السفير الصادق المقلي يكتب: الدبلوماسية لأصلاح ما يفسده الحاكمون و ليس البصم علي ما يفعلوه
خاص صوت السودان
اهم الدروس المستقاة من واقعة قصف مقر سفير الإمارات،، ان الحكومة السودانية، ،تقرأ تماما من كتاب نظام الإنقاذ… وقع الحافر بالحافر.. أي السرعة و التسرع في استعداء الدول..
دول الجوار السوداني وحتى الإمارات نفسها، كل هذه الدول كانت تتمتع بعلاقات ممتازة عقب ثورة ديسمبر المجيدة و إبان ما اسميها بالموجة الأولى من الفتره الانتقالية و حكومة د.حمدوك…
لكن في اعقاب إنقلاب 25 أكتوبر 2021.. لم تكتف سلطة الانقلاب بخسارة مقعد السودان في الاتحاد الأفريقي الذي علق عضويته… و قد دفع السودان فاتورة هذا التعليق بأن تم حرمانه من الاستفاده من كافة الفعاليات ذات الطابع التجاري و التنموي و الاسثماري حيث لم تتم دعوته في هذه المحافل الدولية و علي وجه الخصوص تلك التي جمعت الدول الأفريقية في قمم مع للاتحاد الأوروبي.. الولايات المتحدة الأمريكية.. فرنسا.. إيطاليا و اليابان.. كل ذلك خلال الفتره التي اعقبت انقلاب 25 اكتوبر و من بعده هذه الحرب العبثية.
و قد عجبت لتصريح السيد وزير الخارجية الذي قال فيه:( إذا كان الاتحاد الأفريقي يريد تخفيف حالة الاحتقان في المنطقة والقرن الافريقي فعليه المبادرة برفع تجميد عضوية السودان).
مما يعني انه بمجرد رفع تعليق العضوية تلقائيا سينعم القرن الأفريقي و المنطقة بالأمن و الاستقرار!!
لا يخالجني شك في ان السيد الوزير يعلم جيدا سبب تعليق عضوية السودان في الاتحاد الافريقي… و هو ليس استثناء. فهناك اربع دول أفريقية حدثت فيها انقلابات عسكرية.. و أن رفع هذا التعليق رهين بإنهاء الإنقلاب و استعادة مسار التحول الديمقراطي في السودان..
لم تكتف الحكومة بالقطيعة مع كافة دول المعسكر الغربي. و كبري المؤسسات الدولية الماليه متعددة الأطراف و علي رأسها مجموعة البنك الدولي و بنك التنمية الافريقي.. .و التي كاتت كوبي بيست لعلاقة الإنقاذ مع المعسكر الغربي و بصفة خاصه الولايات المتحدة الأمريكية.. التي صنفت السودان ضمن الدول الراعية للارهاب.. الامر الذي القي بظلال سالبة لعلاقة السودان مع معظم دول العالم بسبب اشهار وشنطن لسيف العقوبات ضد اي دولة تكسر العقوبات الأمريكية علي السودان،، بما فيها المصارف العالمية .و عاني من عزلة دولية و إقليمية.. ما برح الشعب السوداني يسدد فاتورتها…
بل إن الحكومة استعدت معظم دول الجوار الافريقي.. فتراوحت العلاقه مع هذه الدول ما بين التوتر و الفتور.
و تشهد علاقات السودان حاليا توترا شديدا مع دولة الإمارات.. التي تتهمها الحكومه بدعم الدعم السريع عسكريا،، بل اتهمها مسؤول بأنها مشاركة في قتل السودانيين علي حد قوله. كما تقدم السودان بشكوى ضد الامارات في مجلس الامن.. شكوي ظلت حبيسة الادراج و لم يكن لها حتى اللحظة ما بعدها..
و الأن جاء اتهام الإمارات للجيش السوداني بقصف مقر سفيرها في الخرطوم لكي يلقي المزيد من الزيت علي نار توتر العلاقات بين البلدين… حيث وصفت ابو ظبي الحادث بأنه خرق لإتفاقية جنيف للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 و التي تلزم الدولة المضيفة بحماية المنشئات و الكادر العامل التابع للدولة المرسلة..
و قد استطاعت الإمارات تجيير تضامن دول الخليج كل علي حده و مجلس التعاون الخليجي بصورة جماعية… فضلا عن الاردن و مصر و اخيرا تشاد، مع ابو ظبي في هذا الاتهام،، حيث صدرت بيانات الادانة من قبل كل هذه الدول..
و لعل ما يلاحظ في اطار ادارة الدبلوماسية السودانية لهذا الملف.. انها قفزت فوق مرحلة مهمة و معهودة في العرف الدبلوماسي… اذا كان من المفروض أن تتخذ الحكومة السودانية… قبل ان تهرع لمجلس الأمن.. ان تتتخذ خطوات تتراوح ما بين استدعاء سفير الإمارات في الخارجية السودانية… و استدعاء سفير السودان من أبوظبي… بل تمشي خطوة ابعد من ذلك… قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات… خاصة و انها تتهم تلك الدولة بالدعم العسكري لمليشيا متمرده بل و تتهمها بالمشاركة في قتل السودانيين.. و لا ادري هل تنتظر الحكومه غزوا لبلادها من الإمارات حتي تتخذ هذه الخطوة المتعارف عليها في العلاقات الدبلوماسية..
هذا ما يدل على ان الدبلوماسية السودانية تدار بنهج رزق اليوم باليوم..
فوزارة الخارجية اصدرت بيانا تحدثت فيه (( عن عدوان الإمارات علي السودان و عن ضلوعها المباشر في كل ما يتعرض له الشعب السوداني من تقتيل و انتهاكات جسيمة)).
. فكيف لدولة تتهم بكل هذه الاتهامات الخطيرة و سفيرها و كادره غادر الخرطوم،،، و سفير السودان ما برح في العاصمه الإماراتية!!!
.
ثانيا لعل بيان الخارجية غير موفق حين ذكر ان مقر سفير الإمارات مملوك لمواطن سوداني.. في الوقت المفترض فيه أن الدبلوماسي الذي صاغ هذا البيان يدرك ان ليس من الضرورة ان تكن مقار السفراء و الدبلوماسيين في الدولة المضيفة مملوكة للدولة المرسلة. فغالب مقار سكن السفراء في الخرطوم مؤجرة من مواطنين سودانيين… و رغم ذلك فهي تتمتع بالحصانة وفق اتفاقية العلاقات الدبلوماسية لعام 1961…حتي و لو غادر السفراء العاصمة لمدينه اخري بسبب الظروف الأمنية كما هو الحال بالنسبه للسودان في الوقت الراهن..خاصة و ان كافة البعثات الدبلوماسية التي غادرت الخرطوم حذر الحرب احتفظت بعقاراتها المملوكة و المستأجرة.