريات مع المتهمين والتحري مع المدير التنفيذي لمحلية الحواتة..
لكن للأسف لم يحدث شيء من هذا، لقد ضُرب بقرارات رئيس النيابات عرض الحائط..
وأخذ السيد المتحري مساعد شرطة محي الدين جمعة آدم الملف وجعله حبيس الأدراج ولم يستجوب أحداً ولم يستكمل إجراءاً مع أحد، ولم يستجوب المدير التنفيذي حتى لحظة كتابة هذه السطور ، حسب ما أفاد هو بنفسه الشاكي الذي اتصل عليه يسأله عن سير الإجراءات التي كان يمكن أن تنتهي قبل عشرين يوماً على أقل تقدير، وحجة المتحري في ذلك بحسب إفادة الشاكي أنه لم يجد وسيلة للسفر إلى القضارف..!!!
ولما سأله الشاكي: طيب ليه ما استجوبت المدير التنفيذي وهو بالقرب منك، أفاد بأن احد الضباط قال له :(خليه كدى ساي)…!!!.
(2)
المتحري للأسف لم يقم بواجبه ولم يستكمل الإجراءات حسب قرار رئيس النيابات والتي بدأت في الحواتة واصدر فيها وكيل اول النيابة مولانا أحمد محمد صالح قرارات حاسمة وهي: حبس المتهمين ، وتفتيش منازلهم وتوجيه تهم (خيانة الأمانة، استلام مال مسروق، التستر على الجاني، والاشتراك الجنائي) تحت المواد 181،177،89،21
(3)
التأثير على سير العدالة والإجراءات هذا كله جانب ، ولكن هناك جانب آخر في تقديري الأخطر ،وهو رغم ان المسؤولين السبعة متهمين بتلك التهم الخطيرة إلا أنهم لايزالون مستمرين في وظائفهم ..بل اُسنِد لبعضهم أعباء إدارية جديدة بما يشبه “الترقية” والرضاء عنهم، أليس هذا تحفيز لأي متهم منهم، أوليس في هذا ذبح للعدالة وتوسيع لهوة عدم الثقة في منظومة العدل …
صحيح ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته ، ولكن في حالة هؤلاء المتهمين الموظفين والمسؤولين بالدولة الأمر يختلف..مثلاً المتهم “الرشيد الطاهر” الذي يقوم حالياً بأعباء مدير تنفيذي محلية الدندر، كان يجب على والي سنار أن يوقف المتهم عن العمل إلى حين إظهار براءته من التهم التي وجهتها له نيابة الحواتة تحت المواد الاربعة التي سبقت الإشارة إليها من القانون الجنائي لسنة 1991، وهي مواد خطيرة تتعلق بخيانة الأمانة واستلام مال مسروق..الخ.. كان بالضرورة أن يتقيد الوالي بالقانون ولا يجامل في ذلك..كان عليه أن يوقفه عن العمل إلى حين إظهار براءته…لأن هذا هو القانون وهكذا هي إجراءات النزاهة و الاستقامة في إدارة الحكم..
فإذا كانت حكومة سنار تخشى على سمعتها ، وتريد التمكين للعدالة وبسط سلطة القانون والابتعاد عن الشبهات وتأثير السلطة والنفوذ على العدالة كان يجب ألا تغفل موضوعاً خطيراً كهذا..ولو انكم يا سيادة الوالي تحسبونه هينٌ فهو عند الله عظيم لأنه ينطوي على ظلم الآخرين ويقدح في عدالة الدولة..ولا أظن الوالي تخفى عليه مثل هذه الابجديات القانونية في سلوك رجال الدولة وإدارة شئون الحكم..
وبالمناسبة ما يتعين على والي سنار فعله ،يتعين أيضاً على والي القضارف فعله باعتبار أن مدير تنفيذي محلية الحواتة يتبع له، وهو الذي اُلحق إلى البلاغ ومطلوب الآن التحري معه..
(3)
الإجراء القانوني الصحيح طالما أن هناك مسؤول متهم – أي مسؤول – تحت مواد خطيرة كهذه تقدح في ذمة المسؤول يقع على عاتق الجهة المسؤولة عنه إيقافه عن العمل فوراً، ورفع حصانته لتمكين العدالة، فإذا ظهرت براءته يعود إلى عمله مرفوع الرأس ويستمتع ببراءته ويفخر بها قبل أن يتم استئناف القرار حتى يبلغ كل مراحل التقاضي وعندها له الحق في أن يطالب برد شرف بعد المحكمة العليا طبعاً..
هذا هو سلوك الدولة واخلاقياتها،
أم أن القانون تم تفصيله للضعفاء والمغضوب عليهم والمعذبين في الأرض وحسب..
(4)
نأمل أن يعيد السيد والي سنار، وكذلك السيد والي القضارف النظر في الأمر ويراجع كل واحد منهما نفسه ويعود إلى الصواب والحق، فالحق أحق أن يُتبع والرجوع إلى الحق فضيلة.. والحق ضالة المؤمن كما الحكمة …
أعود وأقول أن “الرشيد” أخ كريم وبيننا وبينه معرفة وعُشرة لن نحاكمه بأسنِّةِ الأقلام فهو عندنا بريء حتى تثبت إدانته كما زملائه المتهمين ايضاً، ولكن نقول الحق ولو على أنفسنا، ونقول لوالي سنار اوقفه عن العمل حتى تظهر براءته ولاتعاند ولاتكابر، والشيء نفسه نقوله لوالي القضارف، فهذا هو الحق إن كنتما تريدانه ، وإن كنتما تريدان الهوى فاصنعا ماشئتما فعند الله تجتمع الخصوم…
اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.