أوَ تذكرون إحالة ضُباط الشُرطة ..؟ أتذكرون ما حدث لمئات الضُباط الأكفاء الذين وجدوا نفسهم بين ليلة وضُحاها خارج هيكل الشُرطة .. أوَ تذكرون تهرُّب قيادة الشرطة حينها ونُكرانها التام لإستخراج هذا الكشف، لقد كانت مجزرة حقيقية في تاريخ قيادة الشُرطة .
كُنت متابعاً لهذه القضية التي شغلت الرأي العام وبدأت مرحلة التقاضي التي إنتصرت فيها العدالة عبر سلسلة من المُرافعات التي أشرف عليها محاميين أكفاء وأثبت القضاء نزاهته وشجاعته برغم البروقراطية التي تعيش فيها الدولة وبرغم الصعاب إلاّ أنَّ جميع درجات التقاضي كانت لصالح المفصولين تعسفياً .
بدأ الضُباط في مرحلة التقاضي عبر المحاكم المتخصصة حيث ألغت محكمة الطعون الإدارية بالمحكمة العليا في نوفمبر 2020 قرارات إنهاء خدمة ضباط الشرطة المُحالين للمعاش في كشف عام 2019م ، وأمرت وزارة الداخلية بإعادة الضباط المُحالين للمعاش للخدمة فوراً و قد تولّى الترافع عن الضباط حينها اللواء شرطة حقوقي د . الطيب عبدالجليل حسين والعقيد شرطة عبدالوهاب مكي .
واصل الضُباط مرحلة التقاضي وفي 30/8/2022 سلّمت المحكمة العليا وزارة الداخلية قراراً نهائياً بعودة ضُباط الشرطة المفصولين في العام 2020م وألزم القرار وزارة الداخلية بعودة الضُباط للعمل فوراً وصرف جميع مُستحقاتهم المالية وإعتبار المُدة التي قضوها خارج الخدمة مدة متصلة فيما أرسلت صورة من القرار للمجلس السيادي . تمّ التدرُج في الحكم بجميع مراحل التقاضي إلى أن صار حُكماً نهائياً واجب النفاذ ومع هذا لم تتخذ وزارة الداخلية الخطوات الإيجابية تُجاه التنفيذ مما دفعهم إلى رفع دعوى ضد الوزارة حيث أصدر مولانا طارق خليل عبد الحافظ قاضي المحكمة العليا قراراً تأريخياً تم بموجبه رفض كل الطلبات التي تقدمت بها هيئة المُستشارين الممثلين لوزارة الداخلية قبل أن يأمر بتنفيذ القرار وعودة الضُباط للخدمة فوراً مع صرف جميع إستحقاقاتهم المالية المستحقة وإعتبار المدة التي قضوها خارج الخدمة مدة متصلة كما ذكرنا آنفاً .. على ذات الصعيد وفي 20/9/2022 أصدر مولانا طارق خليل قاضي المحكمة الادارية قراراً بتغريم مدير عام الشُرطة وزير الداخلية الأسبق الفريق أول عنان حامد ، مبلغ 100 ألف جنيه يومياً على أن تُدفع من ماله الخاص يسري هذا الأمر لحين إعادة 199 من الضُباط المفصولين وأمرت المحكمة برفض الطلبات المقدمة من وزارة العدل ورئاسة الشُرطه المتصلة بوقف تنفيذ قرار إعادة الضباط .
لقد ظلّ وزير الداخلية اللواء م خليل باشا سايرين يعمل بصمت ومهنية بعيداً عن الإعلام ولقد بدأ سلسلة من الإصلاحات داخل وزارته ووحداتها المختلفة . وحسب معلوماتنا أنه بدأ منذ وقت في تشكيل لجنة مختصة لإنصاف ضُباط الشُرطة الذين تمت التضحية بهم في الكشف الشهير .
أشرف الوزير سايرين بنفسه على الإصلاحات في إدارة الجمارك ومعتمدية اللاجئين وظلّ يعمل بصمت في ملف الضُباط المفصولين وهو ملف من دون الملفات التي تَشرف عليها وزارة الداخلية يحتاج إلى إرادة وعزيمة وشجاعة فتنفيذه حتماً يواجه ( جماعات المصالح ) التي دائماً ما تقف ضد المُصلِحين .. فَتحرُّك سايرين في جبر الضرر الذي لحق بهم أمر عظيم له أبعاده الإنسانية قبل القانونية والإحساس بمشاكل الآخرين من أخلاق ديننا الحنيف . فلقد أساء الوزير الأسبق عنان للقانون ورفضه القاطع لتنفيذ أمر المحكمة التي تُعتبر أعلى سُلطة في البلاد ولقد كَتبتٌ حينها عن مسلك عنان الذي يفتح الباب واسعاً أمام المسؤولين لعدم إحترام القانون .
نجاح الوزير سايرين في الملفات الثلاثة ما كانت لتتم لو لا عزيمته الصادقة في الإصلاح ووجود مُعاونين يتحلّون بالمهنية والهِمة العالية ومتابعة القرارات والمُوجّهات الوزارية وهنا يكمن النجاح أو الفشل .
إنصاف الضُباط سيكون إنجازاً كبيراً لوزير الداخلية في ظل أوضاع بالغة التعقيد تعيشها البلاد ..