الكتاب

نبض للوطن.. أحمد يوسف التاي: عطرون وصاحبه.. رجال دولة فوق الدولة

خاص صوت السودان

(1)

ليست هناك إساءة للدولة أكثر من إستخفاف مسؤوليها بقوانينها السائدة.. وليس هناك سلوكاً محرجاً للدولة أكثر من تجاوز كبار المسؤولين والدستوريين للقوانين ..

وبالطبع ليس هناك أسوأ على الإطلاق من إستخفاف واحتقار مسؤولي الدولة لقوانين الدولة..لأن القوانين التي ينبغي أن تحكم مسارهم وتضبط أداءهم هم الذين يحكمونها ويطوعونها لمصلحتهم، فهل ياترى هناك أسوأ من هذا السلوك؟!.

ولا شك أن الدولة التي تعجز عن إلزام مسؤوليها الكبار من وزراء ودستوريين ونحوهما بقوانينها ليست جديرة بالإحترام..

والدولة التي تنتفخ أوداجها وتغضب لتجاوز القوانين من قبل الشعب وتغض الطرف وتصمت عندما يكون التجاوز من قبل رجال الدولة لاتستحق تسميتها دولة لكونها تُدار بالشلليات وتحكمها مصالح الأفراد وتتحكم فيها الرغبات الشخصية..

(2)

أقول ذلك والدهشةُ مازالت تلفني وكذا الحيرة حيال صمت وزير العمل، وكذا وزير الحكم الاتحادي وموقفهما المريب تجاه معتمد اللاجئين موسى عطرون الذي رفض تنفيذ القرار الوزاري القاضي بإحالته للمعاش بحسب قانون المعاشات لبلوغه سن المعاش … والشيء نفسه ينطوي عليه أمر نائبه مجيب الرحمن محمد يعقوب الذي صدر قرار وزاري بحقه يقضي بإنهاء انتدابه بالمعتمدية وفقاً للقانون ، لكنه هو الآخر تحدى القانون والقرار الوزاري ..وضرب بهما عرض الحائط كما فعل رئيسه عطرون ويكاد أن يكون الأمر سلوكاً عادياً..فإذا استمر الأمر كذلك هل تستطيع الدولة أن تحيل أي شخص آخر للمعاش (بدون خجل)؟!.فإذا استمرت الدولة بالانتقائية في تطبيق القانون فهل هذا إلا فساداً منظماً..

(3)

ربما يكون الأمر أخف وطأة وأقل فضيحة عندما يحدث تجاوز للقوانين من قبل مواطنين بسطاء ربما لجهلهم بالقانون اوربما استخفافاً مرتبطاً بثقافة الفرد البسيط، ولكن عندما يتصل الأمر برجال الدولة ومسؤوليها بدافع الاطماع والمصالح الشخصية والأنانية والرغبة في جمع الأموال ولاسيما العملات الصعبة، فإن الأمر في هذه الحالة يعتبر كبير وخطير للغاية..

(4)

لكن دعونا نفترض أن الرجلين تجاوزا القانون واستخفا به وتحديا قوانين الدولة لعجزهما عن كبح جماح شهوتهما في جمع الدولارات وطَمِعا (وغشاهم إبليس)..لكن ما الذي يحمل وزارتي العمل والحكم الاتحادي على الصمت والإستهانة بقراراتهما؟ولماذا لم يصعدا هذا الأمر إلى الرئاسة..هذا الأمر الذي حسبوه هيناً وهو عند الله عظيم، لأنه ينطوي على ظلم للآخرين الذين استحقوا هذا الموقع بالقانون..وينطوي على هذا الصمت جور وحيف وعدم مراعاة لمبادي العدالة و استغلال للسلطة واحتماء بعلاقات سلطوية أو ربما استقواء بنفوذ سلطوي أكبر.

(5)

الأمر أيضاً يترتب عليه بُعد خطير للغاية ، وهو أن بعض المسؤولين في الوقت الحالي يستخفون بالقوانين ويحتقرونها ويتجاوزونها كما يفعل المتفلتون والمستهبلون والفوضويون لاعتقاد منهم أن الدولة الآن تعيش فراغاً دستورياً وأن الوضع القائم ليس شرعيا وبالتالي لاسيادة لقوانينه وهذا ماروج له تحديداً حميدتي في أكثر من خطاب، وحتما فإن مسلك الرجلين يرسخ لهذا الاعتقاد حتى يصير سلوكا لرجال الدولة دون أدنى حساسية، فشرعية الوضع من عدمه لا تبيح الفساد وتجاوز القوانين ولاتبرر الأخطاء خاصة وأنها قوانين سبقت الوضع الحالي وستستمر بعده إلا أن يتم تعديلها…اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك عي الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى