في صالة الوصول في مطار الخرطوم وجه كثيري أول الوجوه التي نلتقي بها…..بِشْر و ترحاب، روح مرحة و طرفة حاضرة و سعي في خدمة الناس، من غير منٍّ ولا أذى، من غير جزاءٍ ولا شكورٍ .
هو ذاته كثيري، ضابط الطيران المدني، يهرول مستقبلاً لي في صالة الوصول، و حين سفر يهرول مودعاً في صالة المغادرة يلوِّح بيده “ما تطولي الغيبة” …إنه كثيري؛ رجل مسكون بالخير والمحبة و الإلفة النبيلة .
في رمضان الحرب انضم لمبادرتي (فاطرين معاكم) لتوزيع وجبة إفطار رمضان الكريم و مياه صحية وتمر، كنا نسابق الخطى قبيل أذان المغرب لتوزيع وجبات الإفطار على الصائمين .
وزعناها في المستشفيات للمرضى والمرافقين و الأطقم الطبية و عمال النظافة ورجال المرور والشرطة في التقاطعات ودار المسنين و أطفال المايقوما و مصابي الثورة وعمال المطار و أسر الشهداء وجنودنا في الفشقة وغيرهم الكثير من الفئات.
كان كثيري حاضراً يهرول عقب إكمال دوامه للمساعدة في تجهيز الوجبة و يقول “دعوني ألقِّط بعض الأجر والحسنات من إفطار صائم”.
جمعني به منذ ثسع سنوات قروب (نحن في المريخ إخوة)… فكان حاضراً مسالماً ينشر الضحكة و يتغاضى عن زلات الألسن هنا و هناك، و حين تكون للمريخ مباراة مصيرية و التوتر سيد الموقف و الأعصاب مشدودة يكتب كثيري في القروب (في شنو ياجماعة؟ الليلة في كورة ..؟ اللاعب منو …؟)
يحاول تلطيف الأجواء و إزالة الاحتقانات بين أعضاء القروب والتي تكثر حينَ هزيمةٍ، و تتلاشى عند نصرٍ؛ فهم في المريخ إخوة.
قبل أسبوع وجدت رسالة من زوجة كثيري وهو في العناية المركزة تخبرني أنه يسأل عني و أنها متى ما سمح بزيارته ستتيح لي أن أحدثه عبر الهاتف.
تواصل معي أيضاً ابنه هاشم الذي يجلس عند قدميْ والده متابعاً حالته الصحية …لقد علمت الآن لماذا كان كثيري دوماً يحدثني عن هاشم؛ لنِعم الأبن ولنِعم البرّ …
كثيري يرقد الآن في وضع صحي غير مطمئن بالقاهرة بعد أن مكث كثيراً في العناية المركزة حيث تعرض لجلطة وتسمم في الدم وخضع لغسيل للكُلى .
هذا البوست رسالة لجماهير المريخ، لموظفي مطار الخرطوم، للمغتربين في دول المجهر الذين يستقبلهم و يودعهم كثيري بكل الدفء والمحبة أنْ دعواتكم له …يحتاج كثيري للكثير من الدعاء و الأكف المتضرعة أن يسبغ الله عليه من ثياب الرحمة والصحة والعافية وأن يعافيه و يزيل ما به من ألم و وجع، إنه سميع مجيب الدعاء.
خارج السور:
كثيري
منتظرنك و منتظرين صالة الوصول في مطار الخرطوم …و… بطاقات دعوة الرجعة