إنَّ من أكبر الأخطاء التي وقعت فيها حكومة المؤتمر الوطني هي تكوين مليشيات الجنحويد وإضفاء الصبغة القانونية لها بإجازتها من البرلمان في 2017 وهذا الخطأ الفادح يدفع ثمنه عامة الشعب صغيرهم وكبيرهم نساءهم ورجالهم . ودفعت المؤسسة العسكرية الثمن غالياً بتمرد مليشيات الجنجويد التي أزهقت الأرواح وقتلت ونهبت وأغتصبت وإحتلت المدن وكل ذلك كان بخطأ ولكنه يختلف عن كل الأخطاء إنه ( مسمار نص ) في دولتنا التي أضحت مرتعاً للمليشيات العابرة للحدود والمرتزقة الأجانب وهلمجر من الخونة والمجرمين .
على الصعيد الشخصي لا أنكر دور حركات الكفاح المسلح في معركة الكرامة ولكنني أستغرب بشدة لماذا تقوم الحركات بالتجنيد ؟ هذا السؤال من الضرورة بمكان الإجابة عليه : ما الضرورة لفتح معسكرات وتجنيد مستمر ؟ بعد أن تم الإتفاف على دمج الحركات في الأجهزة النظامية في إتفاق جوبا ونسبة لسوء إدارة المرحلة الإنتقالية ثم أحداث 25 أكتوبر وتمرد الدعم السريع كلها مؤشرات ساهمت في عدم تنفيذ الإتفاق على أرض الواقع، وبعد أن خرجت الحركات من الحياد وأعلنت موقفها الوطني في معركة الكرامة إلاّ أنها فتحت معسكراتها للتجنيد وهنا يبرز السؤال : ما الضرورة لهذا الأمر ؟ ولماذا تسعى الحركات إلى تجنيد أعداد كبيرة جداً ؟ مَن الأولى بالتدريب والتجنيد الجيش أم الحركات ؟
مهما كانت الأسباب والدواعي يجب أن يكون الدعم السريع عبرة وعِظى فبدأ تمدده عبر التجنيد الواسع الذي إنتشر في جميع ولايات السودان ففي سنوات قليلة جداً فاقت أعداده أكثر من مائتي ألف جندي وهو رغم قياسي بأي حال من الأحوال . لا نُشكك في دور الحركات الوطني ومشاركتها للقوات المسلحة في المعارك المختلفة، كذلك دورها في مطاردة الجنجويد من فاشر السلطان ودحرهم في بقاع دارفور الطاهرة وإنتصارهم في المعارك والإستيلاء على الأسلحة الإماراتية ودورهم في المنطقة الشرقية كل ذلك محفوظ في سفر التأريخ ، ومع ذلك نأمل أن ينحصر التجنيد داخل القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى وهو الأمر السليم الذي يُجنّب البلاد الإنزلاق للهاوية السيحقة التي سعى لها المتمرد حميدتي .
على قيادة الجيش أن تحسم أمر التجنيد وأن يكون للمؤسسات النظامية فقط لحين تنفيذ عمليات الدمج بعد دحر المرتزقة والمليشيات . يجب إغلاق هذا الباب قبل فوات الأوان وأن تكتفي الحركات بالذين تم تجنيدهم وألا تُفتح معسكرات أُخرى ومن أراد الدخول التجنيد وحمل السلاح فأبواب الفرق والمناطق العسكرية مفتوحة لهذا الأمر .